وفاة جنى.. تساؤلات حول معايير عمل الحضانات
جو 24 :
علمت ”الغد" أن وزارة التنمیة الاجتماعیة كانت رفضت تجدید رخصة الحضانة التي
كانت تلتحق بھا الرضیعة الراحلة جنى بسبب وجود مخالفات لمعاییر دور الحضانة، كما تم
اعطاء الحضانة مھلة شھر لتصویب أوضاعھا لكن ادارة الحضانة لم تصوب تلك المخالفات.
وبحسب ما علمت ”الغد" فإن الحضانة مسجل بحقھا ”إنذار سابق، فیما لم تكن مخالفاتھا
بالجسامة التي تستوجب الإغلاق".
الرضیعة جنى ابنة الخمسة شھور قد توفیت أول من أمس الثلاثاء، ووفقا لذویھا فإن ”ابنتھم
تعرضت لحالة اختناق اثناء تواجدھا في دار الحضانة، حیث اتصلت ادارة الحضانة مع الأم
لاصطحاب طفلتھا التي حولت الى مستشفى البشیر وتوفیت ھناك".
لكن مدیر المركز الوطني للطب الشرعي الدكتور أحمد بني ھاني أكد أنھ ”بفحص الطب
الشرعي تبین عدم وجود أي آثار للشدة أو العنف أو اختناق بشرب الحلیب على الرضیعة"،
مضیفا في تصریح لـ ”الغد" إن ”سبب الوفاة ما یزال معلقا"، إلا أنھ ألمح في ذات الوقت الى
احتمال أن تكون الوفاة ”نتیجة لما یعرف بمتلازمة الموت المفاجئ للرضع (موت المھد) أو
لحالة مرضیة".
وموت المھد ظاھرة موت مفاجئ وغیر متوقع یتعرض لھا أطفال رضع حتى السنة الأولى من
عمرھم خلال نومھم دون أي سابقة إنذار ودون سبب واضح، وأعلى نسبة لھذا النوع من حالات
الوفاة ھي للفئة العمریة شھرین الى 4 أشھر.
الى ذلك قال الناطق باسم وزارة التنمیة الاجتماعیة أشرف خریس، إن لجنة التحقیق التي شكلتھا
الوزارة ”لم تنتھ بعد من عملھا حیث ما یزال البحث جاریا في ملف عمل الحضانة لتحدید
الإجراء المناسب سواء بالإغلاق أم لا".
وفي اتصال مع والدة الطفلة جنى أكدت في حدیثھا لـ ”الغد" أن ”ابنتھا لم تكن مصابة بأي حالة
مرضیة وأنھا ارسلتھا بحالة ممتازة الى الحضانة".
وأضافت الأم التي تعمل ممرضة في مركز صحي حكومي إنھا ”أرسلت ابنتھا الى الحضانة في
السابعة والنصف یوم أول من أمس وطلبت من المشرفات إعطاء الطفلة 30 ملم من الحلیب"،
مبینة أنھا حوالي ساعة العاشرة والنصف اتصلت بھا ادارة الحضانة للحضور الى الحضانة".
وقالت، اخبرتني الحضانة أن ”بنتك اتشردقت بالحلیب واستفرغت، وھو الكلام الذي نفتھ إدارة
الحضانة بعد ذلك"، ووفقا للأم فإن الطفلة ”كانت بحالة صدمة ولم تكن تتفاعل، حیث اصطحبتھا
فورا للمركز الصحي الذي تعمل بھ وھناك طلب الطبیب في المستشفى سیارة إسعاف لنقلھا الى
مستشفى البشیر".
واستغربت الأم تصرف ادارة الحضانة بعدم نقل الطفلة الى المستشفى مباشرة او الاتصال
بالدفاع المدني، مضیفة ”حتى عندما طلبت من المدیرة ان تنقلني بسیارتھا الخاصة الى المركز
الصحي رفضت ذلك".
