حازم عكروش يكتب: تفرغ نقيب الصحفيين مصلحة مهنية وصحفية
جو 24 :
كتب حازم عكروش -
عشنا مرحلة الثمانينات عندما كانت النقابات المهنية قلاعا وطنية تدافع عن قضايا أعضائها المهنية والمعيشية وتساهم في الدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى رغم الحصار الرسمي الذي كان يفرض عليها ومحاربتها بكل الوسائل.
وبرز في حينه قيادات نقابية ضحّت بمصالحها الشخصية وظلّت صامدة أمام المغريات وضغوطات الحياة المادية في سبيل تحقيق إنجازات لممثليها والدفاع عنهم وعن مستقبلهم وظروف عملهم، ورفع سقف الحريات الإعلامية والصحفية.
منذ عدة سنوات تراجع العمل النقابي وأصبحت قيادته تدور في فلك الحكومات بحيث أضحى العمل النقابي سلما للحصول على منصب وزاري أو اجتماعي أو اقتصادي.
وعلى صعيد نقابة الصحفيين فقد خضعت القيادات النقابة المتعاقبة للاحتواء الحكومي حين أصبح العمل النقابي وسيلة لتحقيق المصالح الشخصية من خلال إدارة ملف النقابة بما ينسجم مع التوجهات الحكومية والدوران بفلك الحكومة مما أضعف موقفها النقابي والمهني وربما أفقدها مصداقيتها أحيانا أمام الصحفيين والرأي العام، لا سيما مع تراجع هيبة الإعلام والإعلاميين والفشل الكبير في رفع سقف الحريات الصحفية ومهننة الإعلام وموضوعيته.
الوضع الاقتصادي الصعب وتدني رواتب الصحفيين أسهم على نحو كبير في تراجع العمل الصحفي، ودفع بالصحفي نحو استجداء العمل الآخر وفي مواقع مختلفة سعيا لتحقيق حياة كريمة على حساب دوره المهني ما جعله ملحقا بالإكراه بمراكز ومؤسسات مختلفة كموظف مأمور يروّج ويلمّع السياسات والقرارات دون معالجتها بشكل موضوعي ومهني.
وقد ساعد في تكريس هذا الواقع عدم تفرّغ نقيب الصحفيين للعمل النقابي البحت للدفاع عن الصحفيين ورفع سقف الحريات وتعديل القوانين التي يحتاج الدفاع عنها إلى مواقف نضالية صلبة قد تكلفه منصبه، وهذا ما بدا في السنوات القليلة الماضية حين تخاذلت مواقف مجالس النقابة، وعجز تلك المواقف الشكلية وغير الجذرية عن رفض قوانين المواقع الإلكترونية والجرائم الالكترونية حيث كان دورها يقتصر على بيان يوزع على وسائل الإعلام وكفى الله المؤمنين شر القتال، رغم أن تعديل قانون المواقع الالكترونية قد دفع وزير الإعلام الأسبق طاهر العدوان إلى الاستقالة من منصبه كوزير رفضا لهذا القانون.
ان عدم شمول قانون نقابة الصحفيين على نص يمنع تفرغ نقيب الصحفيين للعمل النقابي دفع ومنذ سنوات الحكومات إلى تعيين النقباء مدراء أو رؤساء لتحرير الصحف المختلفة كما في صحيفتي الرأي والدستور وكذلك أعضاء مجالس إدارة في وكالة الأنباء الأردنية والتلفزيون الأردني دون أن يحدثوا فرقا على صعيد المهنة أو الحريات الإعلامية أو الوضع الاقتصادي، الأمر الذي أدى إلى تراجع العمل الصحفي المهني إلى جانب هبوط سقف الحريات الصحفية، يرافق ذلك غض للطرف عن واقع الإعلام المتردي رغم أن المجالس السابقة كانت ترفض تعديل قانون النقابة للسماح للعضو العامل في المؤسسات الإعلامية الرسمية الاردنية من الترشح لمنصب النقيب لمنع السيطرة عليه من قبل الحكومات الا انها سيطرت على النقباء من خلال الإعلام شبه الرسمي وهذا النص برأيي فيه شبهة دستورية كونه يميّز ما بين الأعضاء بالحقوق والواجبات ويحرم الكفاءات من تبوؤ هذا الموقع التمثيلي.
هذا الواقع يدعونا للمطالبة بتغيير نص قانون النقابة، بحيث يشترط تفرغ النقيب للعمل النقابي وعدم السماح له بتولي مناصب رسمية أو شبه رسمية حتى لا يصبح هنالك تضاربا في المصالح بين عمله كنقيب ومدافع عن الصحفيين وبين دوره كمسؤول وظيفيا عن الصحفيين في المؤسسة الإعلامية وحتى لا يتناقض ذلك مع عمله النقابي الذي نذر نفسه له وطلب ثقة الهيئة العامة على اساسه.