مخرجة أردنية تطرح قضية الإيمان على خشبة المسرح الروسي
تقدم المخرجة، نادية قبيلات، عرضا مسرحيا بعنوان "والدي هو بيتر بان"، تطرح من خلاله أسئلة وجودية على الجمهور الروسي، الذي يتعرف عليها للمرة الثانية من خلال أعرق المسارح الروسية.
كانت المرة الأولى لقبيلات حينما حاز عرضها المسرحي الأول على الخشبة الروسية "فابريتشنيي" (فتيات المصنع) فيفبراير الماضيإعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء، ودعيت إلى عدد من المهرجانات الروسية.
افتتح عرض المسرحية ليلة أمس، ويستمر اليوم، الاثنين، على خشبة مسرح "ساتيريكون" (مسرح رايكين)، أحد أعرق المسارح الروسية في العاصمة موسكو، وأركادي رايكين (1911-1987) هو أحد عمالقة المخرجين والممثلين المسرحيين والسينمائيين في الحقبة السوفيتية.
و"بيتر بان" هو شخصية خيالية ابتدعها الكاتب الاسكتلندي، جيمس ماثيو باري (1860-1937)، ظهرت للمرة الأولى في روايته "الطائر الأبيض الصغير" (1902)، حول طفل شقي، هرب من منزل والديه، كي لا يكبر أبدا، ويستطيع الطيران، ويعيش مغامراته في جزيرة تسمى "جزيرة المستحيل"، وهناك أصبح زعيما للأطفال الضالة، ويتعامل مع حوريات البحر، والأمريكيين الأصليين، والجن، والقراصنة.
من خلال ذلك "الوهم البريء" استطاع الوالد لوقت طويل أن يقنع الطفل بمبررات فشله، وعدم تحققه في الحياة، ووفر له ذلك الوهم مخرجا للكثير منأحرف المنطق الحادة، ومصاعب الواقع المرير، فكان دائما ما يرجع السبب في كل شيء إلى مغامراته على جزيرة المستحيل، وانشغاله ببعض المهام هناك.
وحينما جاءت لحظة اختبار القدرة على الطيران، تمكن الوالد بخياله الخصب أن يوهم الطفل بأنه فعلا يطير، ليعيش الطفل وهما جميلا استمر معه حتى تحدث المأساة الحقيقية، حينما يوضع الأب أمام اختبار الطيران، ويقرر الانتحار من نافذة الدور الخامس، ليثبت أنه "قادر على الطيران"!
وحينما تعود الأم لتقول لابنها أنها "لم تجد أحدا في الخارج"، وتقنع الطفل بأن والده قد اختفى، و"طار". يركن الطفل إلى ذلك "الإيمان" حتى يصطدم فيما بعد، في منطقة لا نراها، بالحقيقة والواقع.
تمكنت قبيلات من طرح أسئلة عديدة من خلال استخدامها المتمكن لأدوات مسرح "ساتيريكون"، الذي وضع تحت تصرفها بعد فوزها فيمسابقة "البحث عن نص جديد"، التي أجراها المسرح الأكاديمي الروسي للشباب، ضمن خمس نصوص فائزة من أصل 100 مسرحي متسابق من جميع أنحاء روسيا. فوقع اختيارها على نص "والدي هو بيتر بان"، الذي نلمح بجلاء علاقتها المتيمة به، ومدى انغماسها في أعماقه.
تنتهي قبيلات في عرضها المسرحي إلى أسئلة لا إلى إجابات. تماما كما نواصل نحن أسئلة الحياة الوجودية، التي لا نجد إجابة لها، ليصبح السؤال في حد ذاته إجابة، وهدفا أسمى للحياة.
وتنتمي المخرجة الأردنية الشابة، نادية قبيلات، إلى عائلة فنية، حيث وصلت رواية "شمس بيضاء باردة" لوالدتها الروائية الأردنية المرموقة، كفى الزعبي، إلى القائمة القصيرة لجائزة "البوكر" العربية لعام 2019، ويدير والدها المخرج المسرحي، سلام قبيلات، مسرح الشمس، أحد أهم المبادرات المسرحية في المشهد المسرحي الأردني، بينما تخرجت نادية عام 2018 من فصل الأستاذ سيرغي جينوفاتش بقسم الإخراج معهد غيتيس الروسي العريق (يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1878).
المصدر: RT