بعد اثارته جدلا واسعا.. سمير الرفاعي يوضح رأيه حول العفو العام
جو 24 :
بثّ رئيس الوزراء الأسبق، النائب الثاني لرئيس مجلس الأعيان سمير الرفاعي، منشورا عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي استعرض خلاله رأيه الشخصي حول مشروع قانون العفو العام.
وأثار الرفاعي موجة من الجدل والتجاذبات بين مؤيد لطرحه ومعارض لموقفه بشأن التوسع بالعفو العام.
وقال الرفاعي إن فلسفة العفو العام وتطبيقه يكون في الدول التي تعاني من صراع داخلي أو انفتاح لمرحلة سياسية جديدة كما في بعض دول الجوار، وهو ما لا تمرّ به المملكة، مشيرا إلى أن التوجيهات الملكية تضمنت الايعاز بصياغة مشروع قانون عفو عام مع احترام سيادة القانون وحقوق الناس.
ولفت الرفاعي إلى أن "التنازل عن الحقّ الشخصي يحدث في كثير من الأحيان تحت الاكراه أو الضغوطات الاجتماعية، وهو ما قد يزيد المشاكل في المستقبل".
وأشار إلى أن الأصل بالاعفاءات من المخالفات والغرامات المالية أن تكون "لغرامات التأخير وليس لأصل الرسم أو المخالفة".
وتاليا ما نشره الرفاعي:
أردت أن أستعرض هنا بإيجاز رأيي الشخصي حول مشروع قانون العفو العام، في التخفيف من التحديات والضغوطات التي تواجه المواطنين مع المحافظة على احترام سيادة القانون.
بداية، أود أن أتحدث بإيجاز، عن فلسفة العفو العام، والذي يأتي تطبيقه في بعض الدول بعد صراع داخلي أو انفتاح لمرحلة سياسية جديدة. والحمد لله لم نشهد في الأردن أي صراعات كالتي حدثت في المنطقة، وأيضا حققنا إنجازات كبيرة في مجال الإصلاح السياسي والتي كان من أبرزها التعديلات الدستورية.
من جهة أخرى، وكما نعلم جميعا فإن العفو العام يأتي لترسيخ مفاهيم التسامح والعفو ولتعزيز معاني الأمن الاجتماعي، وللتخفيف من التحديات والضغوطات التي تواجه المواطنين وإعطاء المحكومين ومرتكبي الجرائم فرصة لتصويب مسارهم وسلوكهم وتشجيعهم على استعادة دورهم الطبيعي وتحقيق اندماجهم الدائم في المجتمع، ولتحقيق التوازن بين حق المجتمع في إصلاح وتأهيل أفراد منه، وكفالة الحقوق الشخصية والمدنية للمتضررين من الجريمة، ولتخفيف المشكلات الاجتماعية الناجمة عن العقوبات السالبة للحرية، ولتعزيز مبدأ التصالح في القضايا الجنائية، وتشجيع المحكومين على تسديد التزاماتهم المترتبة عليهم.
جلالة الملك هو أب لجميع الأردنيين، وعميد هذه الأسرة الواحدة؛ وقد قام بتوجيه الحكومة لصياغة مشروع لقانون العفو العام مع احترام سيادة القانون وحقوق الناس. فكيف لنا أن نبرر قانونا يشمل جرائم لها علاقة بأرواح وأعراض وحقوق الناس والمجتمع! وقد كنت آمل أن لا تشمل الحكومة أي شخص استفاد من العفو في السابق وكرّر الإساءة أو الجرم مرة أخرى.
عدد الأشخاص المخالفين للقانون والمستفيدين من قانون العفو العام حسب تقديرات الحكومة ثمانية آلاف مواطن، وبعد التعديلات التي أقرها مجلس النواب الكريم تضاعف هذا الرقم وفق بعض التقديرات. ويأتي تطبيق مشروع قانون العفو العام على حساب سبعة مليون أردني ملتزم بالقانون.
وأرى أن المبالغ التي سيتم إعفاء المتخلفين عن دفعها ستؤثر سلبا على خدمات حكومية؛ حيث أنها كانت مرصودة كإيرادات حكومية مقابل خدمات للمواطنين. فالأصل الإعفاء من غرامة التأخير وليس الإعفاء من الرسوم نفسها . ناهيكم عن المشاكل الأمنية والاجتماعية والقيمية التي سيسببها التوسع.
وأؤكد على أهمية شمول الطلاب والغارمات وصغار المزارعين.
وأود أن أستعرض أبرز توصيات مجلس النواب بهذا الخصوص؛
- دراسة الديون المترتبة على الغارمات واتخاذ الخطوات اللازمة لسداد المبالغ المتحققة عليهن ولا تتجاوز ألفي دينار.
- العمل على تعديل نظام صندوق دعم الطالب الجامعي وتحويل قروض الطلبة الحاصلين على تميز إلى منح، وبالنسبة للطلبة الحاصلين على قروض واستحق سدادها، يتم تقسيطها بعد خمس سنوات من تاريخ تخرجهم من الجامعة ولمدة خمس سنوات أو حصولهم على وظيفة أيهما أقرب وان يتم إيقاف الاقتطاعات الحالية على تلك القروض.
- إعفاء صغار المزارعين الحاصلين على قروض لا تزيد على عشرة آلاف دينار من فوائد القروض المترتبة عليها مع إعادة جدولة هذه القروض وشطب الفوائد عنها.
وهناك نقطة مهمة يجب أن لا نغفل عنها، وهي أن التنازل عن الحق الشخصي، الذي يؤدي إلى العفو أو تقليص مدة العقاب، يحدث في كثير من الأحيان تحت الإكراه أو الضغوطات الاجتماعية، مما قد يؤدي إلى المزيد من المشاكل في المستقبل.
وفي الختام، أسجل رفضي الشديد لوصف قانون العفو العام بأنه "مصالحة بين الدولة والمواطن"؛ فالأصل، إن المواطن هو جزء من الدولة ولا يخاصمها؛ وبالتالي لا يقوم بالتصالح معها. أما لمن يغمز بأن المقصود هو المصالحة ما بين النظام والمواطن؛ فهذا كلام مرفوض جملة وتفصيلا، ومردود على صاحبه. فالنظام هو ضمانة المواطن، وهو من يحمي حقوقه ويدافع عنه، ويرعى مصالحه، وهو المظلة التي يتفيأ جميع الأردنيين ظلالها.