2024-07-29 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

حجب المعلومات انتهاك لحقوق الصحفيين وحرية التعبير

حجب المعلومات انتهاك لحقوق الصحفيين وحرية التعبير
جو 24 :

التنصل من توفير المعلومات في وقتها، أو تأجيل الرد على استفسارات وأسئلة الصحافيين، وأحيانا الطلب منهم الاعتماد على الرواية الرسمية فقط من دون عرض رأي الأطراف الأخرى، وفي مرات ثانية إهمال اتصالات الصحافيين وعدم الرد عليها، إضافة إلى حجب المعلومة أو تقديمها مشوهة منقوصة، جميعها أشكال عديدة متجذرة في الأردن توصف بأنها "تعديات" على الحرية الإعلامية، وحرية الوصول إلى المعلومات.
ورغم صدور قانون حق الحصول على المعلومات واعتماده ودخوله حيز التنفيذ رسميا قبل ما يقارب الخمس سنوات، فإن سياسة حجب المعلومات واحتكارها، ما تزال تتربع على المشهد في الإعلام، بحسب خبراء، الذين تشمل انتقاداتهم القانون نفسه، وخصوصا ما يتعلق منه بآليات ضمان تدفق المعلومات.
ويرى المحامي المختص في قضايا المطبوعات والنشر محمد قطيشات أن "هناك حجبا للمعلومات على مستوى القرار الحكومي".
ويستند قطيشات في رأيه على أمثلة عديدة من بينها تعميم رئيس الوزراء السابق نادر الذهبي على موظفي الحكومة ائنذاك بضرورة عدم الإدلاء بأية معلومات عن شبهات تجاوزات مالية وإدارية مفترضة، في القطاع العام.
وانتقد المحامي قطيشات قانون حق الحصول على المعلومات، الذي اعتبره أحد الأمثلة على اخفاء المعلومات المقصود في المملكة.
ويعد حق الحصول على المعلومات وتدفقها، شرطا أساسيا لحرية الرأي والتعبير، وورد نص الحق في التعبير وإبداء الرأي في العديد من مواثيق وإعلانات حقوق الإنسان.
وتنص المادة (19) في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير (...) ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقييد بالحدود الجغرافية".
كما تضمنت الفقرة الثانية من المادة (19) في كلٍ من الإعلان العالمي والعهد الدولي تأكيد على حرية نشر وإرسال المعلومات إستناداً إلى كون حرية التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين وبأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود من العناصر المهمة للحق في التعبير.
ورغم أن الأصل أن يضمن قانون حق الحصول على المعلومات هذه الحقوق المنصوص عليها في العهود والاتفاقيات الدولية، إلا أن المحامي قطيشات يقول إن إجراءات وآليات القانون تعاني من "الروتين والبيروقراطية، وخصوصا قرار إنشاء مجلس المعلومات الذي يضم أمناء الوزارات كافة بحيث يقدم كل من يحتاج معلومات طلبات لهذه الغاية".
ويدافع قطيشات عن رأيه، عبر تقديم أمثلة متلاحقة. ويقول إن "قانون حماية وثائق وأسرار الدولة مانع لتدفق المعلومات لأنه يحظرها أساسا".
ويعزو ذلك إلى "موروث غير ديمقراطي موجود عند مالك المعلومة من الوزراء والموظفين (...) هذا الموروث مؤسس على قاعدة أن يد الحكومة على المعلومات مالكة وليست أمينة فقط، والأصل هو العكس فالحكومة يجب أن تكون أمينة على المعلومات وليست مالكة لها لأن المعلومات ملك الأفراد والمواطنين وليس الحكومة".
ويتسلل الحجب في المعلومات تدريجيا ليطاول القطاع الخاص، الذي بات هو الآخر يمارسه، بحسب رأي قطيشات، الذي يوضح أن "قانون حق الحصول على المعلومات لم يشمل في بنوده القطاع الخاص، مع أن عمله يؤثر على المصلحة العامة، وأبرز الأمثلة شركة الاتصالات وسلطة المياه بعد خصصتهما".
ومن القطاعين العام والخاص إلى القطاع الإعلامي ومنه يمتد حجب المعلومات إلى مؤسسات المجتمع المدني التي أصبحت هي الأخرى تمارسه، فضلا عن كونها تعاني "من الديكتاتورية ومن معاملة أصحاب الأموال"، تبعا لقطيشات.
ولا تظهر أي من هذه المؤسسات بشكل علني ما تقوم به من نشاطات في مختلف الأصعدة، بل وتصل إلى حد كتمان حجم موازنتها المالية، حسب قطيشات الذي أشار أن ذلك "أفرز قانون الجمعيات الخيرية الجديد، الذي يراقب هذه المؤسسات التي لا تعطي حتى المعلومات للممولين، وهي غير صادقة أحيانا ما جعل الممولين أحيانا يفرضون شروطا قبل منح التمويل".
ويؤيد طروحات قطيشات إلى حد كبير وزير التنمية السياسية السابق محمد العوران فيما يتعلق بحجب المعلومات الذي تمارسه مختلف الجهات في المملكة. بيد أن العوران يرى أن "المسألة حساسة جدا ودقيقة".
ورغم اتفاق العوران مع قطيشات على وجود "حجب للمعلومات"، إلا أنه يعتبر  أن "الغايات من ذلك يصعب تفسيرها لأن المرجعيات كثيرة جدا وروتينية وكلاسيكية ومن الممكن أن لا تكون مرتبطة بسياسة محددة".
