خطفه الموت في بداية مشواره... "أمير" عائلة بوادي دُهس قرب منزله في الشوف
جو 24 :
ضحية جديدة، كتبت اسمها بالدم على لائحة الموت على طرق لبنان، لا لذنب ارتكتبه إلا أنّها كانت في الزمان والمكان الخطأين. هذه المرة، كان على ابن بلدة بتلون- #الشوف أمير بوادي أن يكون "بطل" مسلسل الموت الذي خطفه من بين أهله وأحبابه وهو في عزّ فرحته... رحل ابن الأربع سنوات ونصف السنة، وهو في أولى خطواته على الأرض، قبل أن يُكمل مشواره.
غفلة الموت
كان أمير عائلة بوادي يلعب أمام منزله بعد ظهر الاثنين الماضي، حين غافله الموت. ووفق ما قاله مختار بلدة بتلون غالب حسن لـ"النهار"، فإنّه "في اللحظة المشؤومة، كان الصغير خارجاً من منزل الجيران عندما صدف وجود سيارة يقودها سائقها الى الخلف. لم ينتبه الى الصغير، فدهسه ليقع غارقاً بدمائه. سارع راغد، والد أمير، فحمل فلذة كبده بين يديه وسارع مع السائق بنقله الى مستشفى عين وزين، حيث أعلن الاطباء مفارقته الحياة. عندها طلب راغد من السائق أن يذهب في حال سبيله، فما كان من الأخير إلا أن سلّم نفسه للقوى الأمنية".
"في موقف مشرّف يعجز اللسان عن وصفه، رفض راغد أن يرفع دعوى على السائق الذي تسبّب بمقتل ابنه، لا بل اطلع عائلته بداية أنّ أمير سقط عن السطح كي لا يثير غضب أفرادها، بعدها أطلعهم على ما حصل، رافضاً توقيف سائق السيارة، معتبراً أنّ الحادث قضاء وقدر"، قال المختار قبل ان يضيف: "قدّمت عائلة السائق واجب العزاء الى عائلة بوادي، وقد ووري أمير في الثرى أمس، حيث التحف تراب بلدته، وسط حزن عميق ألمّ بكل من عرفه"، لافتا الى أنّ "الطفل الذكي الممتلئ حيوية ونشاطاً رحل، تاركا والديه في حال من الصدمة. رحل قبل أن يكبر الى جانب شقيقه الصغير ويمشيا جنبا الى جنب في دروب الحياة. لا كلمات تعبّر عن هول المصاب. كل ما نتمناه الآن الرحمة للفقيد، وان يلهم الله والديه الصبر والسلوان".
لائحة تطول
أمير ضحية جديدة لحوادث السير التي تسببت في الفترة الأخيرة بخطف حياة العديد من الأطفال. ففي العاشر من الشهر الجاري، كان الموت بانتظار محمد علي زهرة الذي كان يسبح في حوض المياه في منزل جده، في بلدة المرج، حين قرر مغادرته فجأة والركض في اتجاه الشارع، فصدف مرور سيارة في المكان، صدمته ليقع على رأسه. نقل إلى المستشفى ليعلن بعدها الأطباء وفاته. وقبلها بيومين، كان الموت بانتظار الطفلة يارا قطيش في بلدة عنقون، حين كانت تسير مع والدتها على الطريق، وإذ بسيارة تمرّ في المكان تدهسها، لتلفظ أنفاسها الأخيرة، متأثرة بإصابتها. وقبلها رحلت الطفلة إسراء اسماعيل عندما كانت تلهو أمام بيتها في قرية البجعة – عين الذهب. وحين قررت اجتياز الشارع للتوجّه إلى منزل الجيران، دهستها سيارة لتفارق على إثرها الحياة. وفي الشهر الماضي كُتب على الطفل جواد العيدي (6 سنوات) أن يطبق عينيه إلى الأبد بعدما دهسه والده من طريق الخطأ بشاحنته "البيك آب". كذلك فارق ابن بلدة برقايل سمير عبيد (9 سنوات) الحياة عندما كان يلهو على دراجته الهوائية أمام منزله حين مرّ ابن الجيران مسرعاً بسيارته، لم يتنبّه له، فما كان منه إلا أن دهسه. وغيرهم ممن كُتب عليهم أن يلفظوا أنفاسهم وهم في بداية مشوارهم على الأرض.
ألم الفراق
كثيرون ممن عرفوا أميراً، نعوه على صفحاتهم في موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، حيث عبّروا عن وجعهم على فراقه منهم بسام حلاوي، الذي كتب: "أبكرت الرحيل يا أميري، يا صخب الحي وروحه، يا ضحكتنا يا أنسنا، صعب مروري بحي السنديانة دونك يا صديقي، من سيقطع لي الطريق، ويوقفني لأسلم عليه وأحادثه... كنت أعرف أن عمرك قصير وأرفض التصديق، لأني كنتُ أرى أن هذا الوعاء الصغير يحمل نفساً أكبر منه... وداعا يا صديقي أمير، فما عاد لي انا وجدك أمين، إلا صورك وصوتك وشقاوتك التي لا تنسى، ودموع أمك وأبيك وكل اهالي الحي وداعا يا صغيري يا أميري... واحرقتاه على تلك العيون وتلك الضحكة، وداعاً يا حبيبي".
النهار