"أولتراس" لبنان والثورة الحقيقية: هيلا هيلا هيلا هو
جو 24 :
تلعب مجموعات "أولتراس" أندية كرة القدم في مختلف دول العالم دوراً كبيراً في الثورات الشعبية والاحتجاجات المطلبية، ومن أكبر الأمثلة على ذلك ما فعله "أولتراس" الزمالك والأهلي في مصر.
في لبنان الأمر لا يختلف كثيراً