رئيس وزراء فلسطين: اتفقنا مع الأُردن على تغذية الضفة والقطاع بالكهرباء
- بالرغم من اكتظاظ برنامجه باللقاءات وفق المواعيد المسبقة على أجندة زيارة الدولة لجمهورية مصر العربية التي ترأس فيها وفدًا وزاريًا كبيرًا في زيارةٍ هي الأُولى من نوعها التي تقوم فيها حكومة فلسطينية بزيارة دولةٍ لدولة منذ قيام السلطة عام 1993 من القرن الماضي، لم يتردد رجل الدولة الوحدوي والخبير الاقتصادي رئيس الوزراء محمد اشتية في الاستجابة لطلبنا بإجراء هذا اللقاء الشامل الذي حدد فيه ملامح المرحلة المقبلة وخيارات دولة فلسطين في مواجهة الحروب السياسية والاقتصادية والمالية التي تتعرض لها بهدف ابتزازها والانتقاص من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتأكيده رؤية الحكومة بالانفكاك الاستراتيجي عن إسرائيل بزيادة التعاون الاقتصادي مع العمق العربي، مثلما يرى ضرورة الاحتكام إلى صناديق الاقتراع لإنهاء الانقسام ومواجهة التحديات الجسام، باعتبار أن هذا الخيار هو البوابة للتحول الديمقراطي وصولاً إلى الاستقلال الوطني.
فقد أكد اشتية عزم حكومته على تحقيق الاستقلال الاقتصادي والانفكاك من التبعية الإسرائيلية بالتوجه إلى العمق العربي، مشيراً إلى أن زيارته للأردن والعراق ومصر تصب في هذا الاتجاه.
وقال اشتية إن زياراته الخارجية حققت نتائج طيبة، سواء في الأردن أو العراق أو مصر، "حيث اتفقنا مع الأشقاء في الأردن على أُمورٍ كثيرة، من بينها زيادة إمدادنا بالكهرباء من 35 ميغا إلى 160 ميغا، كما اتفقنا مع الأشقاء في العراق على استيراد كل احتياجاتنا من البترول عبر الأردن، فيما كانت زيارتنا لجمهورية مصر العربية ناجحة ومثمرة، واتفقنا مع الأشقاء في مصر على التعاون في عدد من المجالات الحياتية المختلفة”.
وأضاف: "إن توجهنا إلى الاستيراد من الخارج منصوص عليه في الاتفاق الاقتصادي الذي وقعناه مع إسرائيل "اتفاق باريس”، وبالتالي نحن عندما نذهب إلى عمقنا العربي لا نكون قد أخللنا بالاتفاقات الموقعة، صحيح أننا لم نستخدم هذا الحق في السابق، لكننا قررنا الآن أن نستخدمه”.
وأشاد رئيس الوزراء بحفاوة الاستقبال التي حظي بها والوفد الوزاري المرافق في زيارته للقاهرة التي استمرت أربعة أيام، مشيرًا إلى أنه بحث مع نظيره المصري الدكتور مصطفى مدبولي القضايا المعيشية في قطاع غزة، والمشهد السياسي العام، والقضايا المتعلقة بمعبر رفح، ومجالات التعليم والصحة والزراعة، وكل ما يتعلق بمفاصل الحياة اليومية.
وقال: تم استقبالنا بمصر الشقيقة بكل الدفء والاحترام من قبل أخي دولة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ونحن عندما نكون في مصر نشعر أننا بين أهلنا، والتواصل المصري الفلسطيني يتم بصفةٍ يوميةٍ تقريبًا، ومصر حاضرة في كل الأزمات الفلسطينية في الدعم السياسي، والعمل بجهدٍ كبيرٍ على إتمام المصالحة وطيّ صفحة الانقسام لمواجهة التحديات.
