بترا رافعة اخبارية اردنية مهملة ومقيده
خلدون عبدالسلام الحباشنة
جو 24 :
رغم القبضة السياسية المحكمة للحكومة الاردنية والتي تنطلق من مراعاة مستمره لكون (بترا) ذراعا اعلاميا اخباريا ناطقا باسم الدولة الاردنية وهي بهذا التوصيف التقليدي المصدر الاساسي الموثوق للخبر ، الا انها وبجهود فريقها الاداري والصحافي تعتبر ايضا الممول الاول لصحف اليومية والمواقع الاخبارية والقنوات الفضائية ، موازنتها " العائلية " وسلم رواتب موظفيها الاداري والصحفي واللوجستي لا يعادل مكافئات عضو مجلس ادارة في احدى الشركات الكبرى التابعة للحكومة ، ليس انحيازا ولا ركونا الى مبالغات انما عزيمة الفريق العامل في ( بترا ) ومن خلال مؤشرات الاداء النوعي والكمي وباعتراف رؤساء تحرير صحف ومواقع اردنية تشير الى ان ما نسبته 90 بالمئه من محتوى الصحف والمواقع ملكية فكرية ل( بترا) في دلالة مباشرة على حجم الفعل المؤثر اعلاميا لهذه القلعة الوطنية الشامخة .
الا ان دفقة الضوء تجرح رؤى المقيمين في العتمة ، و انني اذ اتجاوز بعثرة البعض لنفسه في متاهات السؤال ، اتقدم بجرأة وطنية لاعلن اجابة اعلنت نفسها ولم ينتبه اليها احد .
الرجل نقل ما سمع ؛ ولا شأن لنا بالحبر المراق بعد هذا ، بعد هذه الحقيقة ، علينا ان نعترف ان مسؤولين يقفون موقفا عدائيا من( بترا ) تعاقب الحكومات وتناوب وزراء الاعلام منذ عقود لم يمنحها حقها المعنوي ولا المادي على الرغم من ان غالبية وزراء الاعلام صحافيون .
فتح ملف (بترا) التي يرزح فريق العمل فيها تحت وطأة خط الفقر المالي هو مصلحة وطنية اردنية ملحة ، اوضاع الصحفيين والعاملين فيها المالية التي صنفت على انها الاقل على مستوى النقابات المهنية في الاردن من حيث الاجور ، في حين يقدم هؤلاء المهنيون المحترفون مقاربة تثبت علو كعبهم الاعلامي وطنيا من خلال الحقيقة التي لا يعرفها القاريء العادي والصحافيين والقراء ان 90 بالمئة من محتوى الصحف اليومية " الدستور والانباط والغد والراي والسبيل وصوت الشعب " مستقى حرفيا من "بترا" وهي شهادة اوردها الزميل علي سعادة بحيث ان توقف بترا عن العمل ليوم واحد وتحت أي ظرف يعني ان هذه الصحف ستحتجب او تصدر بيضاء وستعاني المواقع الالكترونية وحتى الفضائيات الاخبارية ايضا .
في السياق المعلوماتي فان الانتاجية العالية للاقسام الاخبارية والتحريرية وعلى راسها التحقيقات والمحافظات تعود الى الحرفية والمهنية والمسؤولية الوطنية ، ببساطة لان الشباب لا يعملون بالقطعة ولا من اجل مكافئة بل بوازع وطني ولمن اراد التحقق ان يطالع احصائاتها اليومية و الشهرية والسنوية التي شملت كافة انواع الفنون الصحفية ومختلف القطاعات وخصوصا التحقيقات ذات الاثر الفاعل .
الحكومة الاردنية لم تعد مطالبة فقط بدعم موازنة هذه المؤسسة فقط ورفع رواتب موظفيها على الاقل للوصول الى مستوى انفاقها على نزلاء مراكز الاصلاح والتاهيل شهريا او بلوغ مستوى خط الفقر ، بل باتت مطالبة بمنح كوادرها الوطنية الناضجة مساحة الحرية المطلوبة والتجاوب مع مطالباتهم في ان يكون المدير العام من بين كوادرها ، ومراعاة ان يكون مجلس ادارتها من ذوي الخبرة الاعلامية .
ما تعرضت له ( بترا) اخيرا من من هجوم خارج سياقات النقد ويندرج تحت بند الاساءة، لم يكن ليتعرض لمنتجعات اعلامية تعيش بذخا في موازناتها وترفا في امتيازات كوادرها دون أي انتاجية خارج سياقات النقل للمنقول او السرد للمسرود يجعلنا مطالبين بمواجهة الحقيقة .
شهادات الزملاء الصحفيين التي توالت بحق ( بترا) مشرفة ، وبيان نقابة الصحفيين الذي استغرب واستهجن ورفض ما صدر بحقها مشرف ايضا وتبنيه مطالب الزملاء العاملين فيها وخاصة ما ذكره البيان عن التحديات المالية وسلم رواتب موظفيها يشكل ضمانة حقيقية لتطوير الاداء الذي واكب التطورات التكنولوجية والرقمية وركز على التدريب والتأهيل في ظل ظروف صعبه .
الاهمال المتعمد لن يزيد فريق عملها الا اصرارا على اثبات القدرة والتقييد لن يمنعهم من التقدم لكنه يشكل جرحا غائرا في كبريائهم الوطني ، خاصة وان المرحلة تعيش انكسار النموذج التقليدي ، والايقاع الاعلامي يفرض معطيات جديده ، وعلى من يريد التخطيط المتطور وفرض منهاج لتربية الاعلامية ان يعي ان النص الاعلامي الجديد والمطلوب لا يعني انموذجا بديلا بل بيئة وظروفا بديلة للوصول الى تجربة قرائية جديدة.
يحضرني هنا انذار وجه لصحفي بذريعة احراج المؤسسة مع احد الوزراء ؛ ومكافئة بدل تنقلات قدرها عشرون دينارا ، اتوقف الان حتى لا انكأ جراح الزملاء ولكني اقو لان خيول وكالة الانباء الاردنية (بترا) الاصيلة وفرسانها لن تتدافع من اجل حقوقها لكنها ستعلي من صهيلها الوطني .