الأردن: "حيوانات مفترسة" فرّت من الحروب نحو مأوى في جرش
جو 24 :
الاناضول
رغم أنها أشد الحيوانات افتراسا، إلا أن الحروب التي نكّلت بالبشر والشجر والحجر لم تترك لها خيارا، وأرغمتها هي الأخرى على الهروب من ويلاتها؛ للبحث عن ملاذ آمن يحميها من قذائف عشوائية، إلى أن منحها البشر المأوى الآمن، في ما يشبه "اللجوء السياسي".
من غزة الفلسطينية، إلى حلب السورية، ووصولا للموصل العراقية، تم نقل تلك الحيوانات المفترسة لعدم القدرة على حمايتها أو حتى تمكنها من الدفاع عن نفسها، فالحرب الطاحنة كانت أشد فتكا من مخالبها الحادّة.
17 أسدا إفريقيا ونمران و4 دببة، تُحاول أن تتعايش في موطنها الجديد بمحمية "المأوى" الطبيعية في جرش الأردنية، لتمضي ما تبقى من حياتها في مهجر، ما عاد يقتصر على البشر.
"تشجيع التوازن والاحترام لجميع الكائنات"، هدفٌ انطلقت منه مؤسسة الأميرة عالية بنت الحسين (غير ربحية، تأسست في 2010) بالشراكة مع منظمة "فور بوز" النمساوية؛ لتأهيل الحيوانات البرية المفترسة وإعادة توطينها.
بعد إجراء الدراسات اللازمة، اختيرت المحمية بموقعها الحالي ضمن غابة تُعتبر واحدة من آخر الغابات المتبقية في الأردن، تتميز بكثافة أشجارها الحرجية من أنواع البلوط والزاب (الصنوبر الحلبي) والجيجب.
وعن أهمية "المأوى"، يقول مديره مصطفى خريسات، للأناضول :"تعتبر المحمية منطقة ذات أهمية خاصة حسب القوانين الزراعية والبيئية في الأردن، حيث تم رصد ثلث الحيوانات الموجودة في شمال الأردن فيها".
وأوضح أن "المحمية هي الأولى والوحيدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تعنى بإيواء الحيوانات المفترسة".
ولفت إلى أن "مساحة المحمية هي 1100 دونم (الدونم يساوي 1000 متر مربع)، وهي أراضي مملوكة للدولة، وحصلنا على تفويض فيها؛ لحمايتها وتحقيق الأهداف".
أما عن الحيوانات المهجرة التي تعيش في المحمية، فأردف خريسات :"4 أسود جاءت من غزة، ودب وأسد من الموصل، لكن أسد الموصل تم نقله إلى جنوب إفريقيا".
وتابع "5 أسود ودبّان جاءت من حلب، وتم نقل أحد الأسود إلى جنوب إفريقيا أيضا، وهي ما تبقى من أصل حديقة حيوانات كانت موجودة هناك تضم ما يزيد عن 200 حيوان مختلف، نفقت نتيجة الحرب".
وأشار خريسات، إلى أن جميع الحيوانات التي جاءت من مناطق الحروب (غزة و حلب والموصل)، تولت منظمة "فور بوز" النمساوية، نقلها إلى الأردن.
ولفت إلى أن "الهدف من نقلها هو الحفاظ على حياة تلك الحيوانات، وحمايتها من الحروب الدائرة في مناطقها".
ونوه إلى أن "نقلها لم يكن بالأمر السهل، لكن السمعة العالمية للمنظمة النمساوية ذللت الصعاب أمام ذلك، فدورها معروف بحماية الحيوانات ذات الظروف الصعبة".
كما أكد خريسات، بأن المنظمة تلقى دعما من جميع الحكومات والدول؛ للدور الإنساني المنوط بها.
حيوانات غزة بحسب خريسات تم نقلها على دفعتين، حيث نقل أسدان من حديقة للحيوانات في 2014، نتيجة القصف الشديد الذي تعرض له القطاع حينها.
وأسدا غزة الآخران، احتفظ بهما صاحب حديقة للحيوان في منزله، ليحميهما أيضا من القصف، وطلب في العام نفسه (2014) من المنظمة النمساوية حمايتهما، أسوة بباقي الحيوانات، وهو ما تم بالفعل.
أما سوريا، فتم نقل حيواناتها عن طريق الحدود التركية برّا، ومن ثم بالطيران إلى الأردن، في 2017.
