إلزامية مرحلة رياض الأطفال.. الرزاز يغرق في أحلامه ويواصل بيع الوهم للاردنيين!
جو 24 :
كتب د. محمد أبو غزلة - خبير تربوي/ ومدير التخطيط والبحث التربوي سابقا -
واضح أن حكومة الدكتور عمر الرزاز لا تبرح أن تفيق من حلم إلا وتعود لتحلم بآخر جديد، تماما كما أنه غارقة في حلمها العميق بإطلاق مشروع نهضة وطني شامل، لتمكين الأردنيين من تحفيز طاقاتهم، ورسم أحلامهم والسعي لتحقيقها، وتلبية احتياجاتهم عبر خدمات نوعية، وعقدٍ اجتماعي جديد ذهب أدراج الرياح من حيث الحقوق والواجبات، يرسم شكل العلاقة بين المواطن وحكومته، لكنها ما زلت منكبة ومصرة على التصريحات الرنانة التي بظاهرها صحيحة لكن يراد بها باطل.
لا يوجد تربوي او غير تربوي لا يؤمن بأهمية الزامية مرحلة رياض الأطفال، ودورها الأكيد وحسب الدراسات في رفع الاستعداد للتعلم في المراحل التعليمية اللاحقة إذا ما تم التأسيس لها وتحقيق أهدافها في بناء المهارات الحياتية الأساسية، والتي هي الأساس للمراحل العمرية اللاحقة للطفل فهي منهج شمولي موحد من السياسات والبرامج التي تدعم الصحة والتغذية والحماية والتعليم من أجل التطوير والتنمية الشاملة للطفل لكامل قدراته واستعداداته الجسدية والعقلية والاجتماعية والانفعالية، بما يتناسب مع خصائصه واحتياجاته العمرية، لا أن تغرق في المهارات التعليمية التي يمكن أن تولد ردة فعل عند الأطفال في الصفوف الأساسية الأولى إذا بقيت مناهجها وكتبها تحاكي نفس المحتوى التعليمي الذي يدرس في الصفوف الاساسية الذي تركز عليه بعض دور الأطفال مخالفة في ذلك الأسس العلمية والتربوية من وراء إنشاء رياض الأطفال.
كما لا ينكر أحدا حق التعليم للجميع ومجانتيه بموجب الدستور، والزاميته للتعليم الاساسي، وما ورد في قانون التربية والتعليم رقم( 3) لسنة 1994 الذي اعد مرحلة رياض الأطفال مرحلة من مراحل التعليم، وأن الوزارة قد وضعت سياسية للالتحاق لرياض الأطفال بدأت من عام 2004 ويكون التوسع في الالتحاق بشكل تدريجي حيث وصل مع نهاية 2011 إلى ما نسبته ( 52 %) دون اللجوء إلى تعديل القانون نظرا لعدم توفر الموارد والمتطلبات اللازمة لذلك وهي ما زالت غير متوفرة، كما اعتمد أيضا على ما ورد في الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية ، وفي الورقة النقاشية السابعة لجلالة الملك عبدالله الثاني، وخطة الوزارة الاستراتيجية، والخطط الوطنية في مجال الطفولة المبكرة، لكن في هذا التصريح فاعتقد أن الرئيس انطلق في قراره من خلفيته واهتمامه بالجانب الاقتصادي المادي والمعنوي، والذي يشير وحسب الدراسات الأجنبية إلى تحسن في النمو في مرحلة الطفولة المبكرة والاستعداد للتعلم والحياة، وتحسن الأداء وزيادة معدّل التّحصيل العلمي بمقدار 0.7 سنوات، إضافة إلى ما أشار إليه في لقائه من حيث توفير فرص العمل للإناث لأن هذه المرحلة تشغل معظمها الإناث في مجال رعاية الطّفولة المبكّرة والتّعليم وبالتالي ارتفاع الدخل ، ورفع محصّلة دخل الفرد مدى حياته، وارتفاع العائدات الضّريبيّة التي قد تصل إلى اكثر من مليون ونصف المليون دينارا إضافة للفائدة المجتمعيّة للاستثمار في مجال رعاية الطّفولة المبكرة والتّعليم تتجاوز التّكلفة الكليّة التّقديرية حسب الدراسات في بيئات اجنبية .
