jo24_banner
jo24_banner

قصة طفل نجا من فكي كماشة التوحّد

قصة طفل نجا من فكي كماشة التوحّد
جو 24 :

بعد رحلة معاناة ثقيلة، وسلسلة فحوصات طويلة، هداها آخر طبيب زارته إلى ضالتها، قصدت المكان ووصلت منهكة تحمل همومًا تتدفق كدم الجرح المفتوح.

فلذة كبدي، ابني حبيبي، تصرخ أم الطفل وهي تتسلق ببصرها إلى السماء، يا رب، يا رب، قبل أن تهدأ قليلا وتحاول البوح بعبارات مخنوقة عن مرض الطفل، ونظرات عينيها تقول : هل ستخلصون طفلي من بين فكي كماشة التوحد؟ هل فعلا سينتصر طفلي ويهزم شبحًا يحاول خطفه وعزله عن العالم؟

هي معركة إذًا، تتعلق بصحة وحياة البراءة، والخصم فيها شرس، هنا يتدخل المعنيون بترسانة علمية وصحية، نعم سينتصر، وسترينه قريبًا طفلًا متمردًا شاردًا من معقل التوحد، قالوا لأم الطفل، بعد أن غسلوا ألمها بكوثر إنسانيتهم.

في معهد العناية بصحة الأسرة، مؤسسة الملك الحسين، أرخت الأم أعصابها، بعد جرعات طمأنينة حقنها فريق مختص هناك، بدأت الحديث وأسهبت في شرح أدق التفاصيل عن وضع الطفل الصحي، والكل آذان مصغية.

طفلي مصاب بالتوحد، تقول الأم، هكذا شخّص حالته الأطباء، عانيت كثيرًا لأنه لا ينطق بكلمة، وعنيد، وعنده فرط حركة، نصحني آخر طبيب زرته أن أذهب إلى معهد العناية بصحة الأسرة.

تحرك الفريق المختص في المعهد، وبدأت الإجراءات العملية لإنقاذ الطفل منذ اللحظة الأولى، بناء على القدرة العقلية له، واتفق الفريق مع الأهل على الطريقة والأسلوب التعليمي التربوي المستخدم.

كانت جلسات الطفل فردية بطريقة مكثفة للتقليل من سلوكات التوحد، وزيادة تعلق الطفل بالأهل، وتنمية مهارات التواصل والتركيز والتفاعل مع الآخرين، وفي كل ذلك يلعب الأهل دورًا كبيرًا.

ومن خلال أنشطة خاصة ركز أخصائيو المعهد على تنمية مهارات الطفل، عبر برنامج يتضمن الأهداف التربوية والتعليمية، لتطوير مهارات التواصل الاجتماعي، ومساعدة الأهل في تطوير مهارات الطفل بالتعاون مع الأخصائيين.

وحدد فريق المعهد ثلاث جلسات، وزعها على بداية الأسبوع ومنتصفه ونهايته، ثم استخدم أساليب تعديل السلوك، كالتعزيز عند الاستجابة الصحيحة، أو تعديل سلوك غير مرغوب فيه.

وبعد كل جلسة يطلب المعهد من الأهل التركيز على اللغة الاستقبالية، وأن تكون اللغة المستخدمة مع الطفل بسيطة وواضحة، لتخزين أكبر قدر ممكن من المفردات في ذاكرته، لتُعمم بعد ذلك وتُستعمل كلغة منطوقة موظفة في مكانها الصحيح.

بعد ذلك بدأت مرحلة تطابق الصور، واستخدام البرنامج الإدراكي الذي يتضمن التدريب على أكثر من مجال (مهارات ما قبل المدرسة)، ثم مرحلة البرنامج الأكاديمي الذي يهيئ الطفل لعملية الدمج بعد زيادة التواصل والتركيز والمهارات الاجتماعية، وزيادة الثقة بالنفس إضافة إلى اللغة.

هي قصة حية مختصرة لقهر التوحّد، قادها فريق مختص بعلمية وخبرة وإنسانية، وأعاد الحياة الطبيعية لطفل في عمر الورد، ليكون بعد برنامج طويل شخصية مختلفة، تحدثت عنها والدته التي واكبت مراحل العلاج، وجعلها المعهد شريكًا في كل خطوة.

لقد أصبح الحلم حقيقة، عاشتها الأم وطفلها، وبفرحة واسعة، جادت قريحة الأم بكلمات شكر للمعهد، الذي دخلته مهمومة، وخرجت منه بسعادة لا تسعها الدنيا.

وقالت والدة الطفل : كلمات الشكر بكل لغات أهل الأرض، قليلة في حق فريق عمل مع إبني بإخلاص، وخلال فترة قصيرة رأيت نتيجة مختلفة 180 درجة عما كانت عليه حالته في الماضي، كان بشخصية وأصبح بأخرى أردتها وكانت أمنيتي.

وأضافت الأم خلال حديثها الطويل، أصبح إبني يكرر الكلام الذي يسمعه وهو يدركه، وكل الناس المحيطين بي لاحظوا الاختلاف.

فرحة الأمة بطفلها لا تقل ولا تختلف أبدًا عن فرحة المعهد، الذي حمل ومنذ انطلاقته رسالة إنسانية، ترجمها إلى واقع مشهود، من خلال خدماته الشاملة المتكاملة، التي يسعى جاهدًا إلى إيصالها إلى محتاجيها، في عياداته المنتشرة في العاصمة والمحافظات، أو الأخرى الموجودة بمخيمات اللاجئين، أو عبر سلسلة طويلة من أيام طبية وحملات صحية ينظمها على مدار العام، في مختلف مناطق الوطن الحبيب.
 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير