أزواج عرب يختطفون الأطفال من أمهاتهم… والإعلامي سالم زهران يتحول إلى شرطي !
منذ أيام عرضت قناة «بي بي سي» الانكليزية في أخبارها قصة ثلاث أمهات منكوبات، شيلي وجولي وريتشل. هن من جنسيات أمريكية وكندية. الثلاث عانين من المصير نفسه، وتعرضن للظلم نفسه. واغتصبت أرواحهن بالطريقة البشعة نفسها، وبتغطية قانونية!
لقد اختطف أزواجهن أطفالهن الصغار وهربوا بهم إلى لبنان، حيث القانون – وببساطة شديدة – لا يعاقب الآباء على جرائم من هذا النوع.
أطلقت النساء الثلاث على أنفسهن لقب «الأمهات المحاربات»، لأنهن يحاربن لاستعادة فلذات أكبادهن.
وهن بالطبع لسن الوحيدات اللواتي سلبن أطفالهن بالطريقة البائسة نفسها.
سافرت مراسلة «بي بي سي» إيلويز ألانا من لبنان، حيث تقيم لمقابلتهن في الولايات المتحدة وكندا، ونقلت لنا حالة التشتت الروحي والانتظار المؤلم اللذين تعيشهما هؤلاء النساء. حملت منهن رسائل حب إلى أطفالهن تتفتت لها الصخور الصلبة، ولكنها، وللأسف، لم تؤثر على قلوب الخاطفين، ولم تغيّر اجحاف القانون.
قالت تشيلي لأطفالها والدموع تغلي في عينيها: مرحبا أنا أمكم. وأنا أحبكم كثيراً جداً وأفتقدكم في كل يوم منذ فراقنا.
تشيلي ما زالت تنتظر عودة أبنائها. فحين ذهبوا مع والدهم اعتقدت أنهم سيعودون.
ودعتهم قائلة: أراكم بعد أسبوع، تمتعوا بإجازة رائعة مع والدكم.
ولكن زوجها سافر مع الأطفال من مدينة سياتل الأمريكية إلى باريس، ومن العاصمة الفرنسية إلى بيروت.
وعند وصوله لبنان حصل على الحضانة الكاملة بواسطة المحكمة الدينية السنية. أما قصة جولي فلم تكن أقل ألماً. تقول: لقد أهداني طفلي حجارة صغيرة، وقال لي إنها قوية ويمكن أن تحميني. أهداها لي كي لا أنساه.
يبدو أن أطفال الحجارة ليسوا فقط في فلسطين المحتلة، بل ينبتون في كل مكان تكون فيه يد الظلم كبيرة. في كل مكان تكون فيه المواجهة بين الطرفين غير متكافئة. ليكشفوا لنا بضعفهم عن وحشية الطرف الآخر.
هذه السيدة تعيش اليوم في كنف ذكريات تعذبها. حتى التسوق، وهو من أبسط الأمور، يسبب قهرها. ولا تستطيع القيام به من دون أن يعتصرها الوجع، لأنها ترى أمامها الأشياء، التي اعتاد طفلها على شرائها.
وكل ما يجمعها به الآن هو مكالمة هاتفية واحدة في الأسبوع. هي تتألم بشدة لأنها لا تستطيع معانقته أو تقبيله. ولا تعزيها سوى تلك الحجارة، التي تعرق في يدها شوقاً. لقد كانت تظن – حسب قولها – أن الرجل يحمي زوجته وعائلته وليس العكس.
ألم يُسأل الرسول يوماً من أحق بحسن الصحبة؟ فأجاب: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك. ألا يؤكد هذا الحديث بأن للأم ثلاثة أضعاف ما للأب من حق في أبنائها؟
معك حق يا جولي، ولكن للأسف، ليس كل الرجال رجالاً!
هذه الأم صُدمت بشدة، لأنها لم تشك، ولو للحظة واحدة بأنها ستحرم من طفلها، وأنه لن يعود إلى حضنها مجدداً. رغم ذلك حاولت استعادته فسافرت إلى بيروت لتفاجأ بأن الوالد قد صدّر وثيقة منع سفر بحق الطفل. ومع ذلك لم تستسلم فهربت بطفلها من لبنان إلى سوريا آملة أن تعود به إلى بلدها. لكنها أوقفت من قبل إحدى الميليشات السورية، وأخذ منها ابنها وأعيد إلى والده ورحّلت جولي وحيدة إلى كندا. عادت منكسرة بعد معركة خاسرة متعبة جداً كجندي مهزوم.ريتشر أيضاً لها قصة مدمية للقلب. لقد عبرت عن مشاعرها والحسرة تكاد تخنق صوتها: أحبه وها أنا أحارب لأجله ولن أتوقف عن المحاربة وسأبقى دائماً أمه.
تقول: بعد ولادة ابننا، كنا سعداء للغاية… وبعدها ببضعة أشهر بدأت الأمور بيننا تأخذ مجرى آخر، حتى وصل به الحال إلى أن يخطف مني طفلي.
كيف يمكنني العيش بدونه، وكيف أتقبل فكرة أن لا أراه مجدداً. أجد نفسي أبكي على الأرض في مطبخي في منتصف الليل وأصرخ. لا أصدق أني فعلاً قد خسرت طفلي.
لم يتم القبض على هؤلاء الرجال في بيروت، ولم يعد الأطفال إلى أمهاتهم، على الرغم من أن اثنين من الآباء الثلاثة مطلوبون من قبل الإنتربول، والأب الثالث مطلوب من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالية. والكل تهمته واحدة وهي اختطاف الأبناء.
