2024-07-03 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

محامون بلا حدود: بنود في العفو العام تخرق الدستور

محامون بلا حدود: بنود في العفو العام تخرق الدستور
جو 24 :
أعدت مؤسسة محامون بلا حدود ورقة حول قانون العفو العام لسنة 2018 والتحديات التي واجهها وعدة ملاحظات تشريعية.

وقالت المؤسسة إن سريان القانون على الجرائم التي وقعت قبل تاريخ 12 كانون أول 2018 يشكل تحدّيا قانونيا وخرقا للمبادئ والقواعد القانونية المستقرة حول الأثر الفوري والمباشر للقوانين، حيث كان الأجدر أن يشمل الجرائم التي ترتكب قبل سريان أحكامه في الجريدة الرسمية.

وأضافت إن ما تضمنته المادة (4) من مشروع القانون والتي تقضي بخفض العقوبات إذا كانت مقترنة باسقاط حقّ شخصي "يعتبر مخالفة دستورية وتشريعية، والتي لا تجيز خفض العقوبات، كما أنه يتناقض مع طبيعة العفو العام التي تزيل حالة الاجرام من أساسها.

ولفتت إلى أهمية استثناء جرائم التعذيب المرتكبة خلافا لأحكام المادة (208) من قانون العقوبات، حيث أنها تعتبر انتهاكا لكرامة الانسان.

وتاليا نصّ الورقة:

التحديات التشريعية لمشروع قانون العفو العام

محامون بلا حدود مؤسسة مجتمع مدني مستقلة مالياً وادارياً وفكرياً تعنى بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ومحامون بلا حدود ليس لها غايات سياسية أو حزبية أو دينية، ونسعى لحماية وتعزيز حقوق الانسان وفقا للمعايير الدولية وتحقيق التنمية المستدامة وانتهاج الحاكمية الرشيدة كوسيلة لتعزيز وحدة المجتمع وتماسكه، وترسيخ وتعزيز سيادة القانون والعدالة والمساواة وعدم التمييز والعدالة الاجتماعية.


إعـــداد
محامون بلا حدود

عمان – الأردن
2018م









الاطار التمهيدي
العفو العام إجراء تشريعي وحالة قانونية أخذت بها أغلب النظم القانونية مع تباين الأسباب والموجبات والأطر والقيود كل نظام قانوني، الا أن أغلب النظم القانونية تكاد تجمع على أن الخصائص العامة للعفو العام تكمن في الأتي:
اولا: إزالة الصفة الجرمية تماماً عن الفعل المرتكب، بمعنى أن الفعل الجرمي اذا ما تم شموله في قانون العفو لا يعاقب فاعله الى ما وقع ضمن الاطار الزمني الذي يحدده قانون العفو. ثانيا: يزيل ويمحو آثار الفعل الجرمي، بمعنى أن الأثار التي تتربت على الفاعل والجريمة تزول من حيث الاساس كأن لم تكن حيث تمحى من سجل الفاعل الجرمي ولا يجوز تعليق أو ملاحقته عن الجرم المشمول بقانون العفو. ثالثا: صدوره عن السلطة التشريعية، فالعفو العام عمل تشريعي ويجب أن تمارس السلطة التشريعية الرقابة والصلاحيات التشريعية وتقدير الاحتياج المجتمعي الاقتصادي والسياسي لمدى الحاجة لإصدار قانون عفو عام. رابعا: أن يكون العفو العام جماعياً وهذا يتطلب أن تمتاز الصياغة التشريعية لقوانين العفو العام بخصائص القاعدة القانونية من حيث العموم والتجريد والانطباق على الجميع، خامسا: أن يكون العائد الوطني والاجتماعي ملموساً وهذا ما يتم تقديره في كافة مراحل العملية الدستورية للعملية التشريعية فضلاً عن دراسات تحديد الاحتياج التشريعي والخلوص الى قناعة وطنية حول الحاجة الى قانون العفو العام. سادساً: عدم المساس بالحقوق الشخصية للأفراد، اذ يجب ان لا يشمل العفو العام المساس بحقوق الافراد للمطالبة بالتعويضات الشخصية أو حرمانهم من تقديمها في المستقبل.
وعليه، فإن العفو العام حالة تشريعية ذات طابع إجتماعي وسياسي يمارس من خلال المؤسسات الدستورية ووفقا لإجراءات سير العملية التشريعية لتقدير المصلحة العامة وتوازن بين مصلحة المجتمع في تنفيذ العقوبات والاستمرار في محاكمة المجرمين وبين والمصلحة العامة في محو أثار الجريمة ووقف تنفيذ العقوبات وخلق نتائج اجتماعية وسياسية تزيد من الاستقرار وإعادة الاندماج ومسح اثار الاجرام من الذاكرة المجتمعية.