ويستند العوران في شرحه على أن من يرغب "يستطيع الحصول على المعلومة من وسائل الإعلام بمختلف أشكالها المتعددة في العالم". ويتابع أن "المواطن لم يعد يعاني إذا أراد الحصول على المعلومة، فالمواطن في الأردن ذكي ويستطيع الحصول عليها".
ويؤكد العوران أن "المعلومة من حق المواطن، ويمكن له الحصول عليها من أي مؤسسة كانت ولا يجوز أن يكون هناك حجب للمعلومة".
واتخذ العوران كذلك قانوني حق الحصول على المعلومات وحماية وثائق الدولة، مثالين على أنها "عامل مساعد في حجب المعلومة، ونتمنى أن يكون الموضوع أسهل وأساسيا للمواطن".
ولا يذهب رئيس مركز حرية وحماية الصحفيين نضال منصور بعيدا عن آراء سابقيه في وجود حجب للمعلومات في المملكة، غير أنه أكد أن  قانون حق الحصول على المعلومات تحول إلى أحد أبرز معوقات تدفق المعلومات.
ويقول منصور "هناك حجب متكرر للمعلومات، وهناك معلومات منقوصة ليس فقط من الحكومة وأطراف مختلفة من السلطة، بل من قبل أحزاب ونقابات وقوى سياسية".
وأصبحت تلك الأطراف "في صراعاتها ضد بعضها البعض تخلق تشويشا عند المتلقي يصل إلى حد تشويه الصورة وإساءة السمعة، وقد تكون أكثر الطرق للابتزاز ليس فقط من قبل الحكومة بل من يملك المعلومات والتشهير بالآخر"، وفق منصور.
ويذكر منصور بأن "الحق في المعرفة والمعلومات حق أساسي للإعلامي لأنه وسيلة وقناة لتوصيل المعلومات، وهي ليست حكرا فقط على السلطة التنفيذية".
ولم يصل "قانون حق الحصول على المعلومات"، في رأي منصور، لهذه "الحقوق". ولكنه لا يختلف مع القول بأن الإعلام أيضا قد يمارس عنف المعلومات عندما يسيء استخدامها، ومن هنا فإنه يطالب الإعلام بأن "لا يسيء استخدام المعلومة".
ويدافع منصور عن مؤسسات المجتمع المدني قائلا "لا نعتقد أن الممولين هم أطراف ساذجين لأنهم ببساطة يطلبون من المؤسسات التي يمولوها معلومات كاملة عن النشاط الذي يرغبون في تنفيذه قبل الموافقة على تمويله".
ولا ينكر الناطق الإعلامي للمركز الوطني لحقوق الإنسان محمد الحلو أن ثمة "ضجة" أثيرت سابقا على قانون حق الحصول على المعلومات، لكنه يردها إلى "جهل المسؤولين بأن هناك قانونا أردنيا صدر ولا يتم توظيفه بشكل سليم".
ويرى الحلو أن "نقص الثقافة حول الحق في الحصول على المعلومات يترتب عليه ما يسميه البعض بعنف المعلومات أو عدم الحصول عليها بشكلها الصحيح للمواطن والاعلام، رغم أن العلاقة تكاملية تربط بين المواطن والحكومة والإعلام معا في حق الحصول على المعلومة".
وبهدف مواجهة العقبات التي تحول دون تدفق المعلومات بالشكل المطلوب، لا بد من "وجوب توعية المواطن والإعلام والمسؤولين، على حد سواء، بأن هناك قانونا للحصول على المعلومات، كما يجب تعريف المواطن بحقه في كيفية الحصول على المعلومة، ومعرفة الرجل المسؤول عن حق الأفراد في الحصول على المعلومة وإعطائهم المعلومة التي يطلبونها،" حسب الحلو.
ويطالب المحامي قطيشات الحكومة بتعديل  قانون حق الحصول على المعلومات، في مواجهة العقبات، لكن هذا الأمر يتطلب في رأيه "إيقاف العمل بالقوانين السرية" معتبرا أن على "الحكومة تقديم المعلومات من دون طلب لمجلس المعلومات".
ويدعو قطيشات بـ"إلغاء البيروقراطية من الجهات التي تمنح المعلومة"، فضلا عن "منح المواطنين حق الطعن في حال لم تكن المعلومة مقنعة لهم"، إلى جانب اعتماد "تصنيف إداري لدى الجهات المالكة يسمح بتوثيق المعلومات".
وفي ذات الإطار، يشدد العوران على ضرورة "ترجمة التشريعات والقوانين بحيث لا يكون فيها أي حجب، ولا يكون فيها أي خوف، إذ أنه لا مبرر لحجب المعلومات والواجب أن نكون شفافين وواضحين للمواطن".
وفي ذلك الأمر قال وزير الدولة السابق لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة سميح المعايطة، في تصريحات له، ان مشروع القانون المعدل لضمان حق الحصول على المعلومات جاء استجابة لطلبات من الجهات الإعلامية ومؤسسات المجتمع المدني بأن تضمن حق الحصول على المعلومات للأردني ولغير الأردني في الحصول على المعلومات.
كما جاء وفق المعايطة ترجمة للاستراتيجية الإعلامية فهو جزء منها، باعتبار أنها تهدف الى تعزيز الحريات الصحفية وتمكين الصحفيين والإعلاميين وطالبي المعلومات والباحثين من الوصول الى المعلومة بسهولة ويسر.

أعدّ لبرنامج الاعلام و حقوق الانسان
مركز حماية و حرية الصحفيين

تابعو الأردن 24 على google news