المغنون اللبنانيون في سورية: رقص فوق الجثث
جو 24 :
آلاف التغريدات نُشرت وهي تُهلل لعودة المغنية اللبنانية نجوى كرم إلى سورية، بعد انقطاع دام لسنوات. إذْ كانت ترفض خلال فترة الثورة والحرب الذهاب إلى سورية، أو الإعلان عن موقفٍ سياسي واضح، مما يجري سياسيًا وعسكريًا على الأراضي السورية. والمعروف أن نجوى كرم كانت طوال السنوات الماضية، تؤيد نظام بشار الأسد. لكن صمتها الطويل تجاه ما يجري، يبدو أنه لم يعد يستطيع الصمود أكثر. فدخلت كرم يوم الأربعاء الماضي إلى سورية، وغنت في وادي النصارى، فيما احتشد الجمهور من كافة المحافظات السورية لملاقاة كرم، ومحاولة التقاط الصور إلى جانبها.
تصدُّر هاشتاغ "كرم وسورية" على مواقع التواصل الاجتماعي، يطرح مجدداً علامات استفهام وأسئلة حول علاقة الفنان اللبناني بالنظام السوري عمومًا، وعدم رفض المغني اللبناني عروض الحفلات، بعدما أشاع النظام عبر وسائل إعلامه، أن الحرب انتهت، ودعمه متعهدي تنظيم الحفلات، من أجل دعوة الفنانين العرب إلى سورية، في سياق عملية التطبيع معه.
بلغ مجموع حفلات الفنانين القادمين من لبنان في سورية حوالي ست حفلات هذا الموسم. فاجتمع عاصي الحلاني ونجوى كرم وملحم زين ومايا دياب وناصيف زيتون، إضافة إلى حسين الديك ومجموعة من الفنانين السوريين. وحاول البعض الهروب من الأسئلة السياسيّة الواضحة، في وقت لم يوفر فيه رواد مواقع التواصل الاجتماعي جهودهم من أجل الهجوم على الفنانين الذي يذهبون إلى سورية للغناء برعاية النظام، على الرغم من الأوضاع المأساوية التي يعيشها جزء كبير من الشعب السوري، وفي ظل عدم الاستقرار الأمني والاقتصادي. لكن يبدو أن هؤلاء الفنانين لا يهتمّون إلا بالمصالح الضيقة، بعيداً عن المأساة التي تعيشها سورية، خصوصاً في ظلّ استمرار عمليات القصف على الناس، وتحديدا في مناطق الشمال السوري.
وبالعودة إلى حفل المغنية نجوى كرم في منطقة وادي النصارى، بدا واضحًا المستوى الضعيف الذي أظهر صاحبة "أنا مين". ورغم الحضور الكثيف، غنّت نجوى كرم مع عشرة عازفين. وتساءل متابعون عن سبب تقلص أفراد فرقتها الموسيقية الذي يصل إلى 27 عازفًا عادة. وكتب بعض الناشطين بسخريّة على موقع تويتر، بأن عدد رجال المخابرات السورية الذين تواجدوا أمام المسرح، يفوق عدد العازفين. والواضح أيضاً أن الهدف لم يكن فنيًا، بل تحايلٌ على الناس والإعلام، من أجل القول إن سورية بخير في ظل نظامها القائم على الحرب وإبادة الشعب.
قبل أشهر، بدأت عمليَّة تنظيم الحفلات في دمشق. الفنان مروان خوري كان أول المرحّبين، وأحيا، في شباط/ فبراير الماضي، حفلتين في قلعة دمشق، ونال قسطًا وافراً من الانتقادات، بسبب غنائه بدعم من مؤسسات ومتعهدين يتبعون النظام. لكن خوري لم يأبه بالانتقادات، وبرر ذلك بأنه لم يصرح بأي موقف سياسي طوال فترة الحرب في سورية، وأنه حضر إلى دمشق للغناء لسورية ولجمهوره هناك. وأحيا فارس كرم أيضاً حفلاً قبل أسبوعين في دمشق. لكنه تهرَّب هذه المرة من التصريحات السياسية المساندة للنظام، بعدما قال في حفل سابق في معرض دمشق الدولي، إنّ النظام انتصر على ما سمّاه بالإرهاب، موجّهاً تحياته لرأس النظام السوري. حصد كرم مزيداً من الانتقادات على المواقع البديلة، وكتب البعض أنّه غنى على دماء الشهداء من الأطفال والعائلات السورية. والمعروف أيضاً أن المغني أيمن زبيب من أوائل الذين انطلقوا في سورية ومنها إلى لبنان، قبل مشاركته في برنامج "استديو الفن".
الواضح، هو أنّ المغنين اللبنانيين لا يدركون حجم ومأساة الحرب في سورية، إضافة إلى إجرام النظام. الذهاب للغناء في سورية، هو تطبيع مع النظام وإهمال للجرائم الهائلة التي ارتكبها بحقّ الشعب السوري.العربي الجديد