"678" فيلم يناقش بجرأة التحرش الجنسي بالنساء
جو 24 : إسراء الردايدة- لجسد المرأة خصوصية عميقة وحرمة لا يمكن لها أن تتحمل انتهاكها أو تتهاون في مواجهة أي انتهاك؛ فجسد المرأة جزء من أنوثتها وملكيتها التي لن تتنازل عنها أبدا وبالتأكيد لن تفرّط بها.
ولكن ماذا يحدث، وكيف هي ردة فعل المرأة حين تجد من يحيط بها يتربص لهذا الجسد ويقرر استباحته بسبب ذكوريته؛ فهل تصمت وتتحمل وتبتلع الألم، أم تحارب وتتصدى لكل المجتمع الذي يحملها الذنب في المقام الأول؟
هذا الصراع والحق بالتصرف بجسد المراة وحتى استباحته وحمايته هو موضوع فيلم لاقى الكثير من ردود الفعل العالمية والمحلية، بدءاً من دولة عرضه وهي مصر.
ويلقي الفيلم، الذي أخرجه محمد دياب، الضوء على ظاهرة التحرش بالنساء في الأماكن العامة، ليتناول همّا ربما كان وطنيا بالنسبة له، ولكن أبعاده عالمية فهي ظاهرة في كل مكان تنال من النساء وتضعهن تحت ضغط نفسي وخوف كبير من المجتمع والرجل، انعكست من خلال عمل سينمائي عربي بطرح جريء جسّده فيلم "678".
فالقليل من المخرجين هم الذين يبرعون في التصدي لقضايا اجتماعية بمهارة في مراحلهم الأولى وأعمالهم الأولى ايضا، وهو ما اثبته محمد دياب في فيلمه الذي خرج الى النور في العام 2010 حين عرض في مهرجان دبي.
ويدور الفيلم حول تجربة ثلاث سيدات يتعرضن للتحرش الجنسي في الشارع العام، وطريقة تعاملهن مع الوضع وحتى المجتمع نفسه، والحاجة للتصدي لهذه الظاهرة التي برزت في شكل كبير في القاهرة، وصدف أن تعرضت عدة مراسلات صحفيات من جهات مختلفة للتحرش الجماعي خلال نقل أحداث ميدان التحرير.
أحدث صدى الفيلم وقعا مدويا، نظرا للقوة في طرحه وتعامله مع كافة أوجه وأشكال التحرش والتطرق للأساليب المتبعة بكل صدق دون مبالغة من خلال شخصياته الثلاث، ووقائع مختلفة وشرائح مجتمعة متباينة تعكس عمق المشكلة.
ويعد تفكير الرجال في المجتمعات الشرقية والذكورية المهيمنة، واحد من أهم المحاور التي تناولها دياب من خلال قصص هؤلاء النساء الثلاث اللواتي تعاملت كل واحدة منهن مع تجربتها بشكل مختلف.
السيدة الأولى منهن هي موظفة من الطبقة العاملة، وتدعى فائزة، ولعبت دورها الفنانة بشرى، التي تركب الحافلات العامة كل يوم وتتعرض للتحرش، وكل يوم أيضا، وبالرغم من حشمتها في ملابسها وارتدائها الحجاب الا أن هذا لم يشفع لها ويمنع تعرضها لمضايقات في الحافلة التي تنزل منها في حالة يرثى لها ما انعكس على حياتها الزوجية. ففايزة كل يوم تتعرض للإهانة الجسدية والاستباحة التي لا تجد لها مخرجا سوى الخروج من الحافلة وركوب "التاكسي" والوصول متأخرة للعمل وحتى في المنزل باتت كئيبة منعزلة ترفض زوجها وتعاني من برود وشرود وقلق ورعب لا ينتهي.
وحتى أسلوب التحرش بحد ذاته بالنسبة لفايزة، والذي شمل الملامسة من قبل الرجال لها أو ما يسميه الرجال "مداعبة الليمونة"، التي يضعونها في جيوبهم ويحتكون بجسد المراة وان لاقوا قبولا استمروا، وبعكس ذلك فإنهم يخروجون ما في جيوبهم ويقولون إنها مجرد ليمونة.
وفايزة واحدة من مئات غيرها ممن تكبت الالم كل يوم في ظل هذه المواقف الحرجة، لكنها تلتفت من خلال متابعتها لبرنامج تلفزيوني توعوي تقدمه ناشطة حقوقية من عائلة ثرية تدعى صبا (الفنانة نيلي كريم)، والتي تقود حملة ومحاضرات للنساء من أجل حماية أنفسهن، وتدير جلسات للواتي تعرضن للاعتداء.
وصبا نفسها تعرضت للاعتداء والتحرش الجنسي من قبل مجموعة وهي برفقة زوجها بعد مشاهدتها مباراة للمنتخب المصري، حين أحاطت مجموعة رجال بها وأبعدتها عن زوجها الذي وقف ساكنا من الذهول. وبعد تلك الحادثة باتت صبا في حالة من الضياع والألم وقررت مكافحة ما حصل لها والابتعاد عن زوجها لنفوره منها في بادىء الأمر.
وتطرح أبعاد الفيلم قضية شائكة، وهي محور مهم من محاور حماية المرأة وحقوقها، التي سنتها الأمم المتحدة، الى جانب مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي تدعو لمناهضة العنف ضد المرأة، وتؤكد أهمية اتخاذ كافة التدابير الوقائية بهذا الصدد.
وعرّفت وثيقة لجنة الأمم المتحدة العنف ضد المرأة بأنه: "أي فعل من أفعال العنف القائم على الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، ضرر جسدي أو جنسى أو معاناة نفسية للنساء والفتيات، بما فى ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك فى الحياة العامة أو الخاصة، من دون إغفال الأضرار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن هذا العنف."
أما في نصوص القضاء على التمييز ضد المرأة، فإن الأطراف المشاركة تضمن أن تتيح القوانين التي تناهض العنف وإساءة المعاملة في الأُسرة، والاغتصاب، والاعتداء الجنسي وغيره من أشكال العنف القائم على أساس نوع الجنس، وحماية كافية لجميع النساء، واحترام سلامتهن وكرامتهن.
وعلى هذه الدول اتخاذ جميع التدابير القانونية وغيرها من التدابير اللازمة لتوفير حماية فعَّالة للمرأة من العنف القائم على نوع الجنس، بما فيها التدابير القانونية ومن بينها العقوبات الجزائية، وسُبل الانصاف المدنية، وأحكام التعويض لحماية المرأة من جميع أنواع العنف.
وبحسب التوصية رقم 19 من التوصيات العامة التي تناولت العنف ضد المراة تحديداً، فإن المضايقة الجنسية "تشمل أي سلوك مقيت أو متعمد أساسه الجنس مثل الملامسات البدنية والعروض المادية والملاحظات ذات الطابع الجنسي (...) وغيرها."
ومن هنا تنبع أهمية فيلم دياب، من خلال بطلاته الثلاث، والذي تتابع فيه صبا رحلة حماية وتوعية غيرها من النساء بعد تجربتها الشخصية، في ضرورة تعلم الدفاع عن انفسهن وحمايتهن بعد تعرضهن للتحرش.
لتأتي حكاية ناهد السبيعي، ولعبت دورها نيللي المسرحية الكوميدية، والتي تتعرض لتحرش من نوع حاد على مرأى من والدتها وهي عائدة من العمل، حيث يقوم سائق سيارة بسحبها من ملابسها أثناء سير السيارة، لتقع على الأرض وتجري خلفه فى هيستيريا فظيعة حتى تستطيع اللحاق به وتسلمه إلى "البوليس"، وتنطلق رحلتها من هنا لتبلغ رسمياً عنه، علما بأن أول حالة قضائية سجلت في تارخ مصر ضد التحرش الجنسي كانت في العام 2008 وحكم لصالح المدعية وتقرر حبس الجاني.
والفيلم من بطولة سوسن بدر وباسم سمرة واحمد الفيشاوي وماجد الكدواني، وهو عمل مؤثر من دون أي مشهد فاضح أو خادش للحياء.
وفيه تجتمع هؤلاء النساء اللواتي تجمعهن محنة واحدة، تشمل بالإضافة إلى التحرش، جانب الدعم من قبل الشريك أوالرجل في حياة المرأة التي تتعرض لمثل هذه المواقف في مجتمع منغلق وذكوري.