الأساس التشريعي
أخذ المشرع الأردني بالعفو العام بإعتباره أحد حالات إسقاط العقوبات والجرائم، حيث نصت المادة 38 من الدستور على " للملك حق العفو الخاص وتخفيض العقوبة واما العفو العام فيقرر بقانون خاص.
ونص قانون العقوبات في المادة 50 منه على " 1. يصدر العفو العام عن السلطة التشريعية. 2. يزيل العفو حالة الإجرام من أساسها، ويصدر بالدعوى العمومية قبل اقترانها بحكم وبعد الحكم بها بحيث يسقط كل قوبة أصلية كانت أم فرعية ولكنه لا يمنع من الحكم للمدعي الشخصي بالإلزامات المدنية ولا من إنفاذ الحكم الصادر بها. 3. لا ترد الغرامات والرسوم المستوفاة والأشياء المصادرة.
أما بالنسبة للعفو الخاص فقد اشارت اليه المادة 51 من قانون العقوبات حيث نصت على" 1. يمنح جلالة الملك العفو الخاص بناء على تنسيب مجلس الوزراء مشفوعاً ببيان رأيه. 2. لا يصدر العفو الخاص عمن لم يكن قد حكم عليه حكماً مبرماً. 3. العفو الخاص شخصي ويمكن أن يكون بإسقاط العقوبة أو إبدالها أو بتخفيضها كلياً أو جزئياً.
وعليه فإن الدستور الاردني وقانون العقوبات تم بموجبهما تحديد العديد من الضوابط التشريعية التي التي يمتمايز بها قانون العفو العام عن الخاص تكمن في الأتي:
1.يصدر قانون العفو العام بموجب قانون عبر السلطة التشريعية، اما العفو الخاص فهو قرار اداري يصدر من السلطة التنفيذية مقرون بالارداة الملكية.
2.يزيل العفو العام حالة الإجرام من أساسها، العفو الخاص تنصرف آثاره الى العقوبة.
3.يصدر العفو العام في الجرائم التي صدر بها حكم قضائي قطعي أو لا تزال قيد النظر ، اما العفو الخاص يصدر في الجرائم التي صدرت فيها احكام قطعية باته.
4.العفو العام يصدر بصفة عامة دون تحديد أشخاص بحد ذاتهم فهو ذو اخحكام موضوعية، أما العفو الخاص فهو شخصي يتم بموجبه تحديد الأشخاص على وجه التعيين الذين يشملهم إحكام قرار العفو الخاص.
5.العفو العام يسقط العقوبات الاصلية والتبعية برمتها، أما العفو الخاص فيمكن أن يترتب عليه إسقاط العقوبة أو ابدالها او تخفيضها كليا أو جزئياً.
6.كلاهما – أي العفو العام والخاص- لا يمنعان من الحكم للمدعي الشخصي بالالزامات المدنية او التعويضات الشخصية.