زيارة دولة لدولة
وقال اشتية: هذه أول زيارة للحكومة الفلسطينية إلى جمهورية مصر العربية على هذا المستوى الكبير من عدد الوزراء، وأعتبرها زيارة دولة لدولة، وهذه الفجوة كانت غائبة إلى حدٍّ ما، فهناك لقاءات تتم بين الرئيس محمود عباس (أبو مازن) وأخيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكذلك كانت هناك لقاءات وزارية ثنائية تعقد على هامش اجتماعات الجامعة العربية، بينما هذه هي المرة الأُولى التي تكون فيها الزيارة بهذا الحجم الوزاري، ولها جدول أعمال واضح لعددٍ من القضايا التي تهم الشعبين الشقيقين في مصر وفلسطين، فمصر هي الشقيقة الكبرى، ونحن نحتاجها أكثر مما تحتاج هي إلينا، لذلك تحدثنا في القضايا المعيشية في قطاع غزة، والمشهد السياسي العام، وتحدثنا في القضايا المتعلقة بمعبر رفح والمتعلقة بالتعليم والصحة والزراعة، والمتعلقة بكل مفاصل الحياه اليومية.
وأضاف اشتية: إن مصر تشكل عمقاً عربياً جدياً وحقيقياً يساعدنا سياسياً واقتصادياً وأمنياً وقانونياً، ومصر كانت دائماً الحضن الدافئ للقضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني، وفيها وُلدت منظمة التحرير، وفيها تعلَّم الزعيم الراحل ياسر عرفات، ويزورها الرئيس محمود عباس بشكل منتظم، ونحن وأشقاؤنا المصريون متفقون على فهمٍ استراتيجيٍّ واحدٍ لا نختلف لا في التحليل، ولا في الإجابات، ولكن ما نحتاجه اليوم هو المباشرة بإجراءات عملية لتصبح بيننا خطة عمل مشتركة.
وقال رئيس الوزراء: إن الحكومة الفلسطينية منذ أن تولت مهامها أخذت على عاتقها كيفية صياغة الأداء وتطويره، وكيفة إدارة دفة الأُمور في الاتجاه الصحيح، فبالنسبة للمشهد السياسي نحن ذاهبون إلى إنهاء الاحتلال، إما بالمفاوضات السياسية، أو بالنضال بمختلف أشكاله وبالعمل الميداني وبالمقاومة الشعبية، لرفع كلفة الاحتلال، وصولًا إلى الانفكاك وتحقيق الاستقلال.
الانفكاك من السيطرة الإسرائيلية وشراء البترول من العراق
وعن الانفكاك من السيطرة الإسرائيلية، قال اشتية: هذه الحكومة منذ تولت مهامها قررت الانفكاك من السيطرة الإسرائيلية، إذ تربطنا بإسرائيل أربعة مفاصل، الأول سياسي مغلق، والثاني أمني ضربته اسرائيل بعرض الحائط، والثالث قانوني متعلق بالاعتراف المتبادل، والرابع اقتصادي، وهو شق يدخل في مهام الحكومة، لذلك قلنا يجب أن نبدأ بالانفكاك التدريجي للعلاقة التي فرضها علينا واقع الاحتلال، وهذا يعني تعزيز المنتج الوطني والاستيراد من الخارج والاتجاه إلى عمقنا العربي، ولقد ذهبنا للأردن والعراق ومصر ولنفتح تلك الأسواق للبضائع الفلسطينية، ونريد أن تأتي البضائع العربية إلينا كبديلٍ للبضائع الإسرائيلية، ومنع ادخال البضائع الإسرائيلية إلى السوق الفلسطينية، وبدأنا بإجراءات تتعلق بوقف استيراد العجول ما أثار ضدنا موجة من التهديدات الاسرائيلية بالعواقب الوخيمة إن نحن واصلنا هذه الخطوة التي هي حق يكفله لنا اتفاق باريس الاقتصادي.
وأضاف اشتية: لقد أولت الحكومة اهتمامًا خاصًا بالفواتير التي تستقطعها إسرائيل من أموالنا، فواتيرنا الكبيرة أساسها البترول، ونستورده من إسرائيل بواقع 650 مليون شيكل، أي نحو 180 مليون دولار شهريًا، نحن نستهلك 3 ملايين لتر من البنزين والوقود يوميًا، وهذا كله نشتريه من إسرائيل، وعندما ذهبنا للعراق أبدت القيادة العراقية مشكورة استعدادها لمدّنا بالبترول من خلال الأُردن، ولهذا رتبنا هذا الموضوع، ولأول مرة منذ عام 1994 تتقدم جهة فلسطينية باستيراد البترول من خارج إسرائيل، وهذا الكلام منصوصٌ عليه في الاتفاق الاقتصادي، وبالتالي نحن عندما نذهب إلى عمقنا العربي نذهب باتفاق، صحيح أننا لم نطرق هذا الباب في السابق، لكن هذا حقٌّ موجود في الاتفاقات بيننا، وقررنا أن نستخدمه لتعزيز رؤيتنا بالانفكاك التدريجي عن الاحتلال في ظل انغلاق افق السلام.