وفيما يتعلق بالموصل، نُقلت حيواناتها في 2017 من العراق إلى الأردن بشكل مباشر، وكانت رحلتها محفوفة بالمصاعب قبل وصولها للمحمية، نظرا لمعارضة الكثير من الأطراف المتنازعة عليها، باعتبارها ثروة وطنية، إلا أن الخوف على حياتها سمح بعبورها أخيرا.
أما باقي الحيوانات في المحمية، فيقول خريسات إن "السلطات الأردنية المختصة، صادرتها، بعدما تم ضبطها خلال محاولات التهريب والتجارة غير المشروعة، وجزء منها من قبل أصحاب لها كانوا يحتفظون بها".
حياة تلك الحيوانات القادمة من جحيم المعارك، انقلبت رأساً على عقب، فبعد أن كانت تنتظر الموت المحتوم، باتت تعيش براحة واستجمام، فالطعام والاهتمام يسير بانتظام.
ماكس ومونا، الأسد واللبؤة القادمان من غزة في 2016، انتفت عنهما صفة الشراسة، ولم يعد صوت صواريخ يؤرق جفونهما، ولا خطر يهدد حياتهما، فالطعام وفق احتياجاتهما بأيدِ خبراء أردنيين مدربين على أعلى المستويات، وهو ما ينطبق أيضا على سلطان وصابرين، القادمين من غزة إلى جرش.
دانا وحلب وحمزة وكهرباء، أسود حلب السورية، باتوا يعيشون علاقة قرب ومحبة مع العاملين في المأوى، فكل منهم يستطيع أن يعرف اسمه، ويستجيب بشكل فوري عند المناداة عليه.
سكر ولوز، دبان تقاطعت ظروفهما مع لولا، فكلاهما تناثرت دماء الشهداء في حلب على فرائهم، والأخيرة عاشت نفس الألم في الموصل.
"المأوى" وبعد أن أعاد الآمان والطمأنينة لحيواناته، بات اليوم معلما سياحيا، يستقطب عشاق الحيوانات المفترسة من داخل الأردن وخارجه، تلك الحيوانات التي ستظل في موطنها الجديد شهود عيان على آلام تأبى النسيان.
رغم أنها أشد الحيوانات افتراسا، إلا أن الحروب التي نكّلت بالبشر والشجر والحجر لم تترك لها خيارا، وأرغمتها هي الأخرى على الهروب من ويلاتها؛ للبحث عن ملاذ آمن يحميها من قذائف عشوائية، إلى أن منحها البشر المأوى الآمن، في ما يشبه "اللجوء السياسي".
من غزة الفلسطينية، إلى حلب السورية، ووصولا للموصل العراقية، تم نقل تلك الحيوانات المفترسة لعدم القدرة على حمايتها أو حتى تمكنها من الدفاع عن نفسها، فالحرب الطاحنة كانت أشد فتكا من مخالبها الحادّة.
17 أسدا إفريقيا ونمران و4 دببة، تُحاول أن تتعايش في موطنها الجديد بمحمية "المأوى" الطبيعية في جرش الأردنية، لتمضي ما تبقى من حياتها في مهجر، ما عاد يقتصر على البشر.
"تشجيع التوازن والاحترام لجميع الكائنات"، هدفٌ انطلقت منه مؤسسة الأميرة عالية بنت الحسين (غير ربحية، تأسست في 2010) بالشراكة مع منظمة "فور بوز" النمساوية؛ لتأهيل الحيوانات البرية المفترسة وإعادة توطينها.
بعد إجراء الدراسات اللازمة، اختيرت المحمية بموقعها الحالي ضمن غابة تُعتبر واحدة من آخر الغابات المتبقية في الأردن، تتميز بكثافة أشجارها الحرجية من أنواع البلوط والزاب (الصنوبر الحلبي) والجيجب.
وعن أهمية "المأوى"، يقول مديره مصطفى خريسات، للأناضول :"تعتبر المحمية منطقة ذات أهمية خاصة حسب القوانين الزراعية والبيئية في الأردن، حيث تم رصد ثلث الحيوانات الموجودة في شمال الأردن فيها".
وأوضح أن "المحمية هي الأولى والوحيدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تعنى بإيواء الحيوانات المفترسة".
