يصاب شخصٌ من 4 باضطرابات في حياته، كيف تتعاطى الجهات الضامنة مع الصحة النفسية؟
يصاب شخص من أربعة باضطرابات نفسية خلال حياته. على الرغم من ارتفاع معدلات الإصابة بها، ورغم أنها تشكل عبئاً كبيراً على المجتمع، لا تشكل الصحة النفسية أولوية في الأنظمة الصحية للدول، وحتى المتطورة منها، مما يزيد من الأعباء على الافراد وعلى المجتمع ككل، في لبنان كما في باقي الدول. بحسب رئيس البرنامج الوطني للصحة النفسية في وزارة الصحة الدكتور ربيع شمّاعي تتكثف جهود الوزارة اليوم في هذا الاتجاه في سبيل إعادة هيكلة النظام الصحي النفسي، وثمة خطوات جدية قد تمت في هذا الإطار.
يبدو واضحاً أن عدم وجود نظام صحي يضع الصحة النفسية ضمن أولوياته له تداعيات كبرى وأعباء ثقيلة على الأفراد والمجتمع ككل، مما يزيد من أعباء الاضطرابات النفسية عليهم. يؤكد الدكتور شمّاعي على أن وزارة الصحة العامة قد اتخذت خطوات عديدة جدية في هذا الإطار. "انطلقت الوزارة بالبرنامج الوطني للصحة النفسية في عام 2014 بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية واليونيسف. ثم في عام 2015 أطلقت استراتيجية الصحة النفسية الهادفة إلى إعادة هيكلة النظام الصحي النفسي وتأمين خدمات بمستوى جيد للأفراد في المناطق التي يقيمون فيها. وهذا ما يعمل عليه بشكل جدي فيما أجري تقويم مستقل في العام الماضي وقد أُنجز جزء كبير من الخطة الموضوعة".
ويشدد الدكتور شمّاعي على أهمية الحرص في نقل الإعلام لهذه المواضيع التي تعنى بالصحة النفسية بطريقة مسؤولة ودقيقة مما دفع الوزارة إلى تحضير دليل شامل توجيهي للإعلاميين حول كيفية التطرق إلى هذه الأمور. كما يوضح أنه لا يتوافر نظام رصد يؤكد معدلات الانتحار، لكن شخصاً يقدم على الانتحار بمعدل كل يومين ونصف اليوم تقريباً ما يعتبره ضمن المعدلات العادية فلا تعتبر من الأرقام العالية. فيما يشير إلى أن الانتحار موجود في مختلف المراحل العمرية لكن لكل مرحلة أسبابها كما يظهر الواقع، فالأسباب التي تدفع مسن إلى الانتحار تختلف عن تلك الموجودة بين الشباب. كما لا ينكر أنه في الصحة النفسية تزيد الممارسات التي تخرج عن الإطار الأخلاقي والإنساني فتدخل حيّز "المتاجرة بالمريض" لكن ثمة حرص وتشديد على معايير معينة في الخدمات التي تقدّم للمريض في هذا الإطار استناداً إلى إرشادات منظمة الصحة العالمية، إضافة إلى القانون الذي وجد لتنظيم مزاولة الطب النفسي. "ولا يخفى على أحد أنه يمكن لأي كان أن يقدم على رفع دعوى ضد طبيب عند الحاجة".
الجهات الضامنة تزيد العبء
يغطي الضمان الصحي تكاليف الأدوية والمعاينة أحياناً، إلا أن شركات التأمين في معظمها لا تغطي الحالات التي ترتبط بالاضطرابات النفسية بحسب الدكتور شمّاعي، وإن كانت الأمور تختلف بحسب أنظمة الشركة. لكن تعمل الوزارة جدياً اليوم على التنسيق مع هذه الشركات لتصبح الصحة النفسية معنية في مجال تغطيتها، انطلاقاً من مبدأ أن التكاليف المترتبة على الحالات في حال عدم تغطيتها هي أعلى من تلك الناتجة من التغطية في المراحل الأولى.