ما بعد الانتخابات.. حياة جديدة لنتنياهو تُفسح الطريق للمخططات الأمريكية
جو 24 :
عاد بنيامين نتنياهو ليتصدر المشهد الإسرائيلي، ليستمر في أطول فترة حكم متواصلة في تاريخ دولة الاحتلال. وفي حال نجا نتنياهو من تهم الفساد التي تلاحقه، واستطاع تشكيل الحكومة، فإنه سيمهّد الطريق لـ"خطة السلام" الأمريكية المزمع تقديمها قريباً.
أظهر إحصاء للأصوات، الأربعاء، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، سيستمرّ في السلطة، إذ من المقرر أن تمنحه أحزاب اليمين المتطرف أغلبية برلمانية، على الرغم من المنافسة الشديدة بينه وبين خصمه الوسطي الرئيسي.
ومع فرز أكثر من 97% من الأصوات، يبدو أن حزب الليكود اليميني بزعامة نتنياهو سيحشد ما يكفي من الدعم للسيطرة على 65 مقعداً في الكنيست المكون من 120 مقعداً، وسيقع الاختيار على نتنياهو لرئاسة الحكومة الائتلافية المقبلة لولاية خامسة.
حياة جديدة لنتنياهو؟
عُدّ السباق الانتخابي المحتدم استفتاءً على شخصية نتنياهو وسجلّه في مواجهة اتهامات بالفساد، إذ يواجه احتمال إدانته في ثلاث قضايا للكسب غير المشروع.
وعلى الرغم من ذلك، فقد حصد نتنياهو أربعة مقاعد إضافية مقارنة مع ائتلافه الحاكم المنتهية ولايته، وفقاً لكشف نشرته اللجنة المركزية للانتخابات للأحزاب التي حصلت على ما يكفي من الأصوات لدخول البرلمان.
من جهته، أعلن تحالف أزرق-أبيض الجديد بزعامة بيني غانتس، خصم نتنياهو الرئيسي، تحقيق انتصار أصغر بشغل 35 مقعداً، وهو نفس عدد المقاعد التي حصل عليها الليكود.
وما لم يعدل غانتس عن تعهداته الانتخابية بالنأي عن نتنياهو، فإنه سيرأس فيما يبدو معارضة برلمانية من يسار الوسط.
بقاء نتنياهو في القيادة، سيجعله أطول رؤساء وزراء إسرائيل بقاءً في السلطة، لكن هذا قد يفسد إذا ما واجه اتهامات جنائية وتمت الإطاحة به.
وسيتخذ قرار بشأن اتهام نتنياهو بعد جلسة لإعادة النظر، من المتوقع أن يدفع نتنياهو خلالها بضرورة الإبقاء عليه في سبيل المصلحة الوطنية.
ويتوقع بعض المحللين السياسيين أن نتنياهو قد يحاول إقرار قانون يمنحه الحصانة من المحاكمة، بوصفه زعيماً في السلطة، حسب ما نقلته وكالة رويترز.
دعمٌ وخُطط أمريكية
تبادلت الأحزاب المتنافسة، خلال الحملة الانتخابية، الاتهامات بالفساد وإذكاء التعصب والتراخي إزاء الأمن.
وسلط نتنياهو الضوء على علاقته الوثيقة بالرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الذي "أسعد الإسرائيليين"، وأثار غضب الفلسطينيين حينما اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل عام 2017، ونقل السفارة الأمريكية إلى المدينة في مايو/أيار الماضي.
وقبل أسبوعين من الانتخابات، وقّع ترمب إعلاناً، ونتنياهو إلى جانبه في البيت الأبيض، يعترف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان المحتلة التي انتُزعت من سوريا في حرب عام 1967.
وخلال السباق الانتخابي، زاد نتنياهو من قلق الفلسطينيين حينما وعد بضم المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة إذا ما أعيد انتخابه.
وعُدّ وعد نتنياهو على نطاق واسع محاولة لجذب أصوات ناخبي تيار اليمين، لا تغييراً في السياسة. لكن بعد قرارات تراب حيال القدس والجولان، قد يتجرأ رئيس الوزراء على الدعوة لضم المستوطنات في الضفة.
ومن المتوقع أن يعلن ترمب بعد الانتخابات، عن خطة إدارته المنتظرة للسلام في الشرق الأوسط، المتعارف عليها إعلامياً بمسمى "صفقة القرن".
في ذات الصدد، قال ترمب للصحفيين في البيت الأبيض، الأربعاء، إن فوز نتنياهو بفترة جديدة في المنصب "مؤشر جيد للسلام".
وتابع قائلاً إن "الجميع يقولون إنه لا يمكن أن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين. أعتقد أن لدينا فرصة جيدة لتحقيق ذلك، لا سيما بعد فوز نتنياهو بولاية جديدة".
فيما قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بعد إعلان النتائج الأولية، الأربعاء، إن إدارة ترمب ستطرح "قريباً" اقتراحاً بشأن "حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".
وأضاف بومبيو في جلسة بمجلس الشيوخ الأمريكي "نعكف حالياً على إعداد مجموعة من الأفكار، التي نأمل في تقديمها قريباً".
من جهته، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، الأربعاء، إن خطة ترمب بشأن السلام في الشرق الأوسط "باتت قريبة جداً"، وأضاف في تصريحات لشبكة ABC الأمريكية "نحن في المراحل النهائية لجعلها جاهزة".
وأوضح بولتون أن الكشف عن الخطة سيتم فور الإعلان رسمياً عن فوز نتنياهو، وقال "إن إعادة انتخاب نتنياهو تفتح المجال أمام جميع الآفاق".
غضب فلسطيني
علّق كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات على الانتخابات الإسرائيلية قائلاً "صوّت الإسرائيليون لبقاء الحال على ما هو عليه. قالوا لا للسلام ونعم للاحتلال".
من جهته، قال خليل الحية نائب رئيس حركة حماس "لا يعنينا ماذا يقدم نفسه نتنياهو أو غيره، نحن نقول ماذا نريد نحن كفلسطينيين، ما هو مطلوب منا نحن كفلسطينيين".
وأضاف الحية "نواجه صفقة القرن، نواجه حالة التشرذم، نواجه التطبيع، نواجه التفرد... هكذا يمكن أن نواجه هذه التحديات التي كانت قبل الانتخابات الإسرائيلية وبعدها".
وتابع "بالمناسبة هذه التحديات قائمة، سواء فاز هذا الحزب الإسرائيلي أو ذاك، كل هذه الأحزاب قائمة على احتلال الأرض، وتهجير أهلها، والتنكر لكل حقوقنا الوطنية الثابتة".
بدورها، قالت عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مريم أبو دقة، إن الشارع الإسرائيلي انتخب "الحكومة الاستيطانية والاستعمارية العنصرية الأكثر تطرفاً".
وأضافت "بعد الانتخابات الجديدة، القادم أسوأ على القضية الفلسطينية، اليمين المتطرف كلّه متفق على شطب المشروع الوطني الفلسطيني، وإنهاء حق العودة وقضية اللاجئين وإنهاء ملف القدس".
وتابعت أبو دقة "على الشارعين العربي والفلسطيني، أن يكونا متيقظين، كون إسرائيل ومن ورائها واشنطن، تسعيان للسيطرة على المنطقة العربية بشكل عام ما يشكّل خطراً على السلم العالمي".
تي ار تي العربية