ولفت إلى أن "مساحة المحمية هي 1100 دونم (الدونم يساوي 1000 متر مربع)، وهي أراضي مملوكة للدولة، وحصلنا على تفويض فيها؛ لحمايتها وتحقيق الأهداف".
أما عن الحيوانات المهجرة التي تعيش في المحمية، فأردف خريسات :"4 أسود جاءت من غزة، ودب وأسد من الموصل، لكن أسد الموصل تم نقله إلى جنوب إفريقيا".
وتابع "5 أسود ودبّان جاءت من حلب، وتم نقل أحد الأسود إلى جنوب إفريقيا أيضا، وهي ما تبقى من أصل حديقة حيوانات كانت موجودة هناك تضم ما يزيد عن 200 حيوان مختلف، نفقت نتيجة الحرب".
وأشار خريسات، إلى أن جميع الحيوانات التي جاءت من مناطق الحروب (غزة و حلب والموصل)، تولت منظمة "فور بوز" النمساوية، نقلها إلى الأردن.
ولفت إلى أن "الهدف من نقلها هو الحفاظ على حياة تلك الحيوانات، وحمايتها من الحروب الدائرة في مناطقها".
ونوه إلى أن "نقلها لم يكن بالأمر السهل، لكن السمعة العالمية للمنظمة النمساوية ذللت الصعاب أمام ذلك، فدورها معروف بحماية الحيوانات ذات الظروف الصعبة".
كما أكد خريسات، بأن المنظمة تلقى دعما من جميع الحكومات والدول؛ للدور الإنساني المنوط بها.
حيوانات غزة بحسب خريسات تم نقلها على دفعتين، حيث نقل أسدان من حديقة للحيوانات في 2014، نتيجة القصف الشديد الذي تعرض له القطاع حينها.
وأسدا غزة الآخران، احتفظ بهما صاحب حديقة للحيوان في منزله، ليحميهما أيضا من القصف، وطلب في العام نفسه (2014) من المنظمة النمساوية حمايتهما، أسوة بباقي الحيوانات، وهو ما تم بالفعل.
أما سوريا، فتم نقل حيواناتها عن طريق الحدود التركية برّا، ومن ثم بالطيران إلى الأردن، في 2017.
وفيما يتعلق بالموصل، نُقلت حيواناتها في 2017 من العراق إلى الأردن بشكل مباشر، وكانت رحلتها محفوفة بالمصاعب قبل وصولها للمحمية، نظرا لمعارضة الكثير من الأطراف المتنازعة عليها، باعتبارها ثروة وطنية، إلا أن الخوف على حياتها سمح بعبورها أخيرا.
أما باقي الحيوانات في المحمية، فيقول خريسات إن "السلطات الأردنية المختصة، صادرتها، بعدما تم ضبطها خلال محاولات التهريب والتجارة غير المشروعة، وجزء منها من قبل أصحاب لها كانوا يحتفظون بها".
حياة تلك الحيوانات القادمة من جحيم المعارك، انقلبت رأساً على عقب، فبعد أن كانت تنتظر الموت المحتوم، باتت تعيش براحة واستجمام، فالطعام والاهتمام يسير بانتظام.
ماكس ومونا، الأسد واللبؤة القادمان من غزة في 2016، انتفت عنهما صفة الشراسة، ولم يعد صوت صواريخ يؤرق جفونهما، ولا خطر يهدد حياتهما، فالطعام وفق احتياجاتهما بأيدِ خبراء أردنيين مدربين على أعلى المستويات، وهو ما ينطبق أيضا على سلطان وصابرين، القادمين من غزة إلى جرش.
دانا وحلب وحمزة وكهرباء، أسود حلب السورية، باتوا يعيشون علاقة قرب ومحبة مع العاملين في المأوى، فكل منهم يستطيع أن يعرف اسمه، ويستجيب بشكل فوري عند المناداة عليه.
سكر ولوز، دبان تقاطعت ظروفهما مع لولا، فكلاهما تناثرت دماء الشهداء في حلب على فرائهم، والأخيرة عاشت نفس الألم في الموصل.
"المأوى" وبعد أن أعاد الآمان والطمأنينة لحيواناته، بات اليوم معلما سياحيا، يستقطب عشاق الحيوانات المفترسة من داخل الأردن وخارجه، تلك الحيوانات التي ستظل في موطنها الجديد شهود عيان على آلام تأبى النسيان.