إسرائيل تشن علينا أربع حروب
وقال رئيس الوزراء: إن إسرائيل تشن علينا اليوم بشكل ممنهج أربعة حروب، حرب الجغرافيا والاستيطان، فهناك أكثر من 711 ألف مستوطن في الضفة الغربية، ويشكلون 24٪ من مجمل السكان، كما تشن إسرائيل علينا حرب الماء؛ فمن 800 مليون متر مكعب تسرق إسرائيل 600 مليون متر مكعب، إسرائيل تشن علينا حرب المقدسات وحرب الرواية، وتريد للرواية اليهودية أن تغطي على الرواية الإسلامية والمسيحية، والحرب الأُخرى المتعلقة بالاعتراف، وأخيرًا الحرب المالية التي شنتها علينا مؤخرًا، فإسرائيل تسرق أموال الشعب الفلسطيني.
وأضاف اشتية: بالطبع اقتصاد إسرائيل كبير، والناتج المحلي الإجمالي له يصل إلى 430 مليار دولار، مقابل 14 مليار دولار هو الناتج المحلي الإجمالي لنا وبالتالي هم أضعاف الأضعاف، وهم مستفيدون من هذه الحالة.
اكتشفنا إقامة عائلة في مستشفى إسرائيلي لمدة 494 يومًا
وأشار رئيس الوزراء إلى أن "إسرائيل تخصم من أموالنا المستحقة فواتير المياه والكهرباء والتحويلات الطبية إلى المستشفيات الإسرائيلية بشكلٍ مركزيّ، وفي المجمل العام لم يكن هناك تدقيق على أيّ فاتورة، ولذلك عندما قمنا بالتفتيش وجدنا عائلةً فلسطينيةً مُقيمةً في أحد المستشفيات في مدة وصلت إلى 494 يومًا، وندفع عنها يعني عمليًا سكنًا فندقيّاً وليس مستشفى، وكنا لا نعلم شيئًا عنها.
وأشار اشتية إلى أن إسرائيل تقوم بعمليات اجتياح متكررة للمحافظات الفلسطينية، ضاربة عرض الحائط بكل الاتفاقيات. وقد شرحنا لأصدقائنا في العالم كل تلك الخروقات وطالبنا المجتمع الدولي بالوقوف أمام مسؤولياته بالضغط على إسرائيل لوقف تلك الاجتياحات وما يترتب عليها من جرائم تستهدف أبناءنا العزل إلا من إرادتهم وصمودهم وتحديهم وهم يواجهون تلك الاقتحامات بأجسادهم.
تسهيل حياة أهلنا في القطاع في صدارة أولوياتنا
وحول الوضع في القطاع وحصة أبنائه من اهتمام الحكومة قال الدكتور اشتية: إن قطاع غزة جغرافيا مظلومة ومنطقة فقيرة وبائسة، مشيراً إلى أن 95٪ من مياهه ملوثة، التيار الكهربائي لايصال الا إلى 8 ساعات يومياً، نسبة الفقر بالقطاع 72٪ ونسبة البطالة 55٪ كل المؤشرات في غزة مرعبة والسبب الرئيسي في هذا الحال هو الانقسام من جه والحصار الاسرائيلي على غزة من جهة أخرى . ونعمل على تسهيل حياة أبناء شعبنا في القطاع وتوفير احتياجاتهم الأساسية من عناية صحية ومياه نظيفة وكهرباء وهذه القضايا كانت في صلب مباحثاتنا مع أشقائنا في مصر.
