"يا اختي راسي عم يوجعني ودايخ"... خذله قلبه أثناء ذهابه إلى المدرسة
أن تكتب عن فتى صغير خذله قلبه باكراً، ليس بالأمر السهل. وأن يخذلك قلبك فجأة، فهذا صدمة. ولكن كيف إذا كان فتىً في عمر صغير هو الذي توقف قلبه؟ محمد وهبي، ابن الـ14 سنة توقف قلبه أثناء ذهابه إلى المدرسة. لم يتسنّ له الوصول إلى المدرسة، عاجله الموت وترك عائلته مفجوعة على غيابه المفاجئ.
نظراً للقصص العديدة التي تشبه قصة محمد، يبدو أننا بحاجة إلى المزيد من التوعية على حالة توقّف القلب والتعرّف إلى كهرباء القلب. قد لا يعرف الكثيرون ما تعنيه هذه الحالة الطبية، لكننا بتنا بحاجة الى رفع الصوت أكثر والحديث عن هذا الموضوع علّنا ننقذ باقي الشباب من هذا الموت المفاجئ.
إبن بلدة النبي عثمان البقاعية محمد وهبي رحل باكراً، خبر رحيله كان صعباً على كل من عرفه. صحيح انه يدرس في بيروت، إلا أن وفاته هزّت الجميع. يتحدث أحد أقرباء العائلة الاختصاصي في الأمراض القلبية الدكتور علي وهبي لـ"النهار" قائلاً: "إنه لم يرَ علي منذ سنوات، لكن موته صدمة يصعب تصديقها. وفق الرواية التي وصلتني تقول إن علي كان متوجهاً إلى المدرسة برفقة شقيقته، وفي طريقه قال لها: "دخيلك راسي عم يوجعني ودايخ"، ظنت شقيقته أنه بسبب عدم تناوله الفطور، فتوجهت إلى الدكان لشراء ساندويش له، وعند خروجها فوجئت به مغمى عليه وممدداً على الأرض".
يتابع وهبي: "خافت شقيقته كثيراً وبدأت بالصراخ، فركض نحوها الجيران هناك ونقلوه إلى المستشفى. محاولات إنعاشه نجحت فعاد قلبه ينبض، لكنه سرعان ما دخل في غيبوبة قبل أن يفارق الحياة في اليوم التالي".
برأي وهبي أن "ما جرى مع محمد هو على الأرجح خلل في كهرباء القلب، اذا كان هناك زيادة في ضربةالبطين الأيمنخلال انبساط القلب، تؤدي إلى رجفة في القلب، وتتسبّببتوقفه. أصبحنا نسمع كثيراً عن هذه الحالة الشبيهة بحالة محمد، لذلك من المهم التوعية حول هذا الموضوع وإجراء فحوصات للقلب عند الأطفال والشباب كما هي الحال مع الفحوصات الطبية الأخرى".
إن حالة توقف القلب عند الشباب لا تُشبه حالة الوفاة بأزمة قلبية عند الكبار. لذلك سنُعيد التذكير وشرح هذه الحالة وكيفية التشخيص والوقاية منها وأهم العلاجات.
ما هي كهرباء القلب؟
يشهد الاختصاصي في أمراض القلب والأوعية الدموية وكهرباء القلب في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت ورئيس شعبة كهرباء القلب في جمعية القلب اللبنانية الدكتور مروان رفعت، حالات كثيرة من حالات الخلل في كهرباء القلب من دون علم الأشخاص الذين يتعرضون لها، وأُنقذوا من الموت المفاجئ. ويتحدث عن الأسباب المسؤولة وعن كيفية علاجها وتفادي هذه المأساة.
يستهل الدكتور رفعت حديثه بشرح أسباب توقف القلب الفجائي عند الشباب ومنها:
* اعتلال عضلة القلب الضخامي Hypertrophic Cardiomyopathy وهو مرض وراثي.
*خلل تنسُّج البطين الأيمن المحدث لاضطراب النظم
* متلازمة فترة QT الطويلة
* متلازمة بروغادا
* متلازمة وولف باركسون وايت
* ﺗﺴﺮع البطين ﻋﺪﻳﺪ اﻷﺷﻜﺎل CPVT.
* عيوب خلقية للشرايين التاجية
* العامل الوراثي
* العيوب الخلقيه للقلب
تُصيب هذه المشكلة فئة الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 12- 35 عاماً ويكون سبب الوفاة ناجماً عن خلل في كهرباء القلب وعدم انتظام دقاته.
أعراض تحذيرية
يُميّز الدكتور مروان رفعت بين الجلطة، وهي كناية عن انسداد في شرايين القلب، وبين خلل كهرباء القلب. لذلك من الأهمية بمكان تشخيص الحالة وعدم إهمال أي عارض، لا سيما أن العارض الأول قد يكون الأخير. ومن أهم هذه الأعراض:
- الإغماء
- الدوخة
- تسارع في دقات القلب
- غثيان
- ألم في الصدر
"رسالتنا اليوم" وفق رفعت "ليس فقط زيادة التوعية حول مشكلة كهرباء القلب، وإنما الحض على أهمية توفير جهاز مزيل الرجفان القلبي AED في الأماكن العامة والجامعات والنوادي الرياضية لإنقاذ أرواح الشباب الذين يواجهون توقف القلب المفاجئ. ومن المهم الإشارة إلى أنه يمكن لأي شخص استخدام هذا الجهاز في حال جرى تدريبه عليه".
كيف يمكن علاج كهرباء القلب؟
كما يشدد الدكتور رفعت على "أهمية الكشف المبكر والتأكد من التاريخ العائلي للشخص وإجراء الفحص السريري وفحص القلب وتخطيطه كهربائياً، وعلى أساسها تشخص حالة المريض وبالتالي يحدد نوع العلاج".
أما بالنسبة الى العلاجات فيمكن تقسيمها وفق الآتي:
* أدوية دقات تنظيم القلب
* زرع جهاز لتفادي خطر الوفاة المفاجئة
* الكيّ: وهنا يتمّ ادخالقسطارلتحديد موقع الاعتلال وكيّه.
كل دقيقة مهمة
وفق خبرته في هذا المجال، بات مؤكداً أن أكثر الحالات تعود إلى الوراثة نتيجة خلل جيني. ويستعين الدكتور مروان رفعت بتجربة إيطاليا التي أجرت دراسة وتشخيصاً على مدى أكثر من 25 عاماً، وتمكنت من تفادي الموت المفاجئ بنسبة 89%. لذلك من المهم إجراء تخطيط كهرباء القلب للرياضيين وللأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي (وفاة مبكرة في العائلة بسبب القلب – دون سن الـ 50).
يُشكّل الوقت محطة مفصلية في حالات توقّف القلب المفاجئ. وبرأي رفعت فإن "كل دقيقة مهمة في هذه الحالة، وكلما تأخرنا دقيقة تقلّ نسبة النجاة 10%. تبدأ الخطوة الأولى في عملية الإنقاذ بإجراء إنعاش القلب الرئوي CPR إلى حين توافر AED أو وصول فريق الإنقاذ إلى المكان".
النهار اللبنانية