واشنطن ولندن تقيسان الاستقرار في الاردن
جو 24 : jo24 - كتب د. حسن البراري - يبدو ان عدم قدرة الأردن الرسمي بكل مؤسساته لغاية الآن التعامل بشكل ايجابي ومقنع مع المطالب المشروعة للربيع الأردني وقدرة الحراك الاحتجاجي الاصلاحي الحفاظ على زخم معقول لأكثر من عام دفعا كل من لندن وواشنطن إلى محاولة التعرف على امكانية حفاظ الأردن على استقراره في عام 2012.
اللافت ان الاشخاص الذين يقومون برصد قدرة الأردن على الاستقرار هذه المرة هم باحثون واستراتيجيون غير رسميين لم يحاولوا لقاء المسؤولين الحكوميين مع أنهم متاحون ومستعدون للقاء أي وفد قادم من الغرب! واضح أن هناك ثمة أزمة ثقة بين الجهات البحثية الغربية المرتبطة بدوائر صنع القرار في بلادهم وبين الرسميين في الأردن إذا لا يثق هؤلاء الراصدون بما يقوله الرسميون عن ثلاثية الحراك والاصلاح والفساد.
ففي الأسبوع الماضي قدم وفد أميركي غير رسمي إلى عمان وتنقل بين المحافظات في محاولة منه للتعرف على سيناريوهات الاستقرار من عدمها. وقد قام الوفد بالاتصال بعدد من السياسيين والاكاديميين الاردنيين لمناقشة مسألة الإستقرار التي باتت ملحة حسب ما يرونه. حيث وجهت الاسئلة التالية : ما هو دور الإسلاميين في المستقبل المنظور، وهل سيحققوا نتائج انتخابية على غرار تونس ومصر، وهل تتوفر ارادة سياسية حقيقية للاصلاح ومكافحة الفساد، وهل سيحاكي الملك تجربة ملك المغرب، وهل سيكون عام 2012 العام الذي سيصل فيه الربيع العربي للأردن بشكل يفضي إلى تغيرات حقيقية وليست لفظية، وما هو تأثير اللاجئين السوريين على الأردن، وما هي امكانية أن يلعب الاردن دورا كقاعدة لدعم المعارضة السورية، وهل ستكون الاردن مساعدا لسوريا اليوم كما كان موقفها من العراق ومن الفلسطينيين، وما هي الاثار بعيدة المدى المترتبة على استعصاء عملية السلام في الشرق الاوسط؟
وعلى صعيد متصل تلقيت شخصيا دعوة للمشاركة في مؤتمر في لندن يعقده مركز دراسة المعارضة (Center for Opposition Studies) لبحث ذات الموضوع، وقد علمت من خلال رسالة الدعوة التي وجهت إلي بأن المركز حاور المسؤولين الرسميين في الديوان الملكي ولكنه بحاجة للتحقق من الرواية الرسمية. لذلك اجتمع المركز مع ممثلين من حركة الإخوان المسلمين في لندن في شهر كانون ثاني من هذا العام وهو بصدد تتنظيم ورشة عمل لدعوة محللين سياسيين واستراتيجيين مستقلين سأشارك بها في لندن. وعلى عكس الجانب الأميركي الذي يحاول تقصي الحقائق لغايات قراءة المشهد واستقراء المستقبل ، فإن الجانب البريطاني اظهر التزاما بتقديم وصفات للخروج من الازمة دون فوضى او اضطرابات ..
اللافت أنه عندما تحاور أي سياسي أو استراتيجي غربي قادم إلى عمان وتسأله عن رأيه بما يقوله المسؤولون الرسميون في بلدنا، يرفع ذاك القادم من وراء البحار حاجبية ويحرك فمه إلى اليسار أو اليمين في إشارة لعدم أخذ الرسميين على محمل الجد. بمعنى أن كثرة الزيارات الرسمية للولايات المتحدة لم تخلق انطباعا بأن الأمور تسير على ما يرام، لهذا يتكبد الاستراتيجيون الأميركان عناء السفر إلى الأردن لكي يتفحصوا بأنفسهم مقولات رسمية لا يبدو أنها تحظى بثقة الغرب.