التطور التاريخي

تم ممارسة الصلاحية التشريعية في إصدار قانون العفو العام عبر مراحل تطور الدولة الأردنية العديد من المرات مع اختلاف الظروف والموجبات التي أدت الى ذلك وفقاً للسياق التاريخي أنذاك، حيث صدر العديد من قوانين العفو العام قبل مرحلة الاستقلال: كان أولها في سنة 1924، وقانون العفو لعام 1928، وقانون العفو العام 1946 إبان الاستقلال.
تلا ذلك إصدار العديد من قوانين العفو العام كانت على النحو التالي : 17بتاريخ حزيران 1950. وقانون العفو العام بتاريخ 13 تشرين الثاني 1951، قانون العفو العام رقم 71 لسنة 1953، قانون العفو العام رقم 24 لسنة 1958، قانون العفو العام رقم 6 لسنة 1960، قانون العفو العام رقم 16 لسنة 1961، قانون العفو العام رقم 3 لسنة 1962، قانون العفو العام رقم 8 لسنة 1965، قانون العفو العام رقم 19 لسنة 1971، قانون العفو العام رقم 52 لسنة 1973، قانون العفو العام رقم 36 لسنة 1992، قانون العفو العام رقم 6 لسنة 1999، قانون العفو العام رقم 15 لسنة 2011.
حيث يسجل على هذه القوانين برمتها عدم وجود نسق تشريعي عام جامع للخصائص والسمات الموضوعية لقوانين العفو العام من حيث الجرائم المشمولة من عدمها او طبيعة الصياغة التشريعية التي رافقت تطور تلك القوانين، ناهيك عن المدد الزمنية التي استغرقها إصدار كل قانون ، فضلاً عن الاوضاع السياسة والاجتماعية السائدة في البلاد.


تحديات مشروع قانون العفو العام لعام 2019
رافق مسار مشروع قانون العفو العام العديد من وجهات النظر بين مؤيد ومعارض الى أن تم حسم هذا النقاش بتوجيهات جلالة الملك الحكومة بالمضي قدماً بإصدار قانون عفو عام، لينفتح نقاش وطني عام حول الخصائص العامة لقانون العفو من حيث الجرائم المشمولة والمدة الزمنية وتخفيض العقوبات وغيرها من مسائل، حيث أرسلت الحكومة مشروع القانون الى مجلس النواب وتصدت اللجان البرلمانية والمجلس لمناقشة هذا المشروع وإدخال العديد من التعديلات الجزهرية على مضمونه، الا انه وبعد دراسة المشروع الذي أقره مجلس النواب في جلسته المنعقدة بتاريخ21/1/2019 وتم إرساله الى مجلس الاعيان يمكننا أن نسجل الملاحظات ذات الطابع التشريعي التالي:
اولا: سريان القانون على الجرائم التي وقعت قبل تاريخ 12/12/2018 بأحكام هذا القانون، وهذا التاريخ يشكل تحدياً قانونية وخرقاً للمبادئ والقواعد القانونية المستقرة حول الاثر الفوري والمباشر للقوانين وعدم سريانها بأثر رجعي الا في أضيق الحدود وفي حالات محددة صراحة في التشريعات ذات العلاقة، وعليه‘ كان الاجدر بمشروع القانون أن يتضمن نصاً عاماً برسانه من حيث الزمان على الجرائم التي ترتكب قبل سريان أحكامه في الجريدة الرسمية، منعاً لخرق مبدأ سريان القواني بأثر مباشر.
ثانيا: ما تضمنته المادة 4 من مشروع القانون والتي تقضي بتخفيض العقوبات اذا كانت مقترنه بإسقاط حق شخصي حسب ما تم النص عليه في الفقرة ( أ، ب) من مشروع القانون، اذ يعتبر مثل هذا النص مخالفة دستورية وتشريعية لاحكام الدستور والقانون واليت لا تيجيز بموجب أحكام قانون العفو العام ان يتم تخفيض العقوبات إذ أن ذلك يتناقض مع طبيعة العفو العام بإعتباره يزيل حالة الاجرام من أساسها فكيف سيتم تطبيق ذلك على الجرائم التي تم تخفيضها بموجب نص المادة المقترح، إذ يعتبر ذلك توسعاً غير محمود من المشروع في مثل هذه الحالة.
ثالثا: يجب النص على إستثناء جرائم التعذيب المرتكبة خلافاً لأحكام المادة 208 من احكام قانون العقوبات حيث تعتبر مثل هذه الجرائم انتهاكاً لكرامة الانسان ووفقاً لمضمون اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية والمهينة واللاإنسانية والتي صادقت عليها الحكومة الأردنية من الجرائم الخطيرة التي لا تسقط بالتقادم ولا يشملها العفو أياً كان شكله.






 




 
تابعو الأردن 24 على google news