المساواة بين رواتب الموظفين العموميين في الوطن
وبشأن رواتب الموظفين العموميين في المحافظات الشمالية والجنوبية، قال اشتية: بدأنا تسوية رواتب الضفة وغزة لتكون واحدة، فنحن وطنٌ واحد وشعبٌ واحدٌ وجغرافيا واحدةٌ ومشروعٌ واحد، نحن نترجم هذا الكلام على أرض الواقع، فنحن ندفع رواتب، وحماس تعمل على تحصيل رسوم المعابر وغيرها.
وأضاف رئيس الوزراء: لقد بدأنا بتوحيد الرواتب، وأرسلنا لجنة لتحديث المعلومات لمعرفة مَن الموجود على رأس عمله ومن هو غير موجود، وللأسف فإن "حماس” اعتقلت أعضاء اللجنة، وطلبنا من إخواننا المصريين التدخل للإفراج عن اللجنة لتتمكن من القيام بعملها، وبالفعل تم الإفراج عن أعضائها، ولكن تمّ اعتقالهم مرةً أُخرى.
مشروعات للمجاري وتحلية المياه وزيادة الكهرباء في القطاع
وحول المشروعات الجاري تنفيذها والمرتقب إجراؤها في القطاع، قال اشتية: نحن نعطي أولويةً لقطاع غزة في مشاريع البنية التحتية، خاصة المياه والمجاري، وخلال أيام سوف نفتتح مشروعاً بقيمة 60 مليون دولار للمجاري في خانيونس، ولدينا مشروع لمجاري شمال قطاع غزة بتكلفة 157 مليون دولار، وكذلك مشروع لتحلية مياه البحر، جميع الدراسات أصبحت جاهزة، وجميع العطاءات جاهزة، وهذا الأمر سيُنقذ قطاع غزة في القضايا المالية أيضًا، وبالنسبة لموضوع الكهرباء نحاول مع إخواننا المصريين أن نزود قطاع غزة بالكهرباء على المدى الاستراتيجي، نحن نريد أن ننفك من إسرائيل، ولا نريد أن نأخذ منها كهرباء، ونعمل حاليًا للانضمام للربط الثماني العربي في مجال الكهرباء ونريد لقطاع غزة والضفة أن يكونا جزءاً من هذا الربط الثماني.
وتابع اشتية: وفي إطار جهودنا للاستقلال رفعنا حصة استيراد الكهرباء من الأردن من 35 ميجا إلى 160 ميجا، ورفح كانت تأخذ من مصر 27 ميجا كهرباء، وتم ضرب محولات الكهرباء في منطقة صحراء سيناء في العريش، ومنذ أكثر من عام لا يوجد توصيل كهربائي من مصر إلى قطاع غزة، وتحدثنا مع رئيس الوزراء المصري وزير الطاقة في حكومته، وسيتم البدء بإعادة تشغيل الخط قريبًا، بالمجمل العام هذا هو التوجه الذي نسعى إليه.
مستعدون لتسلم قطاع غزة غداً وننتظر رد "حماس” على انتخابات تشريعية ورئاسية
وقال رئيس الوزراء: إن الرئيس محمود عباس أعلن مبادرةً من أجل إنهاء الانقسام، تتعلق بإجراء الانتخابات، نحن جاهزون لتطبيق اتفاق المصالحة الذي تم توقيعه بتاريخ 12 أكتوبر 2017، وأنا أقول نحن جاهزون أن نذهب إلى قطاع غزة غداً، لنتسلّم مسؤولياتنا على أرضية الاتفاق الذي تم توقيعه في القاهرة، ولكن "حماس” حتى الآن ترفض الاحتكام إلى هذا الاتفاق الذي وقعوه معنا.
