من هي فاطمة محمد التي أغضبت قضيتها الكويت؟
جو 24 :
فاطمة محمد اسم تصدر تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الخليج وشغلت الرأي العام في الكويت على مدى الأيام القليلة الماضية. فمن هي فاطمة؟ ولماذا أغضبت قضيتها الكويتيين؟
لم تدم فرحة الطالبة فاطمة بنجاحها في امتحانات آخر السنة، إذ تفاجأت باستثنائها من قوائم الطلبة الأوائل في الثانوية العامة الكويتية، رغم إحرازها معدلا عاليا بنسبة 99.57 %.
ونشرت الطالبة عبر حسابها على تويتر، الذي يحظى بمتابعة أكثر من ألفي شخص، صورة لنتيجتها في الثانوية العامة.
وأرفقت فاطمة الصورة بالتعليق التالي: "لماذا أحصل على تلك النسبة ولا يدرج اسمي مع الأوائل الكويتيين؟".
حظيت قصة فاطمة بتفاعل واسع عبر مواقع التواصل، وصل صداه إلى نواب ومثقفين كويتيين وخليجيين. ولم يكن استبعاد اسم الطلبة من قوائم الأوائل وحده ما شغل المغردين، إذ تبين أنها من فئة "البدون".
وفي مداخلة عبر أثير إذاعة مارينا الكويتية، قالت فاطمة:" هدفي من وراء التغريدة أن يعرف الناس قيمة المجهودات التي بذلتها. لكن ما حز في نفسي أن الجهات المعنية لم تكرمني ولم تدرج اسمي في قوائم الأوائل".
وتتابع: "آمالي ومطالبي بسيطة فكل ما أريده هو أن أستكمل دراستي في الطب لكي أخدم بلدي الكويت".
ووصف نشطاء ما تعرضت له فاطمة "بالظلم" وانتصروا لها عبر تدشين هاشتاغ #مبروك_التفوق_فاطمة الذي امتلأ بالتهاني للفتاة المتفوقة والمناشدات للسلطات بإنصافها.
وتلقت فاطمة عروضا عديدة من المغردين، حتى أن أحدهم قدم لها منحة تساعدها في تكاليف دراستها الجامعية.
وتدخل النائب في البرلمان الكويتي، ماجد المطيري، مؤكدا أنه سيتواصل مع وزير التربية لإيجاد حل لفاطمة.
كما استنكر عضو مجلس الأمة الكويتي السابق، محمد طنا العنزي، استبعاد اسم فاطمة من كشوف المتفوقين.فعلق قائلا: "هذا الخطأ غير إنساني في بلد الإنسانية".
ولم يصدر أي بيان رسمي حتى الآن من قبل وزارة التربية لتوضيح حقيقة تجاهل الطالبة المتفوقة، وعدم ذكر اسمها ضمن الطلاب الأوائل.
وتحت هاشتاغ "#المتفوقين_البدون"، سرد مغردون قصصا لنجاح آلاف طلاب البدون الذين تميزوا واستطاعوا تجاوز العراقيل.
كما انتشر قبل يوم فيديو لرجل وهو يصرخ شاكيا ضيق الحال وعبء العيش بلا جنسية في الكويت، إذ يردد متسائلا "هل أنا كويتي أو عراقي؟"
تعد مسألة البدون في الكويت من القاضايا الشائكة لذلك يثار الجدل حول وضعهم بين الفينة والأخرى.
ويعرف "البدون" أنفسهم على أنهم أشخاص ولدوا في الكويت ولم يغادروها يوما أو يعرفوا غيرها وطنا لهم. وبينما يطالبون بحقوق المواطنة كاملة تفرض السلطات الكويتية ذلك وتعتبرهم أشخاصا مقيمين بصورة غير مشروعة على أراضيها.
وأشارت تقارير صحفية إلى أن الحكومة الكويتية تتفاوض مع بلدان أخرى، منها جزر القمر، لتجنيسهم مقابل مزايا اقتصادية.
ووفقا لإحصائيات منظمة هيومن رايتس ووتش، فإن أعدادهم في الكويت عام 2000، وصلت إلى نحو 120 ألف نسمة. ويتهم نشطاء حقوق الإنسان الكويت بممارسة نوعا من "العنصرية" تجاه البدون.
من جهتها، تنفى السلطات الكويتية ممارسة أي نوع من التضييق على مواطنيها أو المقيمين على أراضيها. وشدد وزير الإعلام الكويتي على حرص بلاده على حل مشكلة البدون قائلا إن :الدولة تخصص الكثير من الموارد المالية والبشرية للنظر في ملفاتهم."
"مواطنون مع وقف التنفيذ"
"نحن مواطنون مع وقف التنفيذ، أحياء ولكننا أموات" بهذه الكلمات يعرف الصحفي بندر الصحفي وضع البدون في الكويت.
ويقول بندر إن وضعهم تعقد أكثر عقب الغزو العراقي للكويت سنة 1990، عندما اتهم البعض فئة من البدون بالوقوف إلى جانب القوات العراقية.
ويضيف في حوار مع مدونة بي بي سي ترند: "نحن محرومون من أبسط حقوقنا في الحياة، فلا يمكننا حتى استخراج الوثائق الرسمية كشهادة الولادة والزواج والوفاة، كما أننا محرومون من الحق في العمل، بسبب فرض قيود شديدة في القطاعين الخاص والعام علينا".
ويتابع: "لم يكن بإمكان أبناء البدون الحصول على حقهم في التعليم، فأغلبهم لم يكملوا دراستهم الأساسية".
ويشير بندر إلى أن أفراد المجتمع متعايشون معهم ولا يرفضونهم فهناك حالات تزاوج معهم.
"في كل عام يتكرر هذا الألم"
يستذكر محمد والي العنزي مؤسس "حركة الكويتيين البدون" فترة دراسته. فيقول "صادف تخرجي من الثانوية العامة سنة 1986 التي أقرت فيها الحكومة وثيقة 68 السرية."
ويشرح: "نصت تلك الوثيقة على سحب كل الحقوق من الكويتيين البدون ومنعهم من التعليم والوثائق الرسمية. كما منعت الصحف من نشر شكاويهم. بدأ العمل بالوثيقة في 1986 وتجديدها أواخر 2010 "
ويستطرد العنزي: "عندما تخرجت قصدت الجامعة لكن المدير عاملني بطريقة عنصرية فظة جدا. تم قبولي في عجمان بدولة الإمارات وفي الأردن. حاولت بشتى الطرق الحصول على جواز سفر ولم أتمكن من ذلك إلا بعد 16 سنة عندما سافرت إلى بريطانيا لاستكمال دراستي."
ويمضي قائلا: "في كل عام يتكرر هذا الألم فلا يسمح للخريجين أن يصافحهم أمير البلاد ولا يسلمهم شهاداتهم. وتستثنى أسماؤهم بطريقة عنصرية من النشر في المواقع الإلكترونية وفي قوائم المتفوقين".
وفيما يخص مشكلة فاطمة محمد، يشير العنزي إلى أن "درجاتها تضعها في المركز الخامس على الكويت، وكان يفترض أن يدرج اسمها ضمن الخمسة الأوائل، لكن المسؤولين وضعوها في المركز 147."
وكانت طالبة أخرى تدعى فاطمة كمال العنيزي قد حرمت من شهادة تخرجها لمجرد أن والدها ناشط في ملف البدون، حسب قول العنزي.-(BBC)