في هذا السياق يمكن الحديث عن دراستين قدمتا لصناع القرار في عمان تفيدان بأن الحراك انتهى في عام 2012! طبعا تندرج الدراستان في خانة التفكير الرغائبي (wishful thinking) ولا يمكن فهمها إلا في سياق محاولات استرضاء الجهات التي تطربها هذه الخلاصات وتعزز تحليلاتها النظرية الافتراضية لما حدث ويحدث وهي خلاصات بعيدة كل البعد عن واقع الحال وتأتي في سياق ممارسة التضليل على صناع القرار، وهو النهج الذي تنباه مستشارون للملك لفترة طويلة ساهمت في خلق الأزمة وبالتالي تحول هؤلاء المستشارون إلى جزء من المشكلة وليسو جزءا من الحل. ففي كثير من لقاءات المسؤولين الأردنيين مع نظرائهم الغربيين، يقلل الاردنيون من أهمية الحراك على اعتبار أنه متعلق بأزمة اقتصادية لا أكثر ولا أقل. غير أن تقرير مجموعة الأزمات الدولية الأخير يسلط الضوء على التردد في الاصلاح كسبب رئيس لاستمرار الحراك. ويحاول تقرير مجموعة الأزمات الدولية التعرف على من يقف خلف الحراك، ويسأل لماذا الشرق أردنيون على وجه التحديد هم من يخوضوا نضالا طويلا من أجل الاصلاح والعدالة الاجتماعية؟ فلم تعد كل أنواع الفزاعات السابقة مقنعة للشرق أردنيين الذي يرى الكثير منهم أن مقدرات الدولة تتعرض لنهب ممنهج في غياب رغبة سياسية لمحاسبة الفاسدين ووضع التشريعات اللازمة لضمان عدم تكرار سيناريوهات النهب التي أفقرت البلاد والعباد.
واضح ان ، المشكلة مركبة، ففجوة الثقة التي تحدثنا عنها في غير مناسبة بين الدولة والمجتمع بدأت تطال المجتمع الدولي الذي هو الآخر يبعث بوفود غير رسمية لتقصي الحقائق تجنبا للحرج، ولكن القضية الاساسية هي جمع معلومات ورصد الاستقرار من خلال التحدث إلى الناشطين وعدد من المحللين السياسيين. يشكك الغربيون بقدرة الأردن على الاستمرار دون أن يتسبب ذلك في تهديد الاستقرار القائم إلا إذا تقدم بخطى ثابتة وسريعة نحو الاصلاح، فالإقليم يتغير بسرعة وبالتالي يخاطر الأردن الرسمي بافتراض أنه يمكن له تجنب التغيرات السياسية المطلوبة وتجنب التعرض لمخاطر عدم الاستقرار، ففي حال فشل الاردن في احداث التغييرات التي باتت معروفة فإن هزة ما ستعصف به- على حد تعبير معديّ تقرير الازمات الدولية.
اللافت ان الاشخاص الذين يقومون برصد قدرة الأردن على الاستقرار هذه المرة هم باحثون واستراتيجيون غير رسميين لم يحاولوا لقاء المسؤولين الحكوميين مع أنهم متاحون ومستعدون للقاء أي وفد قادم من الغرب! واضح أن هناك ثمة أزمة ثقة بين الجهات البحثية الغربية المرتبطة بدوائر صنع القرار في بلادهم وبين الرسميين في الأردن إذا لا يثق هؤلاء الراصدون بما يقوله الرسميون عن ثلاثية الحراك والاصلاح والفساد.
ففي الأسبوع الماضي قدم وفد أميركي غير رسمي إلى عمان وتنقل بين المحافظات في محاولة منه للتعرف على سيناريوهات الاستقرار من عدمها. وقد قام الوفد بالاتصال بعدد من السياسيين والاكاديميين الاردنيين لمناقشة مسألة الإستقرار التي باتت ملحة حسب ما يرونه. حيث وجهت الاسئلة التالية : ما هو دور الإسلاميين في المستقبل المنظور، وهل سيحققوا نتائج انتخابية على غرار تونس ومصر، وهل تتوفر ارادة سياسية حقيقية للاصلاح ومكافحة الفساد، وهل سيحاكي الملك تجربة ملك المغرب، وهل سيكون عام 2012 العام الذي سيصل فيه الربيع العربي للأردن بشكل يفضي إلى تغيرات حقيقية وليست لفظية، وما هو تأثير اللاجئين السوريين على الأردن، وما هي امكانية أن يلعب الاردن دورا كقاعدة لدعم المعارضة السورية، وهل ستكون الاردن مساعدا لسوريا اليوم كما كان موقفها من العراق ومن الفلسطينيين، وما هي الاثار بعيدة المدى المترتبة على استعصاء عملية السلام في الشرق الاوسط؟
وعلى صعيد متصل تلقيت شخصيا دعوة للمشاركة في مؤتمر في لندن يعقده مركز دراسة المعارضة (Center for Opposition Studies) لبحث ذات الموضوع، وقد علمت من خلال رسالة الدعوة التي وجهت إلي بأن المركز حاور المسؤولين الرسميين في الديوان الملكي ولكنه بحاجة للتحقق من الرواية الرسمية. لذلك اجتمع المركز مع ممثلين من حركة الإخوان المسلمين في لندن في شهر كانون ثاني من هذا العام وهو بصدد تتنظيم ورشة عمل لدعوة محللين سياسيين واستراتيجيين مستقلين سأشارك بها في لندن. وعلى عكس الجانب الأميركي الذي يحاول تقصي الحقائق لغايات قراءة المشهد واستقراء المستقبل ، فإن الجانب البريطاني اظهر التزاما بتقديم وصفات للخروج من الازمة دون فوضى او اضطرابات ..