وأوضح اشتية: منظورنا للمصالحة يقوم على وجود شرعية واحدة وقانون واحد ونظام قضائي واحد وسلاح واحد، في حين أنّ منظور "حماس” للمصالحة مبنيٌّ على التقاسم الوظيفي، الذي يسمونه بـ”الشراكة” وهذه ليست شراكة، هي تقاسم وظيفي، و”حماس” تقول: لنا نحن تحت الأرض وأنتم فوقها وأنتم تدفعون المال ونحن نصرف”، هذا كلام لا يتماشى معنا ولا نقبل به، والرئيس أبو مازن قدم مبادرةً في الأُمم المتحدة وقال: "نذهب إلى انتخابات”، وعقدت مطلع الأُسبوع الماضي اجتماعات للجنة المركزية لحركة "فتح” لمناقشة هذا الموضوع، وأقرت اللجنة هذا التوجه، وكذلك الفصائل في إطار القيادة الفلسطينية، والرئيس أبو مازن استدعى رئيس لجنة الانتخابات المركزية وطلب منه التوجه إلى غزة للتحضير للانتخابات.
عقبتان أمام الانتخابات
وحول العقبات التي تعترض إجراء الانتخابات قال اشتية: أمام الانتخابات عقبتان، الأُولى في غزة، و”حماس” يجب أن توافق على إجرائها، والثانية متعلقة بالانتخابات في القدس، وإسرائيل ستكون عقبة أمامنا، نحن أجرينا انتخابات في القدس في عام 1996 و2005 و2006، وننتظر إجابة حركة "حماس” على موضوع المصالحة. حماس تقول إنها تريد انتخابات رئاسية وتشريعية، ونحن موافقون، الرئيس أبو مازن موافق على إجراء الانتخابات، بما يشمل التشريعية والرئاسية، لكننا لا نريد أن تكون في يوم واحد، لو اتفقنا على إجراء الانتخابات التشريعية الشهر المقبل مثلاً، فستكون في الشهر التالي انتخاباتٌ رئاسية، وبالنسبة للمجلس الوطني فهو هيئة وطنية مُشكلة من الفصائل، وكل فصيل له كوتة إضافة إلى المنظمات الشعبية والمستقلين والعسكريين.
لا نعلم ما تتضمنه "صفقة القرن” لكننا نعلم ما لم تتضمنه
وعن تعثر عملية السلام، قال رئيس الوزراء: إن الرئيس أبو مازن قدم مبادرةً دوليةً متعلقةً بالبدء في التحضير لمؤتمر دولي للسلام، لأن المفاوضات الثنائية أخفقت، وبالتالي نأمل من أوروبا ومصر وروسيا والصين والسعودية تشكيل تكتلٍ من أجل العمل على إنهاء الاحتلال على أرضية عقد مؤتمرٍ دوليٍّ مستندٍ للقانون الدولي والشرعية الدولية.
وبشأن ما يُسمّى بـ”صفقة القرن”، قال اشتية: نحن لم نرَها، ولا أحد يعلم ملامحها، ولكن نحن نعلم كل ما لم تتضمنه صفقة القرن والذي ليس فيها، وهو: حل الدولتين والقدس واللاجئون وحدود 1967 وإزالة المستوطنات، إذن ما يبقى في صفقة القرن شيءٌ واحدٌ هو أن الإدارة الأمريكية تبحث عن كيانٍ فلسطينيٍّ في قطاع غزة متواصلٍ مع بعض المناطق (أ و ب) في الضفة الغربية، لذلك هذا هو المشهد السياسي الذي تتحدث عنه صفقة القرن، ولهذا فإن رفض القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الرئيس أبو مازن، للخطة الأمريكية كان استناداً لتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأقواله عن خطته.
إخفاق نتنياهو في تشكيل حكومة وغيابه عن المشهد السياسي مهم لنا
وعن محاولات تشكيل حكومة إسرائيلية، قال رئيس الوزراء: الآن أمامنا محطتان، الأُولى تشكيل الحكومة الاسرائيلية، وواضحٌ أن نتنياهو لا يستطيع تشكيل الحكومة، وهنا يجب أن نتحدث عن أربع قضايا مهمة: غياب نتنياهو بالنسبة لنا مهم في المشهد السياسي للأسباب التالية: نتنياهو هو الذي تحدث عن ضم الأغوار الفلسطينية لإسرائيل من أجل قتل إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة، وبالتالي غيابه يعني غياب هذا الأمر، كما أنّ نتنياهو هو صاحب الدفع بالإدارة الأمريكية لتنقل الصراع من عربي- إسرائيلي ليصبح صراعاً إيرانياً عربياً، وهو المدافع الرئيسي خلف هذا المشهد، ونتنياهو هو عراب التطبيع العربي مع إسرائيل، والأمر المهم أيضاً أن نتنياهو ليس شريكاً في أي شيء، خاصةً في المشهد السياسي.
