كابلر والمقداد .. عندما تتطابق التقديرات
عريب الرنتاوي
جو 24 : بدا رئيس الاستخبارات القومية الأمريكية جيمس كابلر على درجة عالية جداً من التوافق مع تقديرات نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد..الأول تحدث أمم الكونغرس معلناً “أن لا وجود لسوريا بعد الأسد”، والثاني قال كلاماً مماثلاً (بحرفيته) في حديثٍ لصحيفة الغارديان قبل أيام.
كلا الرجلين، ومن خندقيهما المتقابلين، استندا في تحليلها للأزمة السورية، إلى فرضية صعود التنظيمات الإسلامية، وتحوّل جبهة “النصرة” الراديكالية إلى قوة رئيسية في المعارضة السورية، ما يعني أن انهيار النظام السوري، سوف يفسح في المجال أمام تقسيم سوريا، وفقاً لخطوط الطوائف والأعراق والأقوام والجهات، ولن تبقى سوريا التي نعرفها قطعة واحدة.
يذكرني كلام الرجلين، من موقعيهما المختلفين، بعنوان مقال سبق وأن نشرته قبل عدة أشهر في هذه الزاوية بالذات، وتحت عنوان “سوريا التي نعرف..سوريا التي لا نعرف”..يومها ذهبت بالتقدير، إلى أن الحرب في سوريا وعليها، قد تنتهي إلى “سوريات” موزعة على خطوط الطوائف والأقوام، وأن سقوط النظام، ليس إيذاناً بنهاية المحنة السورية، بل تدشيناً لدخول الحرب الطائفية – الأهلية في سوريا، في طورٍ جديد.
قد يكون كلام نائب الوزير السوري، ضرباً من “الدعاية بالتخويف”، ومحاولةً لإقامة تماثل بين “النظام” و”الدولة” في سوريا..إن سقط النظام، سقطت الدولة، وهذه الفرضية على أية حال، شكلت وتشكل العمود الفقري في الخطاب الدعائي/ الدفاعي/ الهجومي للنظام..ولكن ما مصلحة واشنطن ورئيس استخباراتها القومية في “شراء هذه البضاعة وترديدها”..هل هي بضاعة أصلاً، أم أنها حقيقة من الحقائق التي آلت إليها الأزمة السورية؟.
في ظني، أن “تطيّف” المعارضة و”تمذهبها” هو السبب الرئيس في جعل العالم يتجه للقبول بما قاله كابلر والمقداد..روسيا بالمناسبة، وعلى لسان وزير خارجيتها النشط سيرغي لافروف، كانت سبّاقة في البوح بمخاوف من هذا النوع، ولطالما عمدت إلى تذكير “أصدقائها الغربيين” بأن الاستمساك بتنحي الأسد، ليس فقط “شرطاً تعجيزياً” يحول دون الوصول إلى “انتقال سلمي” بسوريا، بل وقد يتهدد وجود سوريا كدولة واحدة وكيان موحد، ويحيلها إلى كانتونات مُحتربة.
من مصلحة النظام أن يروّج لهذه النظرية، وهو يسعى في اختزال المعارضة جميعها بـ”النصرة” والقاعدة..مفترضاً أن مثل هذا القول، سيعمق مخاوف الغرب والجوار، وسيوفر له “طوق نجاة” من عزلته وحصاره، وقد يفضي إلى بقائه في السلطة..لكن في المقابل، فقد وقعت المعارضة السورية، من غير “النصرة”، في شرك لا فكاك منه، عندما أنكرت في البدء وجود القاعدة و”النصرة”، وعمدت لاحقاً (ولا تزال) إلى التقليل من حجمها ودورها ونفوذها في المعارضة السورية، إلى أن باتت “النصرة”، وباعتراف رئيس الاستخبارات الأمريكية، القوة الضاربة في المواجهة مع النظام السوري.
لا ندري إن كانت أقوال كابلر، تمثل الإدارة الأمريكية بمختلف أجنحتها واتجاهاتها..السي آي إيه، البنتاغون، الخارجية، البيت الأبيض، فضلاً عن الكونغرس وغيره من مراكز صنع السياسة والقرار..ولا ندري كذلك كيف سينعكس هذا “التقييم الاستراتيجي” الجديد للولايات المتحدة، على مواقف الإدراة وسلوكها حيال الأزمة السورية، وما إذا كان سيدعم خط الحوار مع موسكو حول الانتقال السلمي و”بيان جنيف” أم أن واشنطن ستواصل سياستها القائمة على “تلزيم” الملف السوري لأطراف إقليمية ودولية، من فرنسا وبريطانيا، إلى الدوحة والرياض، مروراً باسطنبول؟.
أياً يكن من أمر، فإن صعود نجم “النصرة” وشقيقاتها، بات أمراً مقلقاً لكثير من الأطراف الإقليمية والدولية، وإذ كانت بعض الدول تتخذ من هذه الظاهرة سبباً للدفع باتجاه الحسم العسكري وتسريع التدخل الدولي (قطر والسعودية وتركيا على سبيل المثال، وفرنسا وبريطانيا بدرجة أقل)، إلا أن المشهد لا يبدو كذلك من واشنطن، التي تبدي حذراً وتردداً (وأحياناً رفضاً صريحاً) لتسليح المعارضة والتدخل العسكري، ظناً منها أن ذلك لن يصب إلا في مصلحة القاعدة وحلفائها.
