“توطين التعليم”.. و”سفير الاستثناءات السيئ” وراء إلغاء قطر والكويت اعتماد جامعات أردنية
جو 24 :
رغم أن خبراء تربویین أرجعوا قراري الكویت وقطر سحب اعتماد بعض الجامعات
الأردنیة إلى ”توجھ ھاتین الدولتین لتوطین التعلیم في جامعاتھما"، إلا أنھم أقروا في الوقت نفسھ
بأن ھناك ”ضعفا واضحا في التعلیم العالي في الأردن".
وقالوا، في أحادیث منفصلة لـ"الغد"، إنھ لطالما تم ”التحذیر من خطورة انعكاسات السیاسات
الرسمیة على مخرجات التعلیم العالي وسمعة الجامعات الأردنیة"، مؤكدین ضرورة عدم السماح
للطلبة الحائزین على معدل بدرجة مقبول باستكمال تعلیمھم العالي، مطالبین بإعادة النظر في
شروط القبول وإیقاف أي استثناءات أو تسھیلات.
یذكر أن الكویت قررت قبل یومین، إلغاء اعتماد 15 جامعة أردنیة والإبقاء على الاعتراف بـ5فقط، فیما قررت نظیرتھا القطریة، إلغاء اعتماد 7 جامعات أردنیة، والإبقاء على الاعتراف بـ6
جامعات فقط. وكانت سلطنة عمان اتخذت قرارا مماثلا قبل نحو عامین. وتعني ھذه القرارات
وقف تسجیل طلبة الدول التي أصدرتھا في الجامعات المعنیة.
وتعقیبا على قرار الدولتین، أشار وزیر التربیة والتعلیم والتعلیم العالي الدكتور ولید المعاني إلى
”وجود أخطاء تسببت بوصول ھاتین الدولتین لمثل ھذا القرار، أھمھا وجود استثناءات في
شروط القبول للطلبة والوافدین من ناحیة المعدلات والتخصص الذي قبل بھ"، معتبرا أن الطالب
المقبول ضمن تلك الاستثناءات یكون عند تخرجھ وعودتھ إلى بلاده ”سفیرا سیئا" للتعلیم العالي
في الأردن.
وفي نفس الوقت الذي رأى فیھ الوزیر أن خطوة كل من الكویت وقطر، تُعبر عن اتجاه واضح
لـ"توطین التعلیم في جامعات البلدین"، مستشھدا بقرار مماثل اتخذ مع جامعات مصریة، كشف
المعاني عن أنھ تم إرسال قانون التعلیم العالي والبحث العلمي إلى مجلس النواب لإجراء
تعدیلات علیھ خلال الدورة الاستثنائیة، التي من المزمع عقدھا بـ21 تموز (یولیو) الحالي، مبینا
أن من أھم المواد التي سیتم تعدیلھا، ھي: إلغاء التدریس خارج الحرم الجامعي وفي مكاتب
الارتباط.
ولفت المعاني إلى وجود 42 ألف طالب وافد في الجامعات الأردنیة، أكثرھم من الجنسیة
الفلسطینیة ثم السوریة ثم العراقیة، فیما یبلغ عدد الطلبة القطریین والكویتیین الذین یدرسون في
الأردن نحو 5 آلاف طالب وطالبة.
بدوره، قال رئیس لجنة التربیة والتعلیم والثقافة النیابیة إبراھیم البدور ”إننا نواجھ مشكلة في
التعلیم العالي بالأردن، ھي اعتماد الدولة الأردنیة على موارد مالیة من قطاعي التعلیم
والصحة"، مضیفا ”كسلطة تشریعیة سنبحث عن أسباب الخلل التي دفعت الكویت وقطر إلى
اتخاذ مثل ھذه القرارات وما الحلول التي یجب اتخاذھا من أجل إعادة الاعتراف بھذه
الجامعات".
وأضاف أنھ سـ"یتم عقد حوار داخلي مع الحكومة والجامعات لإیجاد حلول سریعة كفیلة بالحفاظ
على مستوى التعلیم العالي".
من جھتھ، اتفق رئیس لجنة التربیة والتعلیم النیابیة السابق مصلح الطراونة مع ما ذھب إلیھ
المعاني حول وجود توجھ لـ"توطین التعلیم بدول الخلیج"، قائلا ”ھناك ضغوطات داخل دول
مجلس التعاون الخلیجي على حكوماتھم لتوطین التعلیم داخل بلادھم بعد إنشاء جامعات خاصة".
وبحسب الطراونة، فإن ھناك ”مسؤولیة مشتركة بین وزارة التعلیم العالي وھیئة اعتماد
مؤسسات التعلیم العالي ورئاسات الجامعات الحكومیة والخاصة"، مبینا ”أن كل جھة من ھذه
الجھات تتحمل مسؤولیة ما حدث، لأن كل جھة تعمل بمعزل عن الجھات الأخرى، ولا یوجد
اتفاق بین ھذه الأطراف على استراتیجیة واضحة ومحددة المعالم".