وأضاف رئيس الوزراء: يجب أن لا يُفهم من كلامي أن الذي يأتي بدلاً من نتنياهو أفضل منه كثيراً، لأن الفرق لن يكون كبيراً، حتى لا نخدع أنفسنا، ولكن اللافت للنظر، وهذه ظاهرة تستحق الدراسة جدياً، أن الجنرالات في إسرائيل أصبحوا في المعارضة.
وتابع: "إذا كان حزب (أبيض أزرق) مستعداً أن يكون شريكاً للرئيس محمود عباس لصنع السلام، فنحن أيدينا ممدودة للسلام العادل والدائم القائم على قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين ومبادرة السلام العربية. نعتقد أن المفاوضات بالشكل الثنائي لم تعد هي الجواب على إنهاء الاحتلال، فهي استنزُفت، ولا بُد من البحث عن بديلٍ لها، وهو الانتقال من الثنائي المتعدد وعقد مؤتمر دولي يُلزم إسرائيل بالالتزام بالقانون والشرعية الدوليين”.
الوضع المالي ورواتب الموظفين
وبشأن الوضع المالي للسلطة، قال اشتية: إن إسرائيل هي التي تحجز أموالنا، وقد أدخلتنا في دوامةٍ من العجز، والحكومة عملت بسياسة تقشف صارمة، دفعنا رواتب 50٪، واستعدنا بعض الأموال من إسرائيل، واستعدنا مؤخراً دفعة، والأزمة المالية بيننا وبين إسرائيل مازالت قائمة، لأن إسرائيل ما زالت تقتطع جزءاً من أموالنا.
وأضاف: المملكة العربية السعودية مشكورةً تُقدم بشكل شهري ومنتظم مساعدة لنا، وحصلنا على مساعدة وقرض من قطر. والأشقاء في والجزائر والكويت يقدمون المساعدات أيضاً بشكل منتظم، لكنّ شبكة الأمان العربية التي جرى الحديث عنها كثيراً لم يتم تفعيلها، والمساعدات العربية تسير بوتيرةٍ بطيئة، ونأمل تفعيل شبكة الأمان العربية المالية لتعزيز صمودنا.
أما بالنسبة للأموال الفلسطينية المحتجزة لدى إسرائيل، فقال اشتية: اقترحت إسرائيل تشكيل لجنة ثنائية للبحث عن حلٍّ لأزمة أموالنا المحتجزة، واللجنة اجتمعت مرة واحدة، وأخذنا دفعة من أموالنا، ولكن هناك كمية كبيرة من الأموال محتجزة لدى إسرائيل، ونحن لا نريد أن تخصم إسرائيل أي جزء من أموالنا دون وجه حق، خاصة ما يتعلق بالأسرى والشهداء.
وأكد أن "الحكومة ظلت ملتزمة بدفع الرواتب كاملة لأُسر الشهداء، ونحن واصلنا في عز الأزمة دفع رواتب للموظفين بنسبة 50٪ من الرواتب أو 60٪، و100٪ لأُسر الشهداء والأسرى، هذا التزام أخلاقي ووطني”.
وقال اشتية: إن السبب أيضًا في عدم حل الأزمة هو عدم وجود حكومة في إسرائيل، فجزءٌ من تعقيد المشهد وجود حكومة تيسير أعمال في إسرائيل منذ شهر نيسان حتى الآن، فإذا تشكلت حكومة فسوف نرى لنبدأ في إجراءاتٍ قضائيةٍ ضد اقتطاع أموالنا.
وبالنسبة للرواتب، قال اشتية: نحن دفعنا حالياً للموظفين 60٪ عن الشهر الماضي و50٪ عن شهر آذار، أي حصل الموظف في الشهر على نحو 110 في المئة، وأعتقد أننا سنتغلب على هذه الأزمة قريباً.
المصدر: ”القدس” دوت كوم – صلاح جمعة