لامبارد… أسطورة أيها البدين!
كانت جلسة أخرى جمعتني مع صديقي الانكليزي “لي”… كانت عادتنا ان ننهي أعمالنا ودراستنا في مدينة لندن المزدحمة لنخطف ساعتين نتناقش خلالهما عن أحوال الكرة الانكليزية… كان هذا في منتصف التسعينات عندما شهدت اللعبة نقطة تحول مهمة، بالانتقال من الدرجة الاولى الى الدرجة الممتازة، او البريميرليغ (عرفت باسم بريميرشب في البداية)… كانت حركة انتقالات اللاعبين تسحرنا، خصوصاً مع فتح باب قدوم أفواج من النجوم الاجانب، فبتنا نرى بريق الاسماء اللامعة تلعب لفرقنا… كنا نناقشهم ونتابعهم ونضع الخطط المناسبة لهم في عقولنا وأيضاً في لعبة “تشامبيونشب ماناجر” (التي أصبحت تعرف اليوم بفوتبول ماناجر)… وفي احدى الجلسات ليلة يوم اثنين في 1996، كنا نشاهد وستهام وهو يلعب، ويقدم كرة جميلة، وكان يعطي فرصة لعدد من الصغار والواعدين، فبينهم كان يتألق ريو فيردناند ومايكل كاريك وجو كول وجيرمين ديفو ولاعب زائد الوزن اسمه فرانك لامبارد… قلت لصديقي لي ان لامبارد لن يستمر طويلاً في الملاعب لانه بدين، فرد: أعتقد العكس، فأنا رأيته يلعب لمنتخب انكلترا للشباب وكانت لمساته وفنياته تطغى على الجميع… كان الجدل يحتدم بيننا الى ان وصلنا الى قناعة ان زوج خالته هاري ريدناب الذي كان مدرباً لوستهام حينها، ومعه والده فرانك لامبارد سينيور، الذي كان مساعداً لريدناب، سيحميان لامبارد جونيور، وسيقودانه الى بر الأمان، رغم ان قناعتي كانت ان وزنه الزائد لن يسعفه، مثلما لاحظت عليه انه دائماً يكون بحاجة الى لمسة اضافية كي يسيطر على الكرة ويمررها او يسددها، وهذا لا يعكس انه سيكون له مستقبل باهر.
لكن بعد سبعة عشر عاماً، تيقنت كم كنت مخطئاً، وطبعاً أيقنت ذلك قبلها بسنوات، وربما تعلمت من متابعة مسيرة فرانك لامبارد نوعيات اللاعبين المختلفة، فلاعب مثله لا يهم السن ولا الوزن ما دامت لديه عين ثاقبة على المرمى وتوقيت رائع في التحرك والاختراق وتمركز صحيح لأوضاع التسجيل، فهذه لا تتغير مع التقادم السني ولا مع زيادة الوزن او نقصانه، وفي رأيي كان وما زال أفضل من يفعلها.
فهل تفاجأت بتحطيمه الرقم القياسي في عدد الاهداف في تاريخ تشلسي؟ نعم بكل تأكيد، فكم شخص بيننا يتخيل ان لاعب وسط سيسجل 203 أهداف في مسيرته؟ والأهم كم منا توقع ان يسجل ابن الرابعة والثلاثين هذا الموسم 15 هدفاً، وهو المهدد بالرحيل وبالجلوس احتياطياً، والغريب انه سجل أهدافه الـ15 من 20 بداية أساسياً، حتى ان عدد الاهداف هذا هو ثالث افضل مجموع له في مسيرته مع تشلسي بعد موسم 2005-2006 عندما كان جوزيه مورينيو يدربه، وأيضاً بعد موسم 2009-2010 مع أنشيلوتي.
وتيقنت ان هذا الاسطورة البدين هو رجل رائع وانسان خلوق، عندما التقيته في 2004 في “ستامفورد بريدج” وسجلت معه حواراً لمجلة “سوبر”، تذكرته في كل مرة كان يقترب فيه الى تحطيم رقم بوبي تامبلينغ الصامد منذ 1970، ولا أخفي أنني كنت أتفاجأ في كل مرة أرى فيها لامبارد يحمل لقباً، فهو أحرز بطولة الدوري 3 مرات وكأس انكلترا 4 مرات وكأس المحترفين مرتين ودوري أبطال اوروبا الموسم الماضي، عدا عن العشرات من الألقاب الشخصية، وفي كل مرة كنت أقول في داخلي “أسطورة… والله انك أسطورة أيها البدين”.