jo24_banner
jo24_banner

«جنيف 2» وفسيفساء المعارضة السورية

عريب الرنتاوي
جو 24 :

ينص ميثاق الائتلاف الوطني السوري المعارض على رفض الحوار أو التفاوض مع النظام السوري، وهو يضع تنحي الأسد في منزلة “الشرط المسبق” لأي “تفاوض” مع النظام..أما هدف “التفاوض”ووظيفته، فهما في عرف الائتلاف، مقتصرين على ترتيبات رحيل الأسد ونظامه، وتسليم وتسلم مقاليد السلطة، لا أكثر ولا أقل.

ما الذي سيفعله الائتلاف بخصوص “مؤتمر جنيف 2” الذي يجري الإعداد له على قدم وساق، وبمشاركة النظام السوري، ومن دون رحيل أو تنحي الأسد؟..هل سيعمل الائتلاف بما يمليه عليه ميثاقه ويقاطع المؤتمر وينفرد (مع النصرة) في التصدي للمبادرة الروسية – الأمريكية، أم أنه سيلعق ما جاء في ميثاقه، ويكون بذلك قد أسس لسابقة في تاريخ “المعارضات” و”الثورات”، لجهة “أسرع انقلاب” على هذه “المواثيق”.

سيذهب الائتلاف إلى مؤتمر “جنيف 2” إن اكتملت شروط التئامه..هذا لا أمر لا شك فيه على أية حال، وثمة ما يشي بأن الرسائل الواضحة والقاطعة قد بلغت مكونات الائتلاف ما أن غادر جون كيري أرض موسكو، وهي أبلغت بلسان عربي “غير مبين”، بأن عليها حزم حقائبها للالتحاق بقطار التحرك الأمريكي – الروسي، قبل أن يفوت الأوان.

ثمة “صقور” في الائتلاف، سرعان ما انقلبوا أو سينقلبون إلى “حمائم”، وثمة “صقور” ما زالوا بانتظار الضوء الأخضر من “مرجعياتهم” السياسية والأمنية في العواصم التي يتبعونها، ويدينون لها بآيات الطاعة والولاء والتمويل و”اليد العليا”..لكن ثمة من المعلومات ما يؤكد أن المشاورات لتشكيل وفد الائتلاف إلى “جنيف 2”، أو بالأحرى، أكثر المشاورات جدية، لا يقوم بها قادة الائتلاف أنفسهم، ولن تنتظر حتى الثالث والعشرين من الشهر الجاري حين يجتمعهم في اسطنبول، بل تجري بين سفراء (مندوبي) فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة إلى المعارضة، بالتشاور مع الاستخبارات التركية والقطرية والسعودية.

لكن مشكلة الائتلاف لا تتوقف عند هذا الحد..فهو منقسم على نفسه ابتداءً، وسيكون بحاجة لوسطاء نافذين، لكي يختار فريقه المفاوض..ثم أن الائتلاف، وبرغم الاعتراف العربي والدولي به، ممثلاً أو محاوراً رئيسا، سيواجه مشكلة “المراكز الأخرى” في المعارضة، من نوع هيئة التنسيق والمنبر (القطب) الديمقراطي وتيار بناء الدولة، وجميعها أطياف يتعين تمثيلها في المؤتمر، وثمة ما يسمح بالاعتقاد بأنها ستكون حاضرة في عاصمة الجبن والشوكولا والساعات الفاخرة و”السرية المصرفية”.

وبفرض نجاح الائتلاف في اتخار قرار المشاركة، وفي اختيار ممثليه إلى مؤتمر جنيف، وفي تشكيل وفد “إئتلافي” مع بقية أطياف المعارضة السورية السياسية، فإنه سيكون قد قطع ربع المسافة التي تفصله عن جنيف..فهناك المعارضات المسلحة التي يتعين إقناعها أولا بوقف إطلاق النار، وثانياُ بالانخراط في الوفد المعارض إلى “جنيف 2”، وهنا يدور الحديث عن 1200 كتيبة مسلحة، في سوريا لا يتبع معظمها، ولا أشدها ضراوة في القتال، للمجلس العسكري بقيادة سليم إدريس، ولا لقيادة الجيش السوري الحر..من سيقنع هؤلاء بالانخراط في العملية التفاوضية تحت مظلة المبادرة الروسية – السورية، وكيف سيمثلون، ومن سيمثلهم؟.

والأهم من كل هذا وذاك، وفي ضوء إجماع التقارير الإقليمية والدولية على “الدور المحوري” لجبهة النصرة والتيارات الجهادية في ميادين القتال في سوريا، التي ترفض التفاوض ولا أحد يريد أن يتفاوض معها، فإن السؤال حول قدرة فريق التفاوض المعارض، على الوفاء بالتزاماته وتعهداته، يبقى سؤالاً جوهرياً.

في موسكو، اتفق كيري ولافروف على أن يقوم كل فريق بإقناع حلفائه السوريين والضغط عليهم للمشاركة في المؤتمر وإنجاح مسار “جنيف 2”..موسكو أعلنت أن النظام في دمشق، أبلغها بأسماء الفريق الحكومي المفاوض، لتنتقل الكرة الآن، إلى ملعب واشنطن وحلفائها، لإقناع “المعارضات” بالمشاركة أولاً، وخلق توافق فيما بينها على تشكيل وفد ذي صدقية، قادر على النطق باسمها ثانياً، وضمان التزام فرقائها بما سيتقرر في جنيف ثالثاً، والطريف أن دبلوماسياً غربياً سبق وأن قال بأن “تشكيل وفد مشترك للمعارضة” بحاجة لتوافق عشر دول إقليمية وعالمية على أقل تقدير، لأن كل عاصمة من عواصم هذه الدول، لديه “ذراع” في إخطبوط المعارضات السورية متعدد الأذرع والأرجل والأطراف.

كيف سينعكس هذا “التشظي” في وضع المعارضة السورية على جهود “الحل السياسي” للأزمة السورية، وكيف سيؤثر على مسارات التفاوض وما بعده؟..سؤال برسم المجهول.
الدستور

تابعو الأردن 24 على google news