حكاية قلعة سكر.. جثة عراقي منح الحياة لأمه بجزء من كبده
جو 24 :
رحلة علاجية لأم عراقية من أهالي مدينة قلعة سكر شمالي محافظة ذي قار جنوب العراق، والتي تعاني من مرض عضال، مع ابنها الذي تبرع بجزء من كبده لها، تحولت إلى معاناة بعد حجزهما من قبل إدارة أحد المستشفيات في الهند وسحب جوازاتهما بسبب نفاد المبلغ المطلوب للعملية الجراحية.
وعلى الفور بادر أهالي مدينة قلعة سكر التابعة لمحافظة ذي قار جنوب العراق باستجابة سريعة وذلك قبل نحو أسبوعين وتمكنوا من جمع المال اللازم والبالغ نحو 72 مليون دينار ما يعادل 60 ألف دولار خلال يومين فقط.
لكن القدر كتب الموت لوليد رشيد العكيلي الذي تبرع بقطعة من كبده لأمه بعد أن أعطاه المستشفى نسبة نجاح 99%، رغم درايته بإصابته بمرض الربو المزمن وتقرحات في المعدة بحسب مقربين منه.
وذكر مقربون من وليد، أن شقيق وليد كان تبرع لأول مرة لوالدتهم، لكن عدم تطابق التحاليل لم ترجح تبرعه لها، مما دفع الفقيد وليد بأن يتقدم للتبرع من أجلها رغم تعديه الخامسة والعشرين من عمره، الذي يقلل من فرص نجاح هذه العملية.
الاتفاق الأولي على سعر العملية كان 50 ألف دولار، لكن فشل ثلاث عمليات لزراعة الكبد أفلس عائلة الفقيد وليد، مما دفع بأهالي قلعة سكر بالتبرع وجمع الأموال الكافية والبالغة نحو 60 ألف دولار خلال يومين فقط، وإرسالها إلى الهند لإجراء عملية أخرى.
وانتكست عائلة وليد وأهالي مدينته وخيّم الحزن على كل محبيه الذين وصفوه بـ "الشهيد في سبيل أمه" لفعلته الإنسانية من أجلها، التي لم تكن أفضل حالاً منه، خاصة بعد سماع نبأ وفاة ولدها الذي أفقدها الوعي منذ عدة أيام.
وطالب أهالي قلعة سكر الحكومة بفتح تحقيق من خلال السفارة العراقية بشأن ما حدث لوليد وللعشرات من العراقيين الذين يذهبون للهند من أجل العلاج عن طريق شركات عراقية وسيطة، تقوم بحجز المواعيد مع مستشفيات ومراكز طبية في خارج العراق.
كما دعا أهالي المدينة الحكومة بإنشاء مستشفى تخصصي في المحافظة، لعدم وقوع المزيد من ضحايا النصب والاحتيال بين أيدي الشركات التي تعمل وفق أهوائها.
مصير وليد قد لا يكون الأول من نوعه، لكنه سجّل انعطافة إنسانية كبيرة لم تكن جديدة على أهالي قضاء قلعة سكر، إذ قام أهاليها بمبادرة أخرى لجمع مبلغ مالي نظير الأول خلال الأسبوع الماضي، لإنقاذ مريض آخر من المدينة في إحدى مستشفيات الهند أيضاً، ما دفع بالتفكير في إقامة مبادرة لإنشاء مركز علاجي متطور مجهز بأحدث التقنيات الطبية التي تنقص أغلب مستشفيات العراق والتي لا تنقصها الخبرات، أفضل من أن تبعثر هذه المبادرات لأن الأمراض المستعصية منتشرة ومرهقة حتى لذوي الأوضاع المالية الجيدة.
وفاة وليد العكيلي، قد يفتح ملف الشركات الطبية الوسيطة مع المؤسسات الصحية في خارج وداخل العراق، لكنه قد يبقى مفتوحاً إلى ما لا نهاية، لأسباب تتعلق بالفساد المستشري في الوزارات ودوائر الدولة بالعراق التي من ضمنها الصحية.