وحتى نكون اكثر علمية وواقعية نسأل، هل الاحلام والدراسات والاستراتيجيات والخطط كافية لوحدها لتحقيق هذه الاحلام رغم أهميتها؟ وهل فكرنا عندما حلمنا على الأقل بمحيطنا العربي الذي يزخر بالخيرات ووفرة الأموال، ولم يعدها لغاية الان مرحلة إلزامية؟، هل فكرنا في قدرتنا على جعلها الزامية في ظل انحسار الموارد المالية في الموازنة العامة للدولة التي تئن من الألم، وانحسار أيضا المساعدات الخارجية المرتبطة بالضغوط السياسية على الدولة، وضآلة المخصصات المالية المقدرة لرياض الأطفال الواردة في موازنة عام 2019 والتي تبلغ (5,310,000)؟، وهل سألنا أنفسنا؟ هل وفرنا بنى تحتية مناسبة للتعليم الأساسي الإلزامي والذي يرتفع فيه عدد المدارس المستأجرة وخاصة في هذه المرحلة والتي تصل إلى أكثر من (750) مدرسة، وبنسبة تصل إلى حوالي (18 %) تقريبا وفيها أكثر من (15 %) تقريبا من الطلبة في المملكة ذات الخريطة المتشوه في التكوين المدرسي والذي يتوزع على مدارس شاملة تشمل جميع المراحل او جزء منها او جزء من مرحلة؟،وهل وفرنا مدارس تحل مشكلة الاكتظاظ الصفي؟ في معظم مناطق المملكة في ضوء الهجرات القسرية؟، وهل وفرنا بيئة تعليمية أمنه تتوفر فيها كل عناصر السلامة والتدفئة والتكييف؟، وهل وفرنا الكوادر البشرية المؤهلة والمدرية للمراحل جميعها؟،وهل فكر الرئيس في الأعباء النفسية للذكور وردود أفعالهم، جراء عدم التفكير بتوفير فرص لهم؟،
هل فكر الرئيس ومساندوه بمدى استعداد الأطفال للالتحاق في ظل غياب العناصر الأساسية للتعلم؟ ، وماذا عن توفير مستلزمات المرحلة الثانوية؟، وحل مشاكل مدارس الفترتين وغيرها؟، وهل فكر الرئيس بالمخصصات المالية التي ترصد للتوسع في رياض الأطفال والتي وصلت فيها نسبة التحاق الطلبة في القطاعين العام والخاص إلى (61 % ) تقريبا من أعمار سن الروضة في (KG2) والبالغ عددهم (104000) تقريبا موزعين على القطاعين العام والخاص منهم ( 37190 ) طفل في القطاع الحكومي بنسبة الطلبة في القطاع العام( 36% ) تقريبا من مجموع الطلبة الملتحقين (66810) في القطاع الخاص وبنسبة (64 %) تقريبا؟ وبالتالي فإن القطاع الخاص هو من يرفع النسبة، بينما تبلغ نسبة الملتحقين من عمر المرحلة الأولى من الروضة(1KG) تبلغ ( 14%) تقريبا في القطاع الخاص تقريبا، وهل فكر الرئيس بالمستويات الاقتصادية لأولياء الامور في ظل حزم الضرائب التي أثقلت كاهلهم حنى يتمكنوا من إلحاق أبناؤهم ونقلهم للمدارس؟ ألم يدرك الرئيس أن قانون التربية يحتاج إلى تعديل وأن الدورة الاستثنائية محددة بمجموعة من القوانين وليس منها قانون التربية، وحتى وان بقيت حكومته حتى الدورة العادية وعدل القانون، ويستطيع ذلك من باب ترحيل الازمة لبيداء تدريجيا بالتطبيق؟ فكم سيحتاج من السنوات لتحقيق ذلك إلا كان ذلك بهدف الاعلام والمناورات؟ وكيف يحل التعارض مع مفهوم الإلزامية الذي يجبر الأهالي على الحاق أبنائهم؟. ألم يفكر الرئيس بالتشريعات المطوب تعديلها في الوزارات الأخرى الذي بني استرا تيحته عليها في الشراكة، ولم يستطع تعديل تشريع واحد ابان عمله في الوزارة؟، وبأن الوعود التي اطلقها ابان عمله بإشراكه مع القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية الأخرى لم تساهم الوزارة بمنح رواتب لجهة من الجهات من الجمعيات وغيرها التي تم وعدها بذلك؟، فاعتقد لو فكر الرئيس او العاملين في الوزارة بمثل ذلك لن يطلقوا مثل هذا التصريح ولم يساندوه في ظل أن عناصر المنظومة الأخرى في النظام التعليمي مترهلة ولم يتم تطويرها، واقتصرت التطوير خلال السنوات الأخيرة على امتحان الثانوية العام لاعتبارات شخصية، كما لن يطلقوا العنان لأحلامهم للتفكير بإلزامية رياض الأطفال على الرغم من اهميتها ومشروعية احلامهم، ولو فكر الرئيس ومساندوه أيضا في الحلم بأن التخبط في التخطيط لن يحقق احلامهم وان مثل هذه البالونات لن تفيد في اقناع الشعب بتحقيق إنجازات وهمية وبانه لن يفلح بإقناعهم، لاسيما انه غيره حلم بذلك واستفاق، ولم يستطع جعلها الزامية.
ومن هنا فعلى الحالمين في الحكومة وغيرها أن يفكروا بطريقة علمية مبنية على دراسات علمية تدرس الواقع والإمكانات وتضع خططها والبرامج الطموحة والواقعية عندها سيكون بمقدورهم ضمان حصول الأطفال على فرص متساوية للنمو، وسيكون هناك استثمار حقيقي في السنوات الأولى في عمر الطفل، ومعالجة عدم المساواة لتحدث تغيير في مسار حياة الأطفال لأن التعليم مفتاح للتغيير ، كما عليهم الاستمرار في السياسة التي وضعت للالتحاق لرياض الأطفال والتي تحقق روح الإلزامية بالتدريج وبطريقة واقعية دون اللجوء إلى تعديل القوانين في ظل عم توفر الإمكانات اللازمة حتى لا تبقى حبرا على ورق، والمستقبل لن ينتظر أحد تخلف عن اللحاق به، كما عليهم تبني الشراكة والمسؤولية الوطنية والاجتماعية كأساس في عمليات التخطيط السليم لتحقيق طموحاتهم بجهود الجميع، شعبا وحكومة ومؤسسات خاصة، وعامة من اجل بناء قدراتنا البشرية من خلال منظومة تعليمية سليمة وناجعة، والتي لن تكون بإطلاق العنان للأحلام الآنية مع دعمي الأكيد لإلزامية المرحلة اذا ما توفرت كل المتطلبات المادية والفنية.