وقال إن ھناك ”ضعفا واضحا في التعلیم العالي في الأردن، حیث لم یكن التعلیم العالي أولویة
لدى الحكومات المتعاقبة، خصوصا في آخر 25 عاما".
وأكد الطراونة أن الأردن فیھ تشدید على قبول الطلبة الأردنیین بجامعاتھ، لكن یتم منح تسھیلات
واستثناءات في قبول الطلبة الوافدین، لافتا إلى وجود 50 ألف أردني یدرسون في الخارج،
حیث أن ھؤلاء الطلبة لو تم قبولھم في الجامعات الأردنیة لكانت الظروف المالیة لتلك الجامعات
مریحة ولا تتطلب منح استثناءات وتسھیلات للطلبة الوافدین.
وتابع ”أن تطبیق معاییر الاعتماد من قبل الھیئة فیھ مزاجیة تختلف من جامعة لأخرى"، مطالبا
أن لا یكون دور الھیئة فقط كمراقب بالموافقة على اعتماد التخصص أو عدم اعتماده، بل یجب
أن یكون دورھا المساعدة في النھوض بمستوى الجامعات من خلال الخطط والاستراتیجیات.
إلى ذلك، قال أمین عام وزارة التعلیم العالي الأسبق الدكتور ھاني الضمور إن الدول تراجع
قرارات الاعتراف بالجامعات بشكل دوري، مضیفا أن الأردن یقوم بذلك أیضا، لكنھ اعتبر أن
تخفیض المعاییر وتقدیم بعض التسھیلات اللوجستیة خلال الأعوام الـ10 الأخیرة، ”أمور أعطت
انطباعا على تراجع التعلیم العالي في الأردن".
وشدد على أنھ یجب عدم السماح للطلبة الحائزین على معدل مقبول باستكمال تعلیمھم العالي،
ً مطالبا وزارة التعلیم العالي بإعادة النظر في شروط القبول وإیقاف أي استثناءات أو تسھیلات.
وأضاف ”أن الجامعات الخاصة في الخلیج زاد عددھا وأصبحت تضغط على حكومات بلادھا
لإعادة النظر في معاییر الاعتراف والتنافس الحاصل في دول الخلیج، وأن مفھوم السیاحة
التعلیمیة دفع إلى استقطاب طلبة وافدین من خلال تسھیلات ممنوحة بالرغم من تدني مستواھم
التعلیمي، حیث لا یتم قبولھم في جامعات بلادھم ویأتون إلى الأردن ویحصلون على شھادات
جامعیة معتمدة".
أما المنسق العام للحملة الوطنیة من أجل حقوق الطلبة ”ذبحتونا" فاخر دعاس، فقال إن التراجع
ً في نوعیة التعلیم العالي ومخرجاتھ وصلت حدا لا یمكن السكوت عنھ، وھو الأمر الذي أقرت بھ
الاستراتیجیتان: الوطنیة للتعلیم العالي وتنمیة الموارد البشریة.
ً وأضاف ”إلا أن الحكومة لم تضع حلولا علمیة وعملیة لحل ھذه المشكلة، بل إن سیاساتھا
ً أسھمت في المزید من التراجع في مخرجات التعلیم العالي، ابتداء من فتح باب الموازي على
ً مصراعیھ، مرور ً ا برفع رسوم التنافس بشكل غیر مباشر، ولیس انتھاء بقانون الجامعات
الأردنیة الذي حول الجامعات الخاصة إلى شركات تجاریة".
ولفت دعاس إلى أنھ من الملاحظ أن الجامعات الرسمیة التي تم استثناؤھا من الاعتماد في كل
من الكویت وقطر، ھي جامعات الأطراف (مؤتة، الحسین، الطفیلة، آل البیت)، وأن الحملة
كانت حذرت سابقًا، من سیاسات التعلیم العالي تجاه جامعات الأطراف، خصوصا فیما یتعلق
بأسس القبول، وخفض معدلات القبول إلى 60 ،% والسماح لھذه الجامعات بالتدریس في
مكاتب الارتباط التابعة لھا في عمان.
ودعا إلى إعادة نظر شاملة في منظومة التعلیم والتعلیم العالي برمتھا، ووضع سیاسة تعلیمیة
وأكادیمیة وطنیة بعیدة عن إملاءات صندوق النقد والبنك الدولیین، وإعادة النظر بغیاب الدعم
الحكومي للجامعات الرسمیة، وكل التشریعات المتعلقة بالعملیة التعلیمیة.
وأضاف دعاس، إن ”الحملة تطالب الحكومة بإعادة النظر بأسس القبول الجامعي، والبرنامج
الموازي، وأسس اعتماد الجامعات الرسمیة والخاصة، وذلك في إطار منظور وطني شامل
ً یعطي مصلحة الوطن أولا ً وأخیر ً ا بعیدا عن سطوة المؤسسات المالیة الدولیة ورأس المال على
القرار التعلیمي في الأردن".الغد