وادي شعيب.. تنوع بيئي يقتله الاهمال الرسمي وعبث المتنزهين
جو 24 : هدى الحنايفة-مع تفتح اولى زهرات آذار يبسط وادي شعيب في الشونة الجنوبية رحابة مائه وخضرته لاستقبال الاف الاردنيين الذين يشدون اليه الرحال في اجازاتهم.
وثمة علاقة وثيقة تربط الأردنيين بهذا الوادي الذي حفر في وجدانهم مذ كان يتصدر خارطة رحلاتهم المدرسية، ثم استمر بعد ذلك متنفسا في اجازاتهم يفرون اليه من ضغوط الحياة وزحام المدن الخانق.
لكن الصورة اليانعة لوادي شعيب الذي يقع على بعد 15كم جنوب شرق مدينة السلط، و40 كم من العاصمة عمان، بدأت تذوي نتيجة عبث بعض الساكنين والمتنزهين، اضافة الى الاهمال المزمن من قبل الجهات الرسمية.
ابو راشد احد الذين ادمنوا وادي شعيب، وهو لا يخفي حزنه للدمار الذي يحل بالوادي الذي ترفده 666 عينا تنبثق من ثنايا جبال تكسوها اشجار الدفلى والكينا والزيتون والليمون وتحتضن مياهه على مد جريانها حتى تودعها البحر الميت.
يقول الرجل الذي يصحب اسرته من عمان الى وادي شعيب كل اجازة اسبوع تقريبا ان "الكثير تغير. باتت هناك روائح كريهة، والمكان يعج بالذباب. والقاذورات تكاد تمسح معالم العشب في بعض المواقع ..والاشجار تكاد تُنعى".
ويغادر الكثير من المتنزهين الوادي مع اقتراب الليل مخلفين وراءهم تلالا من بقايا الطعام واكياس وعبوات البلاستيك ورماد نيران الشواء والنراجيل، والتي تتناثر كالطاعون في مياه الوادي وعلى ضفافه وبين الاشجار.
ولا تسلم فروع الاشجار الموغل بعضها في القدم من العدوان، حيث يُعمل الاطفال فيها تحطيما ربما يفوق في يوم واحد ما يحدثه في شهر من امتهنوا قطع الاشجار في ظلمة الليل بغية استخدامها للتدفئة.
هذه المشاهد المؤلمة، يردها الناشط السياحي رضوان فرجات الى ما اعتبره افتقارا لثقافة الحفاظ على البيئة التي ينبغي ان تزرع في المتنزهين منذ الصغر كما هو حاصل في الغرب.
ويخلص فرجات من خلال تجربته الى ان "1000 سائح أجنبي لا يمكن أن يحدثوا من الخراب بقدر سائح محلي واحد".
ويتهم الكثيرون، ومن بينهم ابو راشد الجهات الحكومية وبخاصة وزارة البيئة، بالتقصير في التصدي للانتهاكات التي تتعرض لها بيئة وادي شعيب، وكذلك باهمال التنمية السياحية للمنطقة التي تفتقر حتى للافتات تحذيرية وتثقيفية.
لكن عيسى الشبول الناطق الاعلامي باسم الوزارة رفض هذه الاتهامات واكد ان مفارز وزارته تتابع الوضع عن كثب وعلى مدار الساعة.
وقال ان "مفارز للشرطة البيئية تجوب المنطقة ليل نهار، وهي تتحرك ايضا لدى تلقيها اي بلاغ عن تجاوز حيث تقوم بالتحري ثم تحرر المخالفة المناسبة".
واضاف ان الوزارة تعكف حاليا على مشروع لنشر لافتات ارشادية وتثقيفية من شانها أن تعمق سلوك المواطن وتحثه على المحافظة على ثروات هذه المنطقة السياحية.
وبدورها تؤكد سوسن العوران استاذة علم النبات في الجامعة الاردنية، ان دراسات اجرتها هي وطلبتها في الجامعة منذ عام 2011، تظهر ان ما يحصل للوادي حاليا هو "بداية لتدهور" بيئي حقيقي.
وتقول العوران لمضمون جديد، ان سبب هذا التدهور يعود بالدرجة الاولى الى استباحة المتنزهين للوادي عبر "قطف النباتات الزهرية والتي منها ما يؤكل، وكذلك الرعي الجائر".
كما تشير الى ظاهرة "قطع الاشجار من اجل استخدامها للتدفئة، وايضا للشواء والنرجيلة، الامر الذي يخلف حرائق في بعض الاحيان".
وتلفت العوران ايضا الى قيام جهات حكومية بزراعة نباتات وأشجار زينة على جانبي الوادي بدل البرية الموجودة أصلا ما يؤدي الى تغيير طبيعة الغطاء النباتي للمنطقة ويؤثر بالتالي على اشكال التنوع الحيوي.
ولا تغفل استاذة علم النبات في السياق اثر تراجع كميات الامطار في السنوات الاخيرة على التنوع النباتي والاحيائي النادر لوادي شعيب.
ويمتاز الوادي بانه يجمع بين بيئة البحر الابيض المتوسط في بعض مناحيه الى جانب البيئة شبه الجافة، الامر الذي ينعكس في ثراء تنوعه النباتي.
ومن اهم نباتاته البرية بحسب العوران: سوسن السلط والتيولب وقرن الغزال والزعتر والعكوب والترمس والنرجس وغيرها.
واضافة لعوامل التدمير السالفة فان متنزهين وبعض المهتمين بالبيئة يتحدثون عن انبعاث روائح كريهة من مياه الوادي ويثيرون بالتالي شبهة تلوثها بفعل محطة تنقية المياه العادمة المقامة في المنطقة.
ويقول هؤلاء ان مرد مخاوفهم هو مشهد تيبس واصفرار العديد من الاشجار في المنطقة رغم التدفق الغزير لمياه الوادي.
الا ان مدير سلطة مياه السلط المهندس خالد العبيديين ينفي شبهة التلوث بسبب محطة التنقية التي قال انها "لم تسجل اية مخالفات على مدى سنين".
واوضح ان المحطة "تقوم على آليه ميكانيكية بحتة تضمن أفضل المعالجات, حتى انه لا تكاد تصدر عنها اية روائح"، منوها الى انها مخصصة لتنقية "المياه المنزليه العادمه فقط".
وارجع العبيديين الروائح التي تنبعث احيانا من مياه الوادي الى قيام بعض المزارعين بالقاء الأسمدة والمبيدات الحشرية فيها.
ومن جانبه، يبدي أيمن أبو جمله مدير سياحة السلط أسفه لتراجع وادي شعيب على خارطة السياحية الخارجية لأن وزارة السياحة بالأصل تستثني المنطقة من خارطه الترويج السياحي للأردن رغم احتضانه لعشرات المعالم التاريخية التي من ابرزها ضريح نبي الله شعيب، فضلا عن شلالات رميمين الشهيرة.
ويؤكد ابو جملة ان ضعف الترويج لوادي شعيب الى جانب افتقاره للخدمات والمرافق الضرورية افقد الأردن الكثير من الموارد السياحية.
وتتفق العوران مع ابو جملة في ان منطقة الوادي لا تزال تشكل بيئة استثمارية ثرية رغم تحولها في بعض الاماكن الى ما يشبه المكرهة الصحية نتيجة عبث بعض المتنزهين، على حد تعبيرها.
وتؤكد انه لا يزال "بالإمكان استثمار المنطقة بيئيا وسياحيا لما تحتويه من تنوع نباتي بري نادر ومتوطن".
تم اعداد هذا التقرير لـ"مضمون جديد"
وثمة علاقة وثيقة تربط الأردنيين بهذا الوادي الذي حفر في وجدانهم مذ كان يتصدر خارطة رحلاتهم المدرسية، ثم استمر بعد ذلك متنفسا في اجازاتهم يفرون اليه من ضغوط الحياة وزحام المدن الخانق.
لكن الصورة اليانعة لوادي شعيب الذي يقع على بعد 15كم جنوب شرق مدينة السلط، و40 كم من العاصمة عمان، بدأت تذوي نتيجة عبث بعض الساكنين والمتنزهين، اضافة الى الاهمال المزمن من قبل الجهات الرسمية.
ابو راشد احد الذين ادمنوا وادي شعيب، وهو لا يخفي حزنه للدمار الذي يحل بالوادي الذي ترفده 666 عينا تنبثق من ثنايا جبال تكسوها اشجار الدفلى والكينا والزيتون والليمون وتحتضن مياهه على مد جريانها حتى تودعها البحر الميت.
يقول الرجل الذي يصحب اسرته من عمان الى وادي شعيب كل اجازة اسبوع تقريبا ان "الكثير تغير. باتت هناك روائح كريهة، والمكان يعج بالذباب. والقاذورات تكاد تمسح معالم العشب في بعض المواقع ..والاشجار تكاد تُنعى".
ويغادر الكثير من المتنزهين الوادي مع اقتراب الليل مخلفين وراءهم تلالا من بقايا الطعام واكياس وعبوات البلاستيك ورماد نيران الشواء والنراجيل، والتي تتناثر كالطاعون في مياه الوادي وعلى ضفافه وبين الاشجار.
ولا تسلم فروع الاشجار الموغل بعضها في القدم من العدوان، حيث يُعمل الاطفال فيها تحطيما ربما يفوق في يوم واحد ما يحدثه في شهر من امتهنوا قطع الاشجار في ظلمة الليل بغية استخدامها للتدفئة.
هذه المشاهد المؤلمة، يردها الناشط السياحي رضوان فرجات الى ما اعتبره افتقارا لثقافة الحفاظ على البيئة التي ينبغي ان تزرع في المتنزهين منذ الصغر كما هو حاصل في الغرب.
ويخلص فرجات من خلال تجربته الى ان "1000 سائح أجنبي لا يمكن أن يحدثوا من الخراب بقدر سائح محلي واحد".
ويتهم الكثيرون، ومن بينهم ابو راشد الجهات الحكومية وبخاصة وزارة البيئة، بالتقصير في التصدي للانتهاكات التي تتعرض لها بيئة وادي شعيب، وكذلك باهمال التنمية السياحية للمنطقة التي تفتقر حتى للافتات تحذيرية وتثقيفية.
لكن عيسى الشبول الناطق الاعلامي باسم الوزارة رفض هذه الاتهامات واكد ان مفارز وزارته تتابع الوضع عن كثب وعلى مدار الساعة.
وقال ان "مفارز للشرطة البيئية تجوب المنطقة ليل نهار، وهي تتحرك ايضا لدى تلقيها اي بلاغ عن تجاوز حيث تقوم بالتحري ثم تحرر المخالفة المناسبة".
واضاف ان الوزارة تعكف حاليا على مشروع لنشر لافتات ارشادية وتثقيفية من شانها أن تعمق سلوك المواطن وتحثه على المحافظة على ثروات هذه المنطقة السياحية.
وبدورها تؤكد سوسن العوران استاذة علم النبات في الجامعة الاردنية، ان دراسات اجرتها هي وطلبتها في الجامعة منذ عام 2011، تظهر ان ما يحصل للوادي حاليا هو "بداية لتدهور" بيئي حقيقي.
وتقول العوران لمضمون جديد، ان سبب هذا التدهور يعود بالدرجة الاولى الى استباحة المتنزهين للوادي عبر "قطف النباتات الزهرية والتي منها ما يؤكل، وكذلك الرعي الجائر".
كما تشير الى ظاهرة "قطع الاشجار من اجل استخدامها للتدفئة، وايضا للشواء والنرجيلة، الامر الذي يخلف حرائق في بعض الاحيان".
وتلفت العوران ايضا الى قيام جهات حكومية بزراعة نباتات وأشجار زينة على جانبي الوادي بدل البرية الموجودة أصلا ما يؤدي الى تغيير طبيعة الغطاء النباتي للمنطقة ويؤثر بالتالي على اشكال التنوع الحيوي.
ولا تغفل استاذة علم النبات في السياق اثر تراجع كميات الامطار في السنوات الاخيرة على التنوع النباتي والاحيائي النادر لوادي شعيب.
ويمتاز الوادي بانه يجمع بين بيئة البحر الابيض المتوسط في بعض مناحيه الى جانب البيئة شبه الجافة، الامر الذي ينعكس في ثراء تنوعه النباتي.
ومن اهم نباتاته البرية بحسب العوران: سوسن السلط والتيولب وقرن الغزال والزعتر والعكوب والترمس والنرجس وغيرها.
واضافة لعوامل التدمير السالفة فان متنزهين وبعض المهتمين بالبيئة يتحدثون عن انبعاث روائح كريهة من مياه الوادي ويثيرون بالتالي شبهة تلوثها بفعل محطة تنقية المياه العادمة المقامة في المنطقة.
ويقول هؤلاء ان مرد مخاوفهم هو مشهد تيبس واصفرار العديد من الاشجار في المنطقة رغم التدفق الغزير لمياه الوادي.
الا ان مدير سلطة مياه السلط المهندس خالد العبيديين ينفي شبهة التلوث بسبب محطة التنقية التي قال انها "لم تسجل اية مخالفات على مدى سنين".
واوضح ان المحطة "تقوم على آليه ميكانيكية بحتة تضمن أفضل المعالجات, حتى انه لا تكاد تصدر عنها اية روائح"، منوها الى انها مخصصة لتنقية "المياه المنزليه العادمه فقط".
وارجع العبيديين الروائح التي تنبعث احيانا من مياه الوادي الى قيام بعض المزارعين بالقاء الأسمدة والمبيدات الحشرية فيها.
ومن جانبه، يبدي أيمن أبو جمله مدير سياحة السلط أسفه لتراجع وادي شعيب على خارطة السياحية الخارجية لأن وزارة السياحة بالأصل تستثني المنطقة من خارطه الترويج السياحي للأردن رغم احتضانه لعشرات المعالم التاريخية التي من ابرزها ضريح نبي الله شعيب، فضلا عن شلالات رميمين الشهيرة.
ويؤكد ابو جملة ان ضعف الترويج لوادي شعيب الى جانب افتقاره للخدمات والمرافق الضرورية افقد الأردن الكثير من الموارد السياحية.
وتتفق العوران مع ابو جملة في ان منطقة الوادي لا تزال تشكل بيئة استثمارية ثرية رغم تحولها في بعض الاماكن الى ما يشبه المكرهة الصحية نتيجة عبث بعض المتنزهين، على حد تعبيرها.
وتؤكد انه لا يزال "بالإمكان استثمار المنطقة بيئيا وسياحيا لما تحتويه من تنوع نباتي بري نادر ومتوطن".
تم اعداد هذا التقرير لـ"مضمون جديد"