بعد استئناف ضخه من مصر.. هل يحتاج الأردن الغاز الإسرائيلي؟
جو 24 :
بعد طول انتظار، وقع الأردن ومصر في القاهرة الأحد الماضي رسميا اتفاقيات تزويد المملكة بنحو 50% من احتياجات النظام الكهربائي الأردني من الغاز الطبيعي المصري للعام الجاري.
الاتفاقيات التي وقعتها شركة الكهرباء الأردنية مع شركتي "أي غاز" المصرية و"فجر" الأردنية المصرية، تتضمن تعديلات على اتفاقيات بيع وشراء الغاز الطبيعي بين البلدين.
وتنص على كميات الغاز التي تصدرها مصر إلى الأردن، والتي تعادل نصف احتياجات النظام الكهربائي في المملكة، وفق تصريحات وزيرة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية هالة زواتي لصحف محلية.
وقالت الوزيرة عقب توقيع الاتفاقيات، إن باقي احتياجات النظام الكهربائي الأردني سيتم تلبيتها من خلال شركة "شل" العالمية التي تزود المملكة بالغاز المسال عبر ميناء العقبة، ومن مصادر الطاقة المحلية.
الغاز الإسرائيلي
غير أن صمت الوزيرة زواتي عن "اتفاقية الغاز الإسرائيلي" التي وقعتها شركة الكهرباء الأردنية وشركة نوبل إنيرجي الأميركية المطورة لحوض شرق البحر المتوسط في سبتمبر/أيلول 2016، والتي لا تزال بنودها طي الكتمان حتى اللحظة، فتح باب التندر على مصراعيه عن الحاجة الفعلية للغاز الإسرائيلي، خاصة مع استئناف ضخ الغاز المصري.
الاتفاقية المثيرة للجدل تنص على استيراد الغاز المستخرج من حقل "تمار" الواقع على بُعد خمسين ميلاً من شاطئ حيفا في البحر الأبيض المتوسط، بتكلفة تبلغ عشرة مليارات دولار، لمدة 15 عاما، نظير تزويد الأردن بثلاثمئة مليون متر مكعب من الغاز يوميا اعتبارا من العام 2019.
عضو لجنة الطاقة البرلمانية النائب موسى هنطش اعتبر في حديثه للجزيرة نت أن الاستمرار بهذه الاتفاقية رهن الاقتصاد الأردني ومستقبله للعدو الصهيوني، بحسب وصفه.
وأشار النائب موسى هنطش إلى وجود بدائل أخرى تغني عما وصفه بالغاز الإسرائيلي المسروق، مقترحا توسع شركة البترول الوطنية في استخراج الغاز المحلي، والاستثمار في الطاقة المتجددة التي من المتوقع أن تغطي حاجات المملكة بنسبة 20% مطلع العام القادم، على حد قوله.
بل ذهب إلى اعتبار أن شركة شل العالمية تملك القدرة على تزويد المملكة بالغاز المسال عبر ميناء العقبة بنسبة 100%.
ويتفق خبير الطاقة هاشم عقل مع النائب هنطش، قائلا للجزيرة نت "سيشهد النصف الثاني من العام الحالي تخمة في كميات الغاز المعروضة في الأسواق العالمية، عقب اكتشاف كميات جديدة في كل من قطر ومصر وأستراليا وروسيا"، غير أنه من الصعب مقارنة أسعارها بتكلفة استيراد الغاز الإسرائيلي نظرا لضبابية بنود الاتفاقية حتى اللحظة، على حد تعبيره.
سعر الغاز
الدكتور جواد العناني -الذي كان نائبا لرئيس الوزراء إبان توقيع الاتفاقية- قال للجزيرة نت إن "الحكومة فاوضت شركة نوبل إنرجي الأميركية ليتوافق الطرفان على اعتماد سعر برنت مرجعيةً لسعر الغاز المستورد".
وأشار إلى أن انقطاع الغاز المصري عام 2011 أدخل الأردن في نفق مظلم لتبدأ الحكومة بالبحث عن بدائل بأسعار معقولة، فاتجهت إلى الشركة الأميركية آنذاك، معتبرا أن استمرار انقطاع الغاز كان كفيلا بتهديد أمن الدولة، وفقا لوصفه.
ويطعن حقوقيون وبرلمانيون في "دستورية" الاتفاقية، حيث تنص المادة "33/ب" من الدستور على أن "الاتفاقات التي تحمل خزينة الدولة نفقات إضافية وتلحق الضرر بها وتمس المواطن الأردني، دون أن يوقع عليها مجلس الأمة، لاغية بحكم الدستور"، الأمر الذي ينطبق على اتفاقية الغاز الأخيرة مع الاحتلال، على حد وصفهم.
وفي هذا الإطار، يشير رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة في حديثه للجزيرة نت إلى وجود العديد من المذكرات النيابية المطالبة بإلغاء الاتفاقية.
وبين أن كثيرا من النواب شككوا في "دستوريتها"، كما اعتبرها آخرون "باطلة" لأنها أبرمت مع "محتل" لا يحق له التصرف في الغاز الفلسطيني "المسروق"، بحسب الأسباب الواردة في المذكرات.
وأكد الطراونة للجزيرة نت أن البرلمان طلب الاتفاقية من الحكومة وترجمها إلى اللغة العربية، إلا أنها لم تُقدم بصفة رسمية أو في مشروع قانون حتى اللحظة، ليُصار إلى دراستها ومناقشتها وتوجيه سؤال إلى المحكمة الدستورية إذا اقتضى الأمر، بحسبه.
آليات حفر الأنابيب بهدف إنشاء خط الغاز في قرية "ابسر أبو علي " شمالي الأردن (الجزيرة)
شرط جزائي
المفاجأة التي كشفت عنها وزيرة الطاقة مؤخرا بوجود شرط جزائي على الحكومة الأردنية مقداره 1.5 مليار دولار حال إلغاء الاتفاقية، وصفه الطراونة بأنه "مأخذ" على الحكومة التي عرضت المال العام للخطر بموافقتها عليه، وقال "إذا ثبت مخالفة الاتفاقية للدستور على الحكومة تحمل تبعات قرارها".
من جهته، يقول المدير العام لشركة الكهرباء الوطنية -المملوكة للحكومة- المهندس أمجد الرواشدة للجزيرة نت إن "اتفاقية الغاز مع مصر ستغطي نصف احتياجات المملكة من الغاز الطبيعي حتى نهاية العام الحالي، لتصبح بعد ذلك كمية الضخ محدودة جدا، وذلك لارتباطات خاصة بالسوق المحلي المصري".
ويكشف الرواشدة للجزيرة نت عن حاجة الأردن للغاز الطبيعي المستورد بواسطة أنابيب بموجب الاتفاق مع الشركة الأميركية لتلبية احتياجات النظام الكهربائي في المملكة ابتداء من عام 2020.
ويرجع ذلك إلى تدني سعر الغاز الطبيعي المستورد بالأنابيب مقارنة بكلفة استيراد الغاز المسال المستورد بواسطة شركة شل العالمية بموجب اتفاقية تنتهي هي الأخرى عام 2020، وفق تصريحه للجزيرة نت.
وفيما يخص بنود الاتفاقية وتفاصيلها، بين الرواشدة أنه لا يسمح بتداولها كاتفاقيات مصر وشركة شل وغيرها.
وتبقى خيارات شراء الغاز المسال من السوق العالمية ما بعد عام 2019 مفتوحة يحددها مدى حاجة النظام الكهربائي في المملكة وسعر خام برنت عالميا، وفقا للرواشدة.
المصدر : الجزيرة