الفلسطینیون یحذرون من تصفیة القضية
جو 24 :
ندد الفلسطینیون بأھداف ”الرؤیة الاقتصادیة" من ”صفقة القرن" التي كشف عنھا مستشار الرئیس الأمیركي دونالد ترامب وصھر ّ ه، جارید كوشنیر، وسیقدمھا خلال ”ورشة الإزدھار من أجل السلام"، المقرر عقدھا في البحرین یومي 25 و26 من الشھر الجاري، حیث تقترح في أول ّ مرحلة ضخ استثمارات بنحو 50 ملیار دولار في الأراضي الفلسطینیة المحتلة والأردن ومصر ولبنان.
واعتبر الفلسطینیون أن ”الخطة الأمیركیة تستھدف تصفیة القضیة الفلسطینیة تحت عنوان تحسین الظروف المعیشیة للفلسطینیین"، وذلك من خلال ما تزعم بخلق ”ملیون فرصة عمل في الضفة الغربیة وقطاع غزة، بما سیؤدي إلى خفض نسبة البطالة الحالیة والتي تبلغ 30 ،”% وفق حدیث كوشنیر أمس لوكالة ”رویترز" للأنباء.
وفیما تخلو الخطة الاقتصادیة من أي مشروعات للتنمیة في القدس المحتلة التي یریدھا الفلسطینیون عاصمة لدولتھم المنشودة، فإن الشق السیاسي للعملیة السلمیة لن یتم طرحھ للمناقشة في المنامة.
وقال كوشنیر أن الخطة ”تقترح بناء ممر بتكلفة 5 ملیارات دولار عبر الجانب الإسرائیلي لربط الضفة بقطاع غزة، مضیفاً أن مدة تطبیقھا ”عشر سنوات، حیث ستخول للفلسطینیین مضاعفة الناتج الإجمالي المحلي".
وتدعو الخطة الأمیركیة لإقامة صندوق استثمار عالمي لدعم اقتصادیات الفلسطینیین والدول العربیة المجاورة، مثلما تشمل 179 مشروعاً للبنیة التحتیة الأساسیة وقطاع الأعمال، كما تقترح، أیضاً، نحو ملیار دولار لبناء قطاع السیاحة الفلسطیني، وذلك تحت وابل العدوان الإسرائیلي ّ المتواصل ضد ّ الشعب الفلسطیني ووتیرة المواجھات العنیفة بین الطرفین.
وأوضح كوشنیر بأنھ ”تمت مراجعة الخطة من قبل مجموعة من الاقتصادیین والدول، بحیث من أن ”خطتھ تعد لفتة جیدة
المؤمل التمكن من طرحھا مع رجال أعمال وشركات استثمار"، معتبراً لیرى الفلسطینیون مدى الاھتمام العالمي بھم"، بحسب زعمھ.
وأظھرت وثائق الخطة التي سیقدمھا كوشنیر خلال مؤتمر البحرین أنھ ”سیتم انفاق أكثر من نصف الخمسین ملیار دولار في الأراضي الفلسطینیة المتعثرة اقتصادیاً على مدى عشر سنوات، في حین سیتم تقسیم المبلغ المتبقي بین مصر ولبنان والأردن".
كما ”سیتم إقامة بعض المشروعات في شبھ جزیرة سیناء المصریة التي یمكن أن تفید الاستثمارات فیھا الفلسطینیین الذین یعیشون في قطاع غزة المجاور، فضلا عن مشروعات في التعلیم والبنى التحتیة في مصر ولبنان والأردن، لتأمین فرص عمل وتحسین الأوضاع المعیشیة ھناك."
ّوقد ّ ر كوشنیر أن ”الاقتصاد یعد سبباً مھماً لنجاح المبادرة، عبر استغلال الأموال التي یتم ضخھا في المنطقة، للحصول على نتائج أفضل".
وعن مقارنة ھذا النھج بخطة مارشال التي طرحتھا واشنطن العام 1948 لإعادة إعمار أوروبا الغربیة من دمار الحرب العالمیة الثانیة، قال إن صفقة القرن ”لا تكتفي بضخ الأموال، بل تسعى أیضا لتعلیم الناس كیف یصطادون"، وفق تعبیره.
وألمح أن الخطط الاقتصادیة لن تنجح دون العمل على حل المشكلات السیاسیة، معتبراً أن ”الجانبین الاقتصادي والسیاسي مترابطان، في الخطة، لكن طرحھما في نفس الوقت سیتطلب بذل الكثیر من الجھود، لذا كان من الضروري فصلھما".
ّ ورأى كوشنیر أن ”خطتھ المفصلة ستغیر قواعد اللعبة"، مدعیاً بأن ”بعض المسؤولین التنفیذیین من قطاع الأعمال الفلسطیني أكدوا مشاركتھم في مؤتمر البحرین"، ولكنه امتنع عن كشف النقاب عنھم، بالرغم من إعلان رجال الأعمال الفلسطینیین عن رفضھم القاطع لحضور المؤتمر.
من جانبھم؛ یرفض الفلسطینیون الخطة الأمیركیة التي یعتبرون أنھا ”منحازة للاحتلال الإسرائیلي، وستحرمھم من إقامة دولتھم المنشودة وفق حدود العام 1967 وعاصمتھا القدس المحتلة".
ویعتبرون أن كوشنیر ركز على الأولویة الاقتصادیة مقابل تھمیش الجوانب السیاسیة وتجاھل حقائق الصراع والحقوق الوطنیة للشعب الفلسطیني.
من جانبھ، قال الأمین العام لحركة المبادرة الوطنیة الفلسطینیة، مصطفى البرغوثي، أن ”ما نشر من تفاصیل حول الخطة الاقتصادیة التي ستقدم إلى ورشة البحرین والتي یروج لھا كوسیلة لتحسین معیشة الفلسطینیین تؤكد أن الخطة لیست سوى خدعة كبرى للتغطیة على تصفیة القضیة الفلسطینیة برمتھا، إذ ما من بدیل اقتصادي أو غیر اقتصادي لحق الشعب الفلسطیني في الحریة والاستقلال".
وفند البرغوثي، في تصریح لھ، مضمون الخطة الأمیركیة قائلاً إن ”مبلغ الخمسین ملیار دولار مطروح لمدة عشر سنوات أي بمعدل خمسة ملیارات سنویاً فقط، كما یحتوي أفخاخا خطرة، فنصف المبلغ، أي خمسة وعشرون ملیار دولار، سیكون قروضاً بفوائد ولیس منحاً، وھذه قروض ستثقل كاھل الفلسطینیین إن نفذت الخطة بمزید من الدیون التي ترھقھم أصلا".
ولفت إلى أن ”11 ملیار دولار من المبلغ المذكور ستكون من رأس المال الخاص الذي سیسعى للربح ولیس لدعم الاقتصاد الفلسطیني، في ظل الشكوك بأن یتم جمع ھذا المبلغ."
وقال إن ”أربعة وأربعین بالمائة، أي حوالي نصف الخمسین ملیار( 28 ملیار) لن تعطى للفلسطینیین بل ستصرف في الدول العربیة المجاورة (مصر والاردن و لبنان) بھدف توطین اللاجئین وتصفیة حقوقھم الوطنیة في العودة، ولإنھاء وجود وكالة الغوث الدولیة ”الأونروا"، وھي في الواقع محاولة لسلب التبرعات التي تقدم حالیاً للوكالة لدعم اللاجئین الفلسطینیین وتحویلھا إلى أموال في خطة كوشنر لتصفیة حقوق اللاجئین بعد تدمیر الوكالة وخدماتھا الصحیة والتعلیمیة والإغاثة الاجتماعیة".
وأفاد بأن ”المنح المقترحة للفلسطینیین لن تتجاوز ثمانیة ملیارات دولار لعشر سنوات، اي بمعدل 800 ملیون سنویاً، وھو ما تدفعھ في المعدل الدول العربیة والأوروبیة للسلطة الفلسطینیة حالیاً، أي أن المساعدات الموعودة ھي نفس المساعدات الموجودة".
وقال إن ھذه المساعدات ”سیتم تقییدھا بجعلھا مشروطة بتنازل الفلسطینیین عن القدس وعن حقھم في دولة وعن فلسطین بكاملھا بقبولھم لضم أجزاء كبیرة من الضفة الغربیة للجانب الإسرائیلي".
واعتبر أن ”ما طرحھ كوشنر من مشاریع مقترحة لغزة موجھ لفصل القطاع بالكامل عن فلسطین، وربطھا بالكامل بجزیرة سیناء المصریة، مما یستدعي یقظة فلسطینیة ومصریة إزاء محاولات تحویل غزة إلى مشكلة مصریة وفصلھا بالكامل عن فلسطین".
وقال البرغوثي إن ”ھذه خطة لیست لتحسین حیاة الفلسطینیین أو معیشتھم أو حل مشاكلھم الاقتصادیة، بل لتدمیر مستقبلھم الوطني وقدرتھم على البقاء في وطنھم فلسطین، وتمس بمصالح الفلسطینیین والشعوب العربیة، وتسعى لدق اسفین بین الفلسطینیین والعرب، ولذلك یجب على الفلسطینیین والعرب رفضھا جملة وتفصیلا".