إحداهن، وهي فايزة، لا يكثرث لها زوجها سوى لطبيعة العلاقة بينهما وعملها حتى تسهم في مصروف البيت، مقابل الانسحاب وعدم تحمل المسؤولية من قبل زوج صباـ ولعب دوره احمد الفيشاوي- وتخليّه عنها في محاولة لنسيان ما حدث، ووصولا لخطيب نيللي الذي رافقها حتى النهاية بدور الشريك المتفهم والمساند رغم ضغوط أهله والمجتمع التي كانت تحوم حوله.
وللجناة حضور، في الفيلم، يقف على أسباب ارتكابهم مثل هذه الافعال، التي تهز كيان امراة من الداخل وتتركها معنفة في مجتمع لا يرحم، فكانت هذه الجريمة الأخلاقية متمخضة عن البطالة وعدم القدرة الاقتصادية على الزواج وحتى مشاهدة الافلام الاباحية وأصدقاء السوء، وغيرها من العوامل التي دفعتهم لمثل هذه الافعال.
ويعرض الفيلم أيضاً طريقة تعامل كل سيدة مع الموقف عندما تجد نفسها ضحية لمحاولة تحرش، ففايزة اختارت طريقة "الدبوس" الذي تشكه في قدم الجاني حين يقترب منها حتى تبعده عنها، قبل أن تهرع هاربة من الحافلة في كل مرة لتدافع عن نفسها، فيما اختارت صبا توعية غيرها حتى لا يذقن ما عانته، فيما سلكت نيللي طريق المواجهة وتحصيل حقها القانوني بجرأة برغم الضغوطات التي تعرضت لها.
ويكشف الفيلم حقائق صادمة، منها لجوء زوج فايزة لحيلة الليمونة وتعرضه للطعن من قبل نيللي التي أرادت التفريغ عن غضبها، وموقف فايزة من فعلة زوجها وكسب نيللي القضية والحكم لصالحها، لتختم بدورها في النهاية معاناة هؤلاء النسوة وصراعهن من أجل حماية أنفسهن واكتساب حقهن من جديد واستعادة كرامتهن التي هدرتها ذكورية انانية.
ويمثل عنوان الفيلم "678" رقم الحافلة التي تعرضت فيها فايزة للتحرش مرات ومرات وهي في طريق عودتها للمنزل بعد العمل، وكل يوم تجرعت فيه الإهانة وسكتت عنها. - أعدّ لبرنامج الاعلام و حقوق الانسان - مركز حماية و حرية الصحفيين
ولكن ماذا يحدث، وكيف هي ردة فعل المرأة حين تجد من يحيط بها يتربص لهذا الجسد ويقرر استباحته بسبب ذكوريته؛ فهل تصمت وتتحمل وتبتلع الألم، أم تحارب وتتصدى لكل المجتمع الذي يحملها الذنب في المقام الأول؟
هذا الصراع والحق بالتصرف بجسد المراة وحتى استباحته وحمايته هو موضوع فيلم لاقى الكثير من ردود الفعل العالمية والمحلية، بدءاً من دولة عرضه وهي مصر.
ويلقي الفيلم، الذي أخرجه محمد دياب، الضوء على ظاهرة التحرش بالنساء في الأماكن العامة، ليتناول همّا ربما كان وطنيا بالنسبة له، ولكن أبعاده عالمية فهي ظاهرة في كل مكان تنال من النساء وتضعهن تحت ضغط نفسي وخوف كبير من المجتمع والرجل، انعكست من خلال عمل سينمائي عربي بطرح جريء جسّده فيلم "678".
فالقليل من المخرجين هم الذين يبرعون في التصدي لقضايا اجتماعية بمهارة في مراحلهم الأولى وأعمالهم الأولى ايضا، وهو ما اثبته محمد دياب في فيلمه الذي خرج الى النور في العام 2010 حين عرض في مهرجان دبي.
ويدور الفيلم حول تجربة ثلاث سيدات يتعرضن للتحرش الجنسي في الشارع العام، وطريقة تعاملهن مع الوضع وحتى المجتمع نفسه، والحاجة للتصدي لهذه الظاهرة التي برزت في شكل كبير في القاهرة، وصدف أن تعرضت عدة مراسلات صحفيات من جهات مختلفة للتحرش الجماعي خلال نقل أحداث ميدان التحرير.
