مقاربة منهجية بين مبدأ الفصل بين السلطات ومجالس المحافظات.. هل ثمة فرصة؟

كتب المحامي علي صالح القضاة - 

يعد مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث في أي دولة هو العنصر الأهم والركن الأساسي من أركان قيام دولة القانون، وعلى الرغم من تنوع وتعدد عناصر دولة القانون في النظم السياسية والقانون الدستوري يعتبر مبدأ الفصل بين السلطات هو الأهم لقيام دولة القانون الحقيقية والفعلية، لا سيما أن من أبرز نتائج الفصل بين السلطات هو صيانة الحقوق والحريات العامة، ومنع الاستبداد والظلم، وعدم السماح بممارسة السلطة حسب مشيئة قلة او أهوائهم، فالفصل بين السلطات هو السبيل الأمثل لتحقيق الصالح العام و تطبيق أحكام الدستور، وحماية الحقوق والحريات الفردية، وتحقيق التنمية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين الجميع.

إن الاطار التاريخي لنشأة مبدأ الفصل بين السلطات يستمد من الفلسفة الإغريقية عند أفلاطون وارسطو الذين أعطوا لهذا المفهوم مظهرا سياسياً، ثم اقترن هذا المبدأ لاحقا بالمفكر مونتيسكيو الذي استطاع أن يصوغ هذا المبدأ بطريقة جديدة، موضحا انه يوجد في كل دولة ثلاثة أنواع من السلطات" التشريعية، التنفيذية، القضائية"، بحيث يوكل إلى كل سلطة مجموعة من المهام والأدوار والوظائف بما يضمن التوازن ومنع ظهور الطغيان او التغول او خدمة فئة قليلة لتحقيق مصالحها ومآربها.

وعليه، إن مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث يؤدي بطبيعة الحال إلى العديد من النتائج أبرزها؛ التطبيق العملي لنصوص الدستور، وصيانة الحريات العامة، وسيادة دولة القانون، ومنع الاستبداد، وتعزيز الديمقراطية، وبناء دولة العدل والمساواة، وتحقيق تكافؤ الفرص، والتنمية المستدامة، وتحقيق شرعية الدولة وتلازم السلطة بالمسؤولية وغيرها الكثير من مقومات الدولة الحديثة.

بعد مضي ما قرابته عامين على تجربة مجالس المحافظات، ومن خلال وجودي في مجلس محافظة عجلون.. فانه يحق لنا جميعا تقييم المرحلة السابقة بكل أبعادها وتفاصيلها اذا ما أردنا تحقيق المأمول من مجالس المحافظات في التنمية والاصلاح وتحقيق العدالة والمساواة بين العاصمة عمان مركز صنع القرار وبين محافظات الاطراف.. فكيف يمكن لنجاح فكرة مجالس المحافظات أن ترى النور ولم نصل بعد ما قرابته مئة عام منذ تأسيس الدولة إلى مبدأ الفصل الحقيقي والفعلي ما بين السلطات الثلاث؟ وكيف يمكن لمجالس المحافظات أن تمارس أدوارها الفعلية ونحن لم نخرج من بوتقة ممارسة السلطات الثلاث أدورها الحقيقية في إدارة شؤون الدولة؟ وهل تغول السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية والقضائية سيجعل من مجالس المحافظات أداة للتنمية والتطوير والتحديث..؟

ان تحقيق النجاح المطلوب من مجالس المحافظات يتطلب العديد من الاجراءات أبرزها؛ الفصل التام ما بين السلطات الثلاث في ممارسة الاعمال والادوار المناطة فيهم بحسب اختصاصاتهم دستوريا مما سيكرس المبدأ الدستوري القائل أن الشعب مصدر السلطات، وهو ما سيجعل من مجالس المحافظات أداة حقيقية ورافعة للتنمية والاصلاح والتطوير في الدولة ..نأمل ذلك.