2024-05-27 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

بانوراما الحراك.. الواقع الأردني والاعتداءات الصهيونية- ماذا بعد ؟!

بانوراما الحراك.. الواقع الأردني والاعتداءات الصهيونية ماذا بعد ؟!
جو 24 : كتب تامر خرمه

الصراع ضد قوى الفساد والاستبداد لا يمكن فصله بأي حال من الأحوال عن مواجهة المشروع الصهيوني الذي لا يستثني الأردن من أهدافه التوسعيّة.. هذا ما أعلنه نشطاء الحراك من خلال فعاليّات الجمعة التي شهدتها معظم المدن والمحافظات تنديدا بالاعتداء الصهيوني على سورية، وانتهاكات العدو للمدينة المقدّسة، وللمطالبة في ذات الوقت باجتثاث الفساد وتحقيق مبدأ "الشعب مصدر السلطات".

شعار توحّدت عليه الحراكات الشبابيّة والشعبيّة والقوى الحزبيّة دون أيّ تنسيق أو اتّفاق مسبق، ما يؤكد أن تلازم أبعاد الصراع في مواجهة قوى الفساد والاستبداد والمشروع الصهيوني يمثّل جوهر الخطاب الذي تستند إليه كافّة قوى الحراك، بصرف النظر عن منطلقاتها الفكريّة أو السياسيّة.

أمّا الاستثناء اللافت فقد تجسّد عبر غياب الحركة الاسلاميّة عن فعاليّات "الكالوتي"، فرغم تواجد الاسلاميّين بل وقيادتهم للفعاليّة الشعبيّة التي شهدتها مدينة اربد، إلا أن المشاركة في الفعاليّات الاحتجاجيّة التي شهدها محيط السفارة "الاسرائيليّة" اقتصرت على القوى القوميّة واليساريّة، فهل كان تباين المواقف من الأزمة السوريّة مبرّرا كافياّ لتغيّب الاسلاميين عن فعاليّات الكالوتي في ظلّ الاقتحام "الاسرائيلي" لساحة الأقصى واستمرار الانتهاكات التي تستهدف "أسرلة" القدس ؟!!

اتّحاد الشيوعيين قرّر التوجّه إلى محيط السفارة "الاسرائيلية" عوضاً عن ساحة "الحسيني"، في رسالة واضحة تهدف إلى تجسيد جوهر وطبيعة الصراع. كما نظّم نشطاء الحراك فعاليّتين في ذات المكان يوميّ الأربعاء والخميس، غير أن الاسلاميين آثروا النأي بأنفسهم عن المشاركة بتلك الفعاليّات، بل إن العاصمة عمان لم تشهد أيّة فعاليّة للحركة الاسلامية ردّا على الاعتداءات الصهيونيّة !!

ومن جهة أخرى فإن اللافت في المسيرة التي بادر نشطاء الحراك إلى تنظيمها باتّجاه السفارة "الاسرائيلية" مساء الأربعاء، هو سماح الأجهزة الأمنيّة للمشاركين بالوصول إلى منطقة لم يبلغها أحد قبل تلك الفعاليّة قرب مدخل السفارة، ولا يمكن لعنصر المباغتة -إن صحّ التعبير- أن يكون كافيا لوصول النشطاء إلى تلك النقطة، فعناصر الأمن المتواجدة في محيط السفارة لا تحتاج سوى لدقائق معدودة كيّ تمنع أي محاولة للاقتراب من مبنى "أولاد العمّ"، ولكن ما حصل -قبل استخدام القوّة لفضّ الفعاليّة- يثير علامات الاستفهام.

وعودة إلى فعاليّات الجمعة التي شهدتها البلاد من شمالها إلى جنوبها، فما كاد هتاف يطالب باجتثاث الفساد واستعادة السلطة للشعب، حتى يتبعه هتاف آخر يندّد بالاعتداءات "الاسرائيلية" ويطالب بطرد السفير وإغلاق سفارة الكيان، وهو المطلب الذي أجمع عليه أيضا -وللمرة الأولى- أعضاء المجلس النيابي الأردني، ولكن إلى أيّ مدى يمكن أن يصل النواب في تمسّكهم بهذا الموقف ؟!

خطابات المجلس النيابي -الذي منح الثقة لحكومة النسور في نهاية الأمر- اتّسمت بحدّتها وانطلاقها من الثوابت الوطنيّة والقوميّة، وقد ازدادت "سخونة" الشعارات النيابيّة حتى وصل الأمر بأعضاء البرلمان -بعد يأسهم من التوزير- إلى المطالبة بطرد السفير "الاسرائيلي" واستدعاء سفيرنا من الكيان.

ولكن ليس المطلوب هنا البحث عن الأسباب والمنطلقات الشخصيّة التي أوصلت أعضاء المجلس النيابي السابع عشر إلى إعلان هذا الموقف الوطني، بل لا يمكن تجاهل أهميّته وضرورة دعمه بكافّة الوسائل، وهنا تتجسّد أمام الحراكيّين مهمّة التنسيق والحوار بين مختلف القوى من جهة، وبينها وبين أعضاء البرلمان من جهة أخرى، من أجل دفع الموقف النيابي إلى أقصى مدى يمكن أن يصل إليه.

كما أن القلق بدأ يفرض استحقاقاته على الأردن الرسمي -المذعن لقرار واشنطن فيما يتعلّق بتواجد القوّات العسكريّة الأمريكيّة على الأراضي الأردنيّة- ومن المفترض أن يتزايد هذا القلق بعد الاعتداء الصهيوني على سوريّة، هذا في حال كان لدى النظام الأردني رغبة في البقاء، حيث أن الأطماع الصهيونية تبدو أكثر شراهة في ظلّ ما يجتاح المنطقة من تطوّرات خطيرة.

وهنا قد يجد بعض جهابذة نظريّة المؤامرة ما يحاولون استغلاله لتبرير مناهضتهم لأيّة خطوة من شأنها أن تقود إلى تغيير الوضع القائم أو حتى البدء بخطوات إصلاحيّة، بذريعة أن المرحلة لا تحتمل المفاجآت، بل قد يصل البعض إلى أبعد من ذلك ويطالب باستخدام القوّة المفرطة في مواجهة أيّة فعاليّة احتجاجيّة لأن الخطر الصهيوني يتربّص بنا، وهو ذات المنطق الذي تمسّك به بعض أطياف المعارضة لإعلان دعمهم لنظام الأسد، رغم أن بشاعة مذبحة بانياس التي ارتكبها هذا النظام مؤخرا لا تقلّ على الإطلاق عن فداحة الاعتداء الصهيوني على سورية !!

وقبل أن يبتهج أصحاب نظريّة المؤامرة لا بد من التذكير بأن السياسات التي يصرّ الأردن الرسمي على اقترافها هي التي تفتح الباب واسعا لتحقيق المشروع الصهيوني في المنطقة، كما فتحت الاجواء لطائرات الاستطلاع "الاسرائيلية"، ولا يمكن حماية الأردن من المخاطر المحدقة دون تفكيك بنية السلطة التي تغوّلت قوى الفساد والاستبداد في كافّة مفاصلها، وهو ما أدركه نشطاء الحراك الذين طالبوا في ذات الخطاب بمحاسبة الفاسدين وطرد السفير الصهيوني.
تابعو الأردن 24 على google news