باسم سكجها يكتب: الملك لم يقل عن القُدس: “لا” بل قال: “كلّا”
باسم سكجها
جو 24 :
الملك لم يُعلن اليوم موقفاً جديداً، لأنّ هذا هو موقفه الذي كرّره ومارسه على الدوام فـ”القُدس خطّ أحمر” ولا يمكن تجاوزه، ولكنّ لغة جسد الملك، ووجهه الغاضب، كانا يشيان بما يعتمر نفسه من مشاعر في وقت صعب، وهو أصلاً لم يُخف أنّه يتعرّض إلى ضغوط ولكنّ الردّ كان وسيكون:”كلّا”، وتعرفون أنّ "كلّا” في اللغة العربية تعني أكثر من مليون "لا”.
قبل أشهر كان الملك أعلن أنّ مئة مليار من الدولارات لن تُغيّر موقفه، وحين تسلّم جائزة تمبلتون للتعايش بين الاديان ركّز على المقدّسات الاسلامية والمسيحية، وعلينا أن ننتبه إلى أنّ حديث جلالته الصارم في الزرقاء كان عن القُدس والمُقدّسات، وليس عن الوصاية الهاشمية على المسجد الأقصى فحسب، فالمسألة هي المدينة المقدّسة كلّها التي يبدو أنّ ما يسمّى بـ”صفقة القرن” تجعلها أساساً، وتُريد اغلاق ملفّها إلى الأبد.
زيارتا عمل للملك إلى الولايات المتحدة خلال أسابيع قليلة، جعلتا المحللين هنا وهناك يبنون عشرات التكهنات، ولكنّ الواضح الآن أنّ القُدس كانت العنوان والمضمون، والتركيز في الزيارة الأخيرة كان على ممثلي الشعب الأميركي، وليس على السلطة التنفيذية، فهناك مساحة ينبغي عدم تركها فارغة من التأثير العربي، والمعروف أنّ جلالته أكثر قيادات العرب خبرة في هذا المجال.
لا بدّ أنّ لاختيار الزرقاء مكاناً لهذا الإعلان الصارم سبب، ولعلّ لأنّ المدينة أُسست على معسكرات الجيش، وضمّت كلّ مكوّنات الشعب الأردني، ومن هناك ركّز الملك على قوله: هذه آخر مرة أعلنها، فهذا موقف لا رجوع عنه.
ولا أحبّ الحديث، هنا، عمّا حدث في مجلس النواب قبل يومين، وخرّب الهدف الأساس من الجلسة المهمّة، ولكنّني أحبّ أن نكون جميعاً دائماً على قدر المسؤولية فنحتوي أية أزمة عارضة، لأنّ الأمر الآن لا يحتمل النزوات ولا العنتريات ولا المزايدات في مسألة تاريخية، ويبقى أنّني لن أنسى أحد مشايخ فلسطين وهو يقول: حين ننهي صلاتنا في الأقصى نُسلّم يميناً على أرضنا المحتلة، ونُسلّم يساراً على الأردن الحبيب، وشكراً للملك الرجل إبن الرجال، وللحديث بقية!