اللافت أنه عندما تحاور أي سياسي أو استراتيجي غربي قادم إلى عمان وتسأله عن رأيه بما يقوله المسؤولون الرسميون في بلدنا، يرفع ذاك القادم من وراء البحار حاجبية ويحرك فمه إلى اليسار أو اليمين في إشارة لعدم أخذ الرسميين على محمل الجد. بمعنى أن كثرة الزيارات الرسمية للولايات المتحدة لم تخلق انطباعا بأن الأمور تسير على ما يرام، لهذا يتكبد الاستراتيجيون الأميركان عناء السفر إلى الأردن لكي يتفحصوا بأنفسهم مقولات رسمية لا يبدو أنها تحظى بثقة الغرب.
في هذا السياق يمكن الحديث عن دراستين قدمتا لصناع القرار في عمان تفيدان بأن الحراك انتهى في عام 2012! طبعا تندرج الدراستان في خانة التفكير الرغائبي (wishful thinking) ولا يمكن فهمها إلا في سياق محاولات استرضاء الجهات التي تطربها هذه الخلاصات وتعزز تحليلاتها النظرية الافتراضية لما حدث ويحدث وهي خلاصات بعيدة كل البعد عن واقع الحال وتأتي في سياق ممارسة التضليل على صناع القرار، وهو النهج الذي تنباه مستشارون للملك لفترة طويلة ساهمت في خلق الأزمة وبالتالي تحول هؤلاء المستشارون إلى جزء من المشكلة وليسو جزءا من الحل. ففي كثير من لقاءات المسؤولين الأردنيين مع نظرائهم الغربيين، يقلل الاردنيون من أهمية الحراك على اعتبار أنه متعلق بأزمة اقتصادية لا أكثر ولا أقل. غير أن تقرير مجموعة الأزمات الدولية الأخير يسلط الضوء على التردد في الاصلاح كسبب رئيس لاستمرار الحراك. ويحاول تقرير مجموعة الأزمات الدولية التعرف على من يقف خلف الحراك، ويسأل لماذا الشرق أردنيون على وجه التحديد هم من يخوضوا نضالا طويلا من أجل الاصلاح والعدالة الاجتماعية؟ فلم تعد كل أنواع الفزاعات السابقة مقنعة للشرق أردنيين الذي يرى الكثير منهم أن مقدرات الدولة تتعرض لنهب ممنهج في غياب رغبة سياسية لمحاسبة الفاسدين ووضع التشريعات اللازمة لضمان عدم تكرار سيناريوهات النهب التي أفقرت البلاد والعباد.
واضح ان ، المشكلة مركبة، ففجوة الثقة التي تحدثنا عنها في غير مناسبة بين الدولة والمجتمع بدأت تطال المجتمع الدولي الذي هو الآخر يبعث بوفود غير رسمية لتقصي الحقائق تجنبا للحرج، ولكن القضية الاساسية هي جمع معلومات ورصد الاستقرار من خلال التحدث إلى الناشطين وعدد من المحللين السياسيين. يشكك الغربيون بقدرة الأردن على الاستمرار دون أن يتسبب ذلك في تهديد الاستقرار القائم إلا إذا تقدم بخطى ثابتة وسريعة نحو الاصلاح، فالإقليم يتغير بسرعة وبالتالي يخاطر الأردن الرسمي بافتراض أنه يمكن له تجنب التغيرات السياسية المطلوبة وتجنب التعرض لمخاطر عدم الاستقرار، ففي حال فشل الاردن في احداث التغييرات التي باتت معروفة فإن هزة ما ستعصف به- على حد تعبير معديّ تقرير الازمات الدولية.