إذا لم تبعث هذه الرسالة لـ 10 أشخاص.. فلست منا!
مع حلول موسم الأعياد، تمطرنا رسائل المعايدة من كل حدب وصوب، فهل نتخيل ما يمكن أن تؤول إليه الأمور خلال عقد من الآن؟
في السابق، كان الجيران يتبادلون الحلوى التي خبزوها في أفرانهم أو في المخابز المجاورة، وكان الطبق العائد من بيت الجيران لا بد وأن ينافس الطبق الأصلي المتوجه إليهم في العيد.. فمن العيب أن نجاملهم فلا يجاملونا. وكانت ربات البيوت يتنافس فيما بينهن في وصفات الأكل والحلوى، ويتسامرن فيما بينهن حول آخر الصيحات في أصول الطبخ والوصفات وطرق التقديم.
وكان العيد بحق عيدا بلقاء الأقارب والأصدقاء والجيران، والزيارات التي ينتظرها الأطفال قبل الكبار، لما يحصلون عليه بدورهم من هدايا ونفحات مالية يبتاعون بها ألعابا ومفرقعات ويركبون بها الأراجيح في أسواق الأعياد الموسمية.
وكان للعيد صوت ولون ونكهة وبهجة، لذلك كنا نستعد له وننتظره، ونحس بتلك الطاقة السحرية في كل ما نلمسه حولنا.. الآن وبعدما أصبحنا نلمس شاشات الهواتف والساعات الذكية والحواسب اللوحية، وبعدما تدرجت ثورة المعلومات من رقمية عبر أسلاك إلى هوائية عبر الـ "واي فاي" والـ "بلوتوث"، وبعدما أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي هي المكان المفضل لنا جميعا، والذي نلتقي فيه بأصدقاء عمر أصبحوا يبعدون عنا آلاف الكيلومترات، ونشارك أفكارنا مع بشر لا حصر لهم ولا عدد، توارت تلك المشاعر الحميمة البسيطة التي كنا نحسها في السابق وراء ذلك السيل المستمر من المعلومات والأفكار والأحداث.. بل والمصائب والكوارث والحروب والصراعات.
ولم يتبق من الأعياد سوى أعدادلا تنتهي من مقاطع الفيديو الفكاهية، والساخرة، والمثيرة، والمرعبة، والمدهشة، ونماذج مكررة من معايدات مقولبة، يكفي لكي ترسلها أن تضغط على زر واحد، ولا يكتفي "صانع الحيلة" بذلك وإنما يذيل المعايدة بأن عليك أن ترسلها لعشر أشخاص، وإلا فتعيش بذنب "جاحد النعمة" وناكر للجميل، أو أنك بعبارة أخرى "لست منا"..
فهل تتجه أعيادنا وعلاقاتنا ومشاعرنا إلى أن تصبح مقتصرة على ضغط أزرار معينة بترتيب معين، كي نرسل أكبر عدد من المعايدات المكررة والمقولبة والباردة والخالية من المضمون والمشاعر لجميع من كان ذنبهم الوحيد الوجود في قائمة الأصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أو في دفتر التليفونات الذكي داخل هواتفنا الذكية؟
كل عام وأنتم بخير ..
محمد صالح