وربما يوفر هذا “التطور” في الموقف الأمريكي، سبباً إضافياً لبعض التفاؤل والرهان على “الحوار الروسي – الأمريكي” الذي سيشهد زخماً إضافياً بعد عدة أسابيع عندما سيلتقي باراك أوباما بفلاديمير بوتين، والملف السوري ثالثهما.
(الدستور)
كلا الرجلين، ومن خندقيهما المتقابلين، استندا في تحليلها للأزمة السورية، إلى فرضية صعود التنظيمات الإسلامية، وتحوّل جبهة “النصرة” الراديكالية إلى قوة رئيسية في المعارضة السورية، ما يعني أن انهيار النظام السوري، سوف يفسح في المجال أمام تقسيم سوريا، وفقاً لخطوط الطوائف والأعراق والأقوام والجهات، ولن تبقى سوريا التي نعرفها قطعة واحدة.
يذكرني كلام الرجلين، من موقعيهما المختلفين، بعنوان مقال سبق وأن نشرته قبل عدة أشهر في هذه الزاوية بالذات، وتحت عنوان “سوريا التي نعرف..سوريا التي لا نعرف”..يومها ذهبت بالتقدير، إلى أن الحرب في سوريا وعليها، قد تنتهي إلى “سوريات” موزعة على خطوط الطوائف والأقوام، وأن سقوط النظام، ليس إيذاناً بنهاية المحنة السورية، بل تدشيناً لدخول الحرب الطائفية – الأهلية في سوريا، في طورٍ جديد.
قد يكون كلام نائب الوزير السوري، ضرباً من “الدعاية بالتخويف”، ومحاولةً لإقامة تماثل بين “النظام” و”الدولة” في سوريا..إن سقط النظام، سقطت الدولة، وهذه الفرضية على أية حال، شكلت وتشكل العمود الفقري في الخطاب الدعائي/ الدفاعي/ الهجومي للنظام..ولكن ما مصلحة واشنطن ورئيس استخباراتها القومية في “شراء هذه البضاعة وترديدها”..هل هي بضاعة أصلاً، أم أنها حقيقة من الحقائق التي آلت إليها الأزمة السورية؟.
في ظني، أن “تطيّف” المعارضة و”تمذهبها” هو السبب الرئيس في جعل العالم يتجه للقبول بما قاله كابلر والمقداد..روسيا بالمناسبة، وعلى لسان وزير خارجيتها النشط سيرغي لافروف، كانت سبّاقة في البوح بمخاوف من هذا النوع، ولطالما عمدت إلى تذكير “أصدقائها الغربيين” بأن الاستمساك بتنحي الأسد، ليس فقط “شرطاً تعجيزياً” يحول دون الوصول إلى “انتقال سلمي” بسوريا، بل وقد يتهدد وجود سوريا كدولة واحدة وكيان موحد، ويحيلها إلى كانتونات مُحتربة.
من مصلحة النظام أن يروّج لهذه النظرية، وهو يسعى في اختزال المعارضة جميعها بـ”النصرة” والقاعدة..مفترضاً أن مثل هذا القول، سيعمق مخاوف الغرب والجوار، وسيوفر له “طوق نجاة” من عزلته وحصاره، وقد يفضي إلى بقائه في السلطة..لكن في المقابل، فقد وقعت المعارضة السورية، من غير “النصرة”، في شرك لا فكاك منه، عندما أنكرت في البدء وجود القاعدة و”النصرة”، وعمدت لاحقاً (ولا تزال) إلى التقليل من حجمها ودورها ونفوذها في المعارضة السورية، إلى أن باتت “النصرة”، وباعتراف رئيس الاستخبارات الأمريكية، القوة الضاربة في المواجهة مع النظام السوري.
لا ندري إن كانت أقوال كابلر، تمثل الإدارة الأمريكية بمختلف أجنحتها واتجاهاتها..السي آي إيه، البنتاغون، الخارجية، البيت الأبيض، فضلاً عن الكونغرس وغيره من مراكز صنع السياسة والقرار..ولا ندري كذلك كيف سينعكس هذا “التقييم الاستراتيجي” الجديد للولايات المتحدة، على مواقف الإدراة وسلوكها حيال الأزمة السورية، وما إذا كان سيدعم خط الحوار مع موسكو حول الانتقال السلمي و”بيان جنيف” أم أن واشنطن ستواصل سياستها القائمة على “تلزيم” الملف السوري لأطراف إقليمية ودولية، من فرنسا وبريطانيا، إلى الدوحة والرياض، مروراً باسطنبول؟.
أياً يكن من أمر، فإن صعود نجم “النصرة” وشقيقاتها، بات أمراً مقلقاً لكثير من الأطراف الإقليمية والدولية، وإذ كانت بعض الدول تتخذ من هذه الظاهرة سبباً للدفع باتجاه الحسم العسكري وتسريع التدخل الدولي (قطر والسعودية وتركيا على سبيل المثال، وفرنسا وبريطانيا بدرجة أقل)، إلا أن المشهد لا يبدو كذلك من واشنطن، التي تبدي حذراً وتردداً (وأحياناً رفضاً صريحاً) لتسليح المعارضة والتدخل العسكري، ظناً منها أن ذلك لن يصب إلا في مصلحة القاعدة وحلفائها.
وربما يوفر هذا “التطور” في الموقف الأمريكي، سبباً إضافياً لبعض التفاؤل والرهان على “الحوار الروسي – الأمريكي” الذي سيشهد زخماً إضافياً بعد عدة أسابيع عندما سيلتقي باراك أوباما بفلاديمير بوتين، والملف السوري ثالثهما.
(الدستور)