د. عصفور: الفنان الأردني حاور الأساليب العالمية في إطار سعيه إلى تشكيل الذات والهوية
اختتمت الزيارة العلمية لطلبة الفنون في الجامعة الأردنية إلى أكاديمية الفنون بروما بمحاضرة ألقاها الدكتور مازن عصفور باللغة الايطالية حول الفن الأردني وخصوصياته الجمالية والثقافية.
واستهل عصفور محاضرته التي حضرها نخبة من الأساتذة والباحثين والطلبة الايطاليين باستعراض موجز لمسيرة الفن الأردني المعاصر بما في ذلك إسهامات رواده الأوائل الذين أرسوا قواعد الحركة الفنية الأردنية في العقود الماضية مسلطاً الضوء بشكل مركز مع الإسهامات التي بدأت معها بلورة ملامح الفن الأردني المعاصر من منتصف الستينات حين أسهم التمازج الأسلوبي الخصب للتجارب المحلية الرائدة التي قدمها الدارسون الأردنيون الوافدون من المعاهد العربية والأوروبية ’ فانصهرت هذه الرؤى والتجارب جميعها في تشكيل النكهة الخاصة للفن الأردني المعاصر .
وقال عصفور: "إن الفنان الأردني ورغم قسوة الصراع الثقافي والسياسي بفعل التجزئة الاستعمارية التي عصفت بالأمة العربية في تلك الفترة حيث كانت التيارات الحداثية الغربية هي الغالبة بفعل مركزية الثقافية الغربية ، إلا أن الفنان الأردني استثمر ذلك الاحتكاك بالثقافات الفنية العالمية السائدة في محاولاته لتأصيل الذات والهوية إما عن طريق الدمج بين الفضاءات النهضوية والحداثية الغربية بمضامين ودلالات تنبع من الشرق العربي الوفير بمفرداته الفنية التي لا تنضب والتي لا زال الغرب يستلهم منها في وقتنا الراهن لمعالجة أزمة نضوب المفردات الفنية لديه و التي يعايشها حاليا الفن الغربي في الألفية الثالثة .
وعرض عصفور ومن خلال بالشرائح المصورة لأعمال بعض من الفنانين الأردنيين عبر الأجيال المختلفة ، بأن توظيف الفنان العربي والأردني المفردات البصرية للمكان المحلي والحرف العربي ودلالات الشرق العربي ورموزه وأساطيره بات هاجسا ملحا في سعيه للتجذر الثقافي وتشكيل الذات والهوية وإحياء الموروث دون تقوقعه في الأطر الإقليمية المحلية المغلقة بل سعى الى فتح الموروث نحو أفاقه العالمية .
وأشار عصفور الى خصوصية "للمكان" المحلي العربي الذي وجد فيه الفنان العربي والأردني بصورة خاصة نافذة رحبة في توليد مفرداته الفنية التي عبر من خلالها عن عواطفه الجمالية والإنسانية خاصة بعد شكلت مسالة الوطن "المكان" الفلسطيني المسلوب هما ملحا للإنسان العربي لا مفر من التماس معه، لافة في الوقت ذاته الى أن خامات المكان والطبيعة العربية والشرقية وبتنوعاتها المختلفة قد أسهمت في أثراء التجربة للفنان الأردني وأسهمت أيضا في تحقيق التوازن بين محاكاة الرؤى والأساليب العالمية وبين ضرورات التجذر بالموروث والهوية العربية والمحلية هذا وقد تنوعت تساؤلات الجمهور الايطالي من الطلبة والأساتذة والباحثين الايطاليين حول مسائل نضوب المفردات الفنية التي يعاني منها الغرب وأثرها على فنون الشرق وخاصة العربي الذي لم تنفذ مفرداته البصرية كما يصر الباحثون الايطاليون أنفسهم
وأكد أن الفنان العربي الأردني يعي قيمتة مكنوزه من التراث ومفرداته الجمالية ولكن إيمانه بالاحتكاك الثقافي ودوره الخصب في إثراء التجربة جعله يحاور التجارب والأساليب لتشكيل ذاته الفنية .
وفي ختام المحاضرة قدم د .عصفور عرضا موجزا لتجربة الفنان الأردني الرائد مهنا الدرة والذي كان من أوائل الخريجين العرب الذين درسوا في أكاديمية الفنون الجميلة بروما عام 1958 والتي يزورها الطلبة الأردنيون حاليا . وبوصفه رائد الحداثة في الفن الأردني المعاصر والذي البسها لباسا عربيا وشرقيا سواء في وجوه العربية أو المكان دون الانسلاخ عن لغة الفن بوصفها لغة فنية عالمية .
يذكر آن الزيارة العلمية التي قام بها طلبة الفنون بالجامعة الأردنية بدعوة من أكاديمية الفنون بروما خلال الفترة الواقعة ما بين 3/12أيار 2013 قد اختتمت فعالياتها بتسليم شهادات حضور ورشات العمل المقررة والتي ابرز خلالها طلبة كلية الفنون والتصميم في الجامعة الأردنية إمكاناتهم المبشرة والواعدة في حقول الفنون الجميلة المختلفة واستعداداتهم التقنية والأسلوبية إمام زملائهم الطلبة الايطاليين المشاركين في الو رشات المذكورة، وتأتي هذه الزيارة العلمية تتويجا لمساعي الجامعة الأردنية لفتح أفاق التواصل الثقافي المفتوح للطلبة من ما يسهم بنبذ ثقافة العنف الجامعي عبر إشغال الطلبة بالتواصل مع أفاق الإبداع والتعبير عن ذاتهم ،وأشرف على الزيارة العلمية الدكتور مازن عصفور وبمساعدة كل من المحاضرين فؤاد خصاونة وآلاء النوتي و بتريشيا بوسيني.