أحدث صدى الفيلم وقعا مدويا، نظرا للقوة في طرحه وتعامله مع كافة أوجه وأشكال التحرش والتطرق للأساليب المتبعة بكل صدق دون مبالغة من خلال شخصياته الثلاث، ووقائع مختلفة وشرائح مجتمعة متباينة تعكس عمق المشكلة.
ويعد تفكير الرجال في المجتمعات الشرقية والذكورية المهيمنة، واحد من أهم المحاور التي تناولها دياب من خلال قصص هؤلاء النساء الثلاث اللواتي تعاملت كل واحدة منهن مع تجربتها بشكل مختلف.
السيدة الأولى منهن هي موظفة من الطبقة العاملة، وتدعى فائزة، ولعبت دورها الفنانة بشرى، التي تركب الحافلات العامة كل يوم وتتعرض للتحرش، وكل يوم أيضا، وبالرغم من حشمتها في ملابسها وارتدائها الحجاب الا أن هذا لم يشفع لها ويمنع تعرضها لمضايقات في الحافلة التي تنزل منها في حالة يرثى لها ما انعكس على حياتها الزوجية. ففايزة كل يوم تتعرض للإهانة الجسدية والاستباحة التي لا تجد لها مخرجا سوى الخروج من الحافلة وركوب "التاكسي" والوصول متأخرة للعمل وحتى في المنزل باتت كئيبة منعزلة ترفض زوجها وتعاني من برود وشرود وقلق ورعب لا ينتهي.
وحتى أسلوب التحرش بحد ذاته بالنسبة لفايزة، والذي شمل الملامسة من قبل الرجال لها أو ما يسميه الرجال "مداعبة الليمونة"، التي يضعونها في جيوبهم ويحتكون بجسد المراة وان لاقوا قبولا استمروا، وبعكس ذلك فإنهم يخروجون ما في جيوبهم ويقولون إنها مجرد ليمونة.
وفايزة واحدة من مئات غيرها ممن تكبت الالم كل يوم في ظل هذه المواقف الحرجة، لكنها تلتفت من خلال متابعتها لبرنامج تلفزيوني توعوي تقدمه ناشطة حقوقية من عائلة ثرية تدعى صبا (الفنانة نيلي كريم)، والتي تقود حملة ومحاضرات للنساء من أجل حماية أنفسهن، وتدير جلسات للواتي تعرضن للاعتداء.
وصبا نفسها تعرضت للاعتداء والتحرش الجنسي من قبل مجموعة وهي برفقة زوجها بعد مشاهدتها مباراة للمنتخب المصري، حين أحاطت مجموعة رجال بها وأبعدتها عن زوجها الذي وقف ساكنا من الذهول. وبعد تلك الحادثة باتت صبا في حالة من الضياع والألم وقررت مكافحة ما حصل لها والابتعاد عن زوجها لنفوره منها في بادىء الأمر.
وتطرح أبعاد الفيلم قضية شائكة، وهي محور مهم من محاور حماية المرأة وحقوقها، التي سنتها الأمم المتحدة، الى جانب مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي تدعو لمناهضة العنف ضد المرأة، وتؤكد أهمية اتخاذ كافة التدابير الوقائية بهذا الصدد.
وعرّفت وثيقة لجنة الأمم المتحدة العنف ضد المرأة بأنه: "أي فعل من أفعال العنف القائم على الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، ضرر جسدي أو جنسى أو معاناة نفسية للنساء والفتيات، بما فى ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك فى الحياة العامة أو الخاصة، من دون إغفال الأضرار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن هذا العنف."
أما في نصوص القضاء على التمييز ضد المرأة، فإن الأطراف المشاركة تضمن أن تتيح القوانين التي تناهض العنف وإساءة المعاملة في الأُسرة، والاغتصاب، والاعتداء الجنسي وغيره من أشكال العنف القائم على أساس نوع الجنس، وحماية كافية لجميع النساء، واحترام سلامتهن وكرامتهن.
وعلى هذه الدول اتخاذ جميع التدابير القانونية وغيرها من التدابير اللازمة لتوفير حماية فعَّالة للمرأة من العنف القائم على نوع الجنس، بما فيها التدابير القانونية ومن بينها العقوبات الجزائية، وسُبل الانصاف المدنية، وأحكام التعويض لحماية المرأة من جميع أنواع العنف.
وبحسب التوصية رقم 19 من التوصيات العامة التي تناولت العنف ضد المراة تحديداً، فإن المضايقة الجنسية "تشمل أي سلوك مقيت أو متعمد أساسه الجنس مثل الملامسات البدنية والعروض المادية والملاحظات ذات الطابع الجنسي (...) وغيرها."
ومن هنا تنبع أهمية فيلم دياب، من خلال بطلاته الثلاث، والذي تتابع فيه صبا رحلة حماية وتوعية غيرها من النساء بعد تجربتها الشخصية، في ضرورة تعلم الدفاع عن انفسهن وحمايتهن بعد تعرضهن للتحرش.
لتأتي حكاية ناهد السبيعي، ولعبت دورها نيللي المسرحية الكوميدية، والتي تتعرض لتحرش من نوع حاد على مرأى من والدتها وهي عائدة من العمل، حيث يقوم سائق سيارة بسحبها من ملابسها أثناء سير السيارة، لتقع على الأرض وتجري خلفه فى هيستيريا فظيعة حتى تستطيع اللحاق به وتسلمه إلى "البوليس"، وتنطلق رحلتها من هنا لتبلغ رسمياً عنه، علما بأن أول حالة قضائية سجلت في تارخ مصر ضد التحرش الجنسي كانت في العام 2008 وحكم لصالح المدعية وتقرر حبس الجاني.
والفيلم من بطولة سوسن بدر وباسم سمرة واحمد الفيشاوي وماجد الكدواني، وهو عمل مؤثر من دون أي مشهد فاضح أو خادش للحياء.
وفيه تجتمع هؤلاء النساء اللواتي تجمعهن محنة واحدة، تشمل بالإضافة إلى التحرش، جانب الدعم من قبل الشريك أوالرجل في حياة المرأة التي تتعرض لمثل هذه المواقف في مجتمع منغلق وذكوري.
إحداهن، وهي فايزة، لا يكثرث لها زوجها سوى لطبيعة العلاقة بينهما وعملها حتى تسهم في مصروف البيت، مقابل الانسحاب وعدم تحمل المسؤولية من قبل زوج صباـ ولعب دوره احمد الفيشاوي- وتخليّه عنها في محاولة لنسيان ما حدث، ووصولا لخطيب نيللي الذي رافقها حتى النهاية بدور الشريك المتفهم والمساند رغم ضغوط أهله والمجتمع التي كانت تحوم حوله.
وللجناة حضور، في الفيلم، يقف على أسباب ارتكابهم مثل هذه الافعال، التي تهز كيان امراة من الداخل وتتركها معنفة في مجتمع لا يرحم، فكانت هذه الجريمة الأخلاقية متمخضة عن البطالة وعدم القدرة الاقتصادية على الزواج وحتى مشاهدة الافلام الاباحية وأصدقاء السوء، وغيرها من العوامل التي دفعتهم لمثل هذه الافعال.
ويعرض الفيلم أيضاً طريقة تعامل كل سيدة مع الموقف عندما تجد نفسها ضحية لمحاولة تحرش، ففايزة اختارت طريقة "الدبوس" الذي تشكه في قدم الجاني حين يقترب منها حتى تبعده عنها، قبل أن تهرع هاربة من الحافلة في كل مرة لتدافع عن نفسها، فيما اختارت صبا توعية غيرها حتى لا يذقن ما عانته، فيما سلكت نيللي طريق المواجهة وتحصيل حقها القانوني بجرأة برغم الضغوطات التي تعرضت لها.
ويكشف الفيلم حقائق صادمة، منها لجوء زوج فايزة لحيلة الليمونة وتعرضه للطعن من قبل نيللي التي أرادت التفريغ عن غضبها، وموقف فايزة من فعلة زوجها وكسب نيللي القضية والحكم لصالحها، لتختم بدورها في النهاية معاناة هؤلاء النسوة وصراعهن من أجل حماية أنفسهن واكتساب حقهن من جديد واستعادة كرامتهن التي هدرتها ذكورية انانية.
ويمثل عنوان الفيلم "678" رقم الحافلة التي تعرضت فيها فايزة للتحرش مرات ومرات وهي في طريق عودتها للمنزل بعد العمل، وكل يوم تجرعت فيه الإهانة وسكتت عنها. - أعدّ لبرنامج الاعلام و حقوق الانسان - مركز حماية و حرية الصحفيين