وأشارت الى أنھا ”وبحكم خبرتي ممرضة وعملي في أقسام العنایة الحثیثة والعملیات والطوارئ
أدركت ان ابنتي في حالة موت دماغي، وفي المستشفى اخبرني الاطباء ان رئتي الطفلة ملیئة
بالحلیب والبلغم وتم اجراء شفط لھذه السوائل من الرئة ونقلھا لاحقا الى العنایة المركزة حیث
توفیت ھناك".
وأضافت الأم، ”ما أریده الحقیقة فقط وحق ابنتي"، معتبرة أن وفاة ابنتھا ھي ”نتیجة إھمال".
وحول المدة التي قضتھا جنى في الحضانة، بینت الأم أن ”رضیعتھا ملتحقة بالحضانة منذ شھر
ونصف الشھر ومعھا شقیقھا البالغ عاما ونصف العام" مشیرة الى أنھ ”كان لدي الكثیر من
الملاحظات حول عمل الحضانة وتحدیدا لجھة صغر سن العاملات في الحضانة وعدم كفاءتھن
في التعامل مع الاطفال وكنت اوصل تلك الملاحظات باستمرار للإدارة".
وأوضحت أنھ رغم وجود خیارات لحضانات أفضل في المنطقة ”لكن اختیار الحضانة یرتبط
بالقسط الشھري حیث كنت أدفع لھذه الحضانة 35 دینارا للطفل الواحد في حین تطلب
الحضانات الأخرى 100 دینار".
من جانبھا اوضحت الحضانة على لسان محامیتھا أن ”الرضیعة جنى خرجت من الحضانة وھي
على قید الحیاة ولم یتم ارضاعھا الحلیب اثناء فترة وجودھا بالحضانة، حیث رفضت الرضیعة
تناول الحلیب"، مشیرة الى أن جنى ”تقیأت مرتین متتالیتین ما دفع الادارة الى التواصل مع الأم
لاصطحابھا".
وتفتح وفاة الرضیعة جنى ملف غیاب الحضانات المؤسسیة رغم وجود بند قانوني یؤكد حق
الامھات العاملات بوجود حضانة في مكان العمل لرعایة أطفالھن، حیث تنص المادة 72 من
قانون العمل ”على صاحب العمل الذي یستخدم ما لا یقل عن عشرین عاملة تھیئة مكان مناسب
یكون في عھدة مربیة مؤھلة لرعایة اطفال العاملات التي تقل اعمارھم عن اربع سنوات، على
ان لا یقل عددھم عن عشرة اطفال".
وبینت العضو المؤسس في مؤسسة صداقة لبیئة عمل صدیقة للمرأة رندا نفاع، ان وجود
حضانة في مكان العمل ”یقلل من حالات الاھمال والاساءة التي قد تقع بحق الاطفال في دور
الحضانة".
وأوضحت نفاع أنھ وفقا للحالات التي تمت دراستھا من قبل مؤسسة صداقة فإن ”الالتزام
بالمعاییر في الحضانات المؤسسیة أعلى منھ في الحضانات التجاریة بسبب رقابة الأم المستمرة
على الحضانة الى جانب اھتمام صاحب العمل بالمعاییر التي یتم تطبیقھا في الحضانة".
وأشارت الى ”اشكالیة الكلف المرتفعة للحضانات التجاریة التي تقدم خدمات جیدة في رعایة
الطفولة المبكرة"، مبینة أنھ ”في دراسة لصداقة تبین أن متوسط المبلغ الذي یمكن للعائلة العاملة
تخصیصھ للحضانة ھو 50 دینارا شھریا لكن ھذا المبلغ ینخفض في المحافظات"، مضیفة أن
”الكلفة امر یجب اخذه بعین الاعتبار لجھة توفیر خدمات ضمن المعاییر والجودة المطلوبة وفي
ذات الوقت تتناسب والقدرة المالیة للعائلة العاملة".
وبینت نفاع ان صداقة طورت قبل عامین اطارا وطنیا للحضانات المؤسسیة ”لتكون الحضانة
متاحة لكل الأسر العاملة وضمان النوعیة من خلال رفع كفاءة مقدمات الرعایة".الغد