عن تقرير صحيفة القبس المفبرك.. اخراج رديء ومغالطات بالجملة وقراءة استشراقية للمشهد
جو 24 :
أحمد عكور - سقطة مهنية غير معتادة وقعت بها إحدى كبرى الصحف الكويتية بعد نشرها معلومات مستقاة من تقرير مفبرك جرى تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيق الواتساب على أنه "تقرير استخباري خطير"، واللافت أن صحيفة القبس الكويتية نشرت التقرير الذي أعدّه صحفي أردني -على الأغلب- منسوبا لمصادر أمنية وسياسية رفيعة بالرغم من كون المعلومات كلها كانت مستقاة من التقرير المفبرك ذاته بل وأحيانا بنفس الصياغة!
لا نعرف كيف انطلى مثل ذلك التقرير المفبرك على صحيفة بحجم القبس، فالفبركة واضحة فيه لدرجة أنه لم ينطلِ على أيّ من الأردنيين الذين يشاهدون الملك والأمراء متحدين صفّا واحدا وكتفا إلى كتف في كلّ مناسبة، وقد كان واضحا أيضا أن الهدف من التقرير المدسوس تقديم خدمة لبعض مراكز صنع القرار التي يعرف الناس أنها تتحمل مسؤولية تدهور الأوضاع في الأردن، ومحاولة اظهار تلك المراكز على أنها ضحية المؤامرات.
والواقع، أن مراكز صنع القرار تلك هي الوحيدة صاحبة المصلحة في اختلاق التقرير المدسوس من أجل خلط الأوراق وتشتيت البوصلة، لكن مشكلتهم كانت في الاعداد والاخراج الغبي لهذا التقرير، فقد جرى اعداده واخراجه بطريقة بدائية مكشوفة للغاي، وكان الأصل بمعدّيه أن ينطلقوا من معلومات صحيحة ومن ثمّ يعمدون إلى دسّ السم في العسل، لكن هذا التقرير بُني على معلومات مغلوطة بالكامل، وهذا ما يبرر عدم اقتناع أي شخص به.
وبالاضافة إلى القناعة بكون ذلك التقرير جاء لحماية بعض مراكز صنع القرار غير الدستورية، فإن معرفة الأردنيين بمطالب الحراك الشعبي وأنها محصورة بالاصلاح ومكافحة الفساد ومحاسبة كبار الفاسدين وأن تكون السلطة والمسؤولية متلازمتان، ودمقرطة المجتمع والدولة، ووقف الفساد الممنهج الذي نخر مؤسسات الدولة وانسحب على المجتمع، ووقف عمليات الحتّ والتعرية التي يتعرض لها الوطن، كلّ هذا جعلهم يكذّبون ما جاء في التقرير.
كما أن كلّ الأردنيين يعرفون أن لا مشكلة لدى الحراك الشعبي والحركات السياسية مع بنية النظام السياسي الأردني.
الواقع أن الأردنيين تحمّلوا كلّ ما يجري عليهم من ضغط اقتصادي هائل وفساد التهم الأخضر واليابس حرصا منهم على وطنهم ونظامهم، ورفضا لكلّ ما قد يجرّ الفوضى عليهم، وهذا مؤشر وعي متقدم؛ الناس ليست خائفة بدليل خروجهم المستمر للشارع للمطالبة بالاصلاح ومحاربة الفساد.
وأما إذا كانت الصحيفة تريد الحديث عن الاختراقات التي تجري على الساحة الأردنية، فهنا يمكن الحديث عن تقصير وزارة الخارجية في مراقبة نشاطات بعض السفارات وسفراء دول خليجية بالاضافة للسفارة الأمريكية وسفارة الاحتلال الصهيوني، وهذا الخطر الحقيقي الذي يجب التحوّط والتنبه له.