هؤلاء الآباء الظالمون كانوا يتمتعون بالحضانة المشتركة لأطفالهم في وقت اختطافهم لهم. ولم يحرمهم القانون الأجنبي من ممارسة حقهم في الأبوة. وثلاثتهم يواجهون الآن تهماً جنائية خارج لبنان. ولكن القانون اللبناني يحميهم ولا يعترف بأنهم قد ارتكبوا جريمة. بالنسبة للقانون اللبناني لا توجد جريمة! والآباء لا يمكن أبداً أن يكونوا مذنبين في اختطاف أبنائهم.
يبقى السؤال: كيف نثق بقانون لا يحمي حق الأم بابنها؟ وأي شريعة إلهية تقبل بمثل هذا الظلم؟
ألم يُسأل الرسول يوماً من أحق بحسن الصحبة؟ فأجاب: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك. ألا يؤكد هذا الحديث بأن للأم ثلاثة أضعاف ما للأب من حق في أبنائها؟ ألم تحمل أطفالها تسعة شهور كاملة في أحشائها من قبل أن يتعرف عليهم الأب؟
ألم ترضعهم حليبها وحنانها؟
أليست الجنة تحت أقدام الأمهات؟
إلى متى تتعذب النساء وتحترق قلوبهن في تواطئ القانون، الذي صاغه الرجال وتغطيته للجريمة،
أي قانون هذا الذي يحرم طفلاً من دفء أمه؟
يبدو أن الزمن البطريركي العربي باق ويتمدد.
يتغذى هذا الفيروس القاتل من عفونة القوانين البائدة.
ثمن رغيف الخبز
لم يكن وسام صباغ موفقاً أبداً باستضافته للإعلامي سالم زهران في برنامجه الترفيهي الجديد «تاكسي أبو شفيق» الذي يعرض خلال شهر رمضان على قناة « أو تي في» اللبنانية.
برنامج تدور فكرته حول التجول في الشوارع اللبنانية بسيارة تاكسي تتوقف ليصعد فيها ركاب من المواطنين بهدف ربح جوائز بعد الإجابة على أسئلة مختلفة في جو من المفروض أن يكون مرحاً وبحضور أحد الضيوف المشاهير.
لكن الحلقة، التي كان ضيفها سالم زهران لم تكن مرحة إطلاقاً بل سادها جو من الخوف والتوتر.
وهكذا يترك العامل الأجنبي بلده ليعمل في بلد آخر بهدف الحصول على لقمة عيش فيطارد بالسخرية والاستهزاء أو بالتعليقات المستفزة أو بالتخويف… والتهمة رغيف خبز!
كان الراكب سيئ الحظ عاملاً سودانياً، رحّب به وسام صباغ فور دخوله السيارة ليفاجئه زهران بسؤال هبط كصاعقة غير متوقعة:
-معك إقامة؟
حاول وسام صباغ التغاضي عن سؤال ضيفه، قائلاً للراكب السوداني:
-هيدا برنامج لرمضان بسألك أسئلة وبتربح جوائز. بدنا نربحك.
أجاب العامل: لا ما بدي.
طبعاً ما بدو… فهو لا يريد جائزة. يريد الستر فقط!
ولكن زهران لم يكتف بتخويف العامل، وأكمل تحقيقه مصراً على سؤاله البوليسي المحدد:
-لازم نشوف إقامته يا أبو شفيق… وينها؟
حاول مرة أخرى وسام صباغ تهدئة الجو:
-ما ترعبه يا أستاذ سالم!
ولكن الراكب ارتعب فعلاً وهبط من سيارة التاكسي بسرعة.
لم يربح جائزة البرنامج في الشهر الفضيل، كما كان يتمنى. لم يجن سوى استهزاء زهران، الذي أطلق العنان لضحكاته الحادة محاولاً التخفيف من ظله الثقيل:
-إذا بروح عالمرتون بيربح!
أي انتصار هذا، الذي حققته يا سيد زهران بسخريتك التي لذعت عاملاً مسكيناً ترك بلاده بفعل الفقر، وتغرب ليعمل في بلد آخر، عله يحظى بفرصة جديدة أو بأمل مؤجل يمنحه حياة أفضل؟
ومن نصبك محققاً تستجوب الفقراء والمساكين؟
ألا تكفيهم خناجر الحياة، التي تطعنهم يومياً في خواصرهم؟
ذكرتني هذه الحادثة برواية البؤساء لفيكتور هيغو، وببطلها جان فالجان، الذي قضى في سجن طولون تسع عشرة سنة بتهمة سرقة رغيف خبز لإطعام أخته وأطفالها، الذين كانوا يموتون من الجوع. فكان ثمن الرغيف سنين طويلة من السجن، ثم من التشرد.
وهكذا يترك العامل الأجنبي بلده ليعمل في بلد آخر بهدف الحصول على لقمة عيش فيطارد بالسخرية والاستهزاء أو بالتعليقات المستفزة أو بالتخويف… والتهمة رغيف خبز!
لقد سبق لزهران أن اعتدى على زميله الإعلامي أسعد بشارة، على الهواء مباشرة، في برنامج «حديث الساعة» على قناة «المنار»، رامياً إياه بكوبين من المياه.
إن الاعتداء يأخذ أشكالاً مختلفة، منها جسدية وأخرى لفظية، ولكن الأخيرة أشد إيلاماً على النفس. ومن أبرز مظاهرها ما أشرنا إليه سابقاً، وهي السخرية والاستهزاء والتخويف، الذي يلاحق وبصورة كبيرة العمال الأجانب للأسف!
كاتبة لبنانية القدس العربي