إندبندنت: بصمات إسرائيل واضحة في الغارات الهندية على باكستان
جو 24 :
كتب الصحافي روبرت فيسك في صحيفة "إندبندنت” معلقا على الغارات الأخيرة التي قام بها الطيران الهندي في باكستان.
وأشار أن اللغة التي استخدمت لتبرير الهجمات ذكرته بما تقوله إسرائيل عندما تضرب مواقع فلسطينية أو في سوريا، لكنه لم ينتبه لاختلاف المكان إلا عندما سمع بالاكوت في باكستان. وشعر بالدهشة كيف يمكن لشخص الخلط بين إسرائيل والهند؟
مع أن اللغة كانت هي نفسها: غارات جوية ضد "معسكر إرهابي” وتدمير "مركز قيادة وتحكم” وقتل عدد كبير من "الإرهابيين” وأن الجيش كان ينتقم من "هجمات إرهابيين” نفذوها ضد القوات.
وتختفي الدهشة عندما يكتشف الواحد أن هناك أمر مشترك في استعارة الكليشيهات عن الغارات والتقارير الإخبارية بين البلدين. فاسرائيل ومنذ أشهر تصطف إلى جانب حكومة حزب بهارتيا جاناتا المتطرفة في تحالف غير معلن وخطير سياسيا ضد الإسلاميين، في وقت أصبحت فيه الهند الزبون الأكبر للسلاح الإسرائيلي.
ولم تكن مصادفة، يقول فيسك، احتفال وتصفيق الإعلام الهندي بالدور الذي لعبته "القنابل الذكية” الإسرائيلية الصنع رفائيل سبايس- 2000 واستخدمها الطيران الهندي في الغارة التي قالت الهند إنها ضد معسكرات تابعة لجماعة جيش محمد في باكستان.
ويعلق الكاتب أن المغامرة الهندية داخل باكستان هي مثل كل التباهي الإسرائيلي في ضرب أهداف مماثلة مجرد خيال أكثر من النجاح العسكري. فالإرهابيون البالغ عددهم ما بين 300- 400 الذين دمرتهم القنابل الإسرائيلية الذكية ربما كشف عن كونهم مجرد صخور وأشجار.
مع أن الهجوم على الجنود الهنود في كشمير، يوم 14 شباط (فبراير) كان حقيقيا، وهو الذي تحملت جماعة جيش محمد مسؤوليته. وخلف 41 جنديا قتيلا، ولا إسقاط مقاتلة هندية هذا الأسبوع.
وفي هذا السياق يشير الكاتب للعلاقة الهندية- الإسرائيلية المتطورة، فقد كانت نيودلهي أكبر مستورد للسلاح الإسرائيلي في عام 2017 حيث اشترت انظمة رادار ودفاعات جوية وذخيرة بما فيها صواريخ جو- أرض بقيمة 530 مليون دولارا.
وتم تجريب كل هذه الأسلحة من خلال الغارات العسكرية التي شنها إسرائيل ضد أهداف فلسطينية وسورية.
والمفارقة في كل هذا أن إسرائيل تحاول البحث عن طريقة لشرح استمرارها بيع الدبابات والأسلحة والزوارق الحربية إلى الديكتاتورية العسكرية في ميانمار في وقت تفرض فيه الحكومات الغربية عقوبات على الحكومة التي حاولت تدمير أقليتها ذات الغالبية المسلمة، من الروهينغا.
وأضاف فيسك أن إسرائيل صورت المناورات العسكرية المشتركة لقواتها الخاصة مع الوحدات الهندية في صحراء النقب.
وقدمت القوات الإسرائيلية نتاج تجربتها في الحرب على غزة. وكجزء من وفد عسكري هندي قوي أقام 16 من وحدات "غارود” الخاصة في قاعدتي نيفاتيم وبالماتشيم في إسرائيل.
وفي أول زيارة يقوم بها زعيم هندي إلى إسرائيل عام 2018 تذكر ناريندرا مودي الهجوم الذي نفذه إسلاميون على مدينة مومباي وقتل فيه 170 شخصا. وقال "يعرف الهنود والإسرائيليون جيدا الألم الذي تتسبب به الهجمات الإرهابية”. و”نتذكر الوحشسة المرعبة في مومباي. ونشحذ أسنانا ونرد ولا نستسلم”.
وحذر العديد من المعلقين الهنود من بناء العلاقة بين البلدين على زواج بين الصهيونية المتطرفة والقومية الهندوسية المتطرفة.
وقالت الباحثة المقيمة في بروكسل شيري مالهورتا والتي ظهرت مقالاتها في "هآرتس” الإسرائيلية أن الهند يعيش أكبر تجمع للمسلمين بعد الباكستان وأندونيسيا وأكثر من 180 مليون نسمة. وأضافت أن "العلاقة الهندية- الإسرائيلية تم تأطيرها بشكل عام بناء على تلاقي طبيعي بين حزب بهارتيا جاناتا وحزب الليكود”. فقد قامت القومية الهندوسية ببناء سرد يقوم على أن الهندوس كانوا ضحايا المسلمين، وهو خطاب جذاب للهندوس الذي عاشوا التقسيم ويعيشون العلاقة المضطربة بين الباكستان والهند.
وقالت مالهورتا في مقالتها إن أكبر طبقة معجبة بإسرائيل في الهند هم "هندوس الإنترنت” والذين يحبون إسرائيل بسبب الطريقة التي تعامل فيها الفلسطينيين وتقاتل المسلمين. وشجبت مالهورتا مطالب استاذ جامعة كارلتون، فيفك ديهاجي وبناء حلف ثلاثي هندي- إسرائيلي- أمريكي خاصة أنها جميعا عانت من سوط الإرهاب الإسلامي”.
ويعلق فيسك أنه بنهاية عام 2016 لم يزد عدد المسلمين الهنود الذين سافروا للقتال في سوريا مع تنظيم الدولة عن 23 شخصا، مع أن بلجيكا التي لديها أقلية مسلمة صغيرة انتجت 500 جهاديا. وترى مالهورتا أن علاقة الهند مع إسرائيل يجب أن تقوم على البراغماتية لا الأيديولوجيا. إلا أنه من الصعب رؤية هذا في وقت تقوم فيه القومية الصهيونية بتعليم القومية الهندوسية من خلال صفات السلاح للهند والتي استخدمت ضد الإسلاميين في الباكستان. ويرى الكاتب أن المشاركة في "الحرب على الإرهاب” خاصة "الإرهاب الإسلامي” قد يبدو طبيعيا لبلدين نشأ بسبب التقسيم الإستعماري والتي يهدد أمنهما الجيران المسلمين. وفي كلا الحالين فالكفاح هو حق التملك أو احتلال مناطق. وتملك إسرائيل والهند والباكستان السلاح النووي. وهو سبب لعدم السماح تشابك فلسطين وكشمير معا وترك 180 مليون مسلم وحدهم.
(القدس العربي)