أم عبیر.. طحن الخبز الجاف لمواجهة آلام ”کیماوي السرطان“
جو 24 :
تستقبل الثلاثینیة أم عبیر أسرتھا بعد كل جلسة علاجیة في مستشفى البشیر الحكومي بابتسامة ذابلة وعیون براقة یشع منھا الأمل والألم معا. تكتم عن أطفالھا منذ سنة ضعفھا وتخفي عنھم رائحة الكیماوي التي تلتصق بجسدھا في رحلة كفاحھا لمواجھة خلایا سرطانیة نالت من كبدھا.
ما بین جبل النظیف و"البشیر"، تروي أم عبیر طریقھا بدموع القھر على أطفالھا الستة بعد أن طلقھا زوجھا بسبب مرضھا، فیما رفض أھلھا تحمل مسؤولیة إطعامھم وحتى كسوتھم ونفقاتھم المالیة ”الثقیلة"؛ فمـتلازمة الفقر والجھل والمرض تغرق محیطھا.
لم تنكر أم عبیر، في حدیثھا لـ"الغد"، أن لحظة تبلیغھا بأن نتائج الفحوص ”إیجابیة"، وأن كتلة سرطانیة تتموضع بین الكلى وكبدھا یصعب استئصالھا، كانت من أصعب المواقف التي تواجھھا في حیاتھا بجانب صراعھا مع زوج یعنفھا بعد أن ”سیطرت" المشروبات الكحولیة علیه.
من رحم معاناتھا باتت أم عبیر تبحث عن مصدر رزق فلم تجد سوى أن تطحن الخبز الجاف بعد أن یجمعھ أبناؤھا من حاویات القمامة أو من منازل عمانیة فاضت بھ موائدھم.
توشح وجھھا یومیا بصمت لتحمي نفسھا من غبار طحن الخبز، طمعا في بیعھ بدینارین لكل ُ ”شوال" كأعلاف للماشیة والدجاج. وعندما یھد جسمھا المرض تتسول بكرامة وخجل، من أھل الخیر لتوفیر أجرة طریقھا للمستشفى وشراء بعض أدویة غیر متوفرة أحیانا مع أنھا تحظى بتأمین صحي مجاني.
أمام ھذا البؤس والشقاء اضطرت أم عبیر لأن تدفع ابنھا البكر (13 عاما) للعمل أثناء المدرسة والعطلة الصیفیة بجمع علب المشروبات الغازیة والخبز الجاف، لعلھ یسترزق ویساعدھم في تحمل أعباء الحیاة.
ستة أطفال صغار ضمتھم أم عبیر تحت جناحیھا قبل شھرین في منزل متھالكة جدرانھ، بإیجار شھري یبلغ 80 دینارا في جبل النظیف بعمان، لم تتمكن من دفعھا حتى الآن، وأدویتھا في ثلاجة جیرانھا تحافظ علیھا من التلف لتستمد قوتھا من جدید.
وزاد من أوجاع أم عبیر حرقة قلبھا على ابنتھا أمل (9 أعوام) عندما طالت ألسنة نار "صوبة كاز" جسمھا بحروق من الدرجة الثانیة والثالثة، حتى باتت تشتھي النوم من ألم یصاحبھا في اللیل أو كلما لامست ُ ملابسھا جلدھا المشوَه. أمل التي تعرضت للحادثة في 2013 عندما كان عمرھا 3 سنوات ما تزال بانتظار عملیات جدیدة لترمیم حروقھا، وتستخدم مراھم طبیة خاصة تبرد من حرارة جسدھا.-(الغد)
تابعو الأردن 24 على 
