التعليم وسمك القرش البري
د. محمود المساد
جو 24 :
جاء في المقال السابق ( نظرية مرايا الكون في تغيير النهج ) أن صورتنا في المرآة تفضح واقعنا النازف الذي لا يسر محبا أو متعاطفا . وكوني تربويا ينكشف أمامي في هذه المرايا واقع التعليم المهترئ المتراجع الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من فكي سمك القرش البري المعروف بسمومه التي ما أن تصل جسم الضحية حتى يتغير لونها وتتحول كظل لهذا القرش بلا حراك .
يتفق التربويون والمفكرون على أن المنهج التغييري يمر عبر خمس مراحل متتابعة بشكل بنائي هي :-
•الوقوف على الواقع ووضع اليد على كل تفاصيله من حيث نقاط القوة ونقاط الضعف والتحديات المحلية والدولية والفرص المتاحة حاضرا ومستقبلا استنادا لمرجعيات ومعايير دولية .
•التوافق الرسمي والمجتمعي على الرؤية والرسالة والأهداف الاستراتيجية ومنظومة القيم الحاضنة ، باعتبارها جميعا المستقبل الذي تحلم به الدولة وتسعى لتحقيقه .
•اختيار المبادرات والاستراتيجيات والبرامج والأدوات التي تضمن الوصول الآمن المنجز لتحقيق الرؤية .
•ارفاق الخطط الفرعية المصاحبة البديلة والتوجيهية والتوثيقية والتقويمية وصولا لمرحلة التجريب .
•التقييم الختامي والتعديل والإقرار والتهيئة للتطبيق الشامل .
لكن هذا القرش البري المتحكم القابع بالغرب وبالشرق لا يؤمن بمناهج علمية ولا يكترث بهويات وسيادة وطنية ولا بعقائد دينية ولا بتاريخ وموروث ثقاقي ، بل جل همه وسعيه المتواصل ليلا و نهارا هو في إنتاج جيل عالمي الهوى يقدس ثقافة القرش والتبعية يستمرئ الدناءة وبيع الأوطان ويفاخر بحقيبته ورقم حسابه، ولن يكون له ذلك إلا بتأمين المعابر والأزلام المحلية القادرة على حمله وحمل مخططاته بنفس القدرالذي تحمل به جيوبه ودعمه .
الآن وبعد أن تكشفت الأمور بتنا ندرك لماذا خططنا الاستراتيجية والتنفيذية في جوانبها النظرية فقط عظيمة وحداثية ، ولماذا لا يصل الفعل التطويري إلى مدارسنا كميدان حقيقي تطبيقي لها، ولماذا تم تهجير الكفاءات التربوية الأردنية التي بها حتى بعض القدرة على إحداث التغيير،ولماذا تم سلخ كل العمل التعليمي والفني من وزارة التربية والتعليم الأم صاحبة العراقة والولاية لصالح دكاكين فارغة المضامين ، ،ولماذا تكريس حالة المعلم الباهته وتجريده من كل أدوات الفعل المبدع وهو المعلم المبدع خارج الوطن حتى بإمكاناته البسيطة هذه . ونكمل في المقال الثالث بمشيئة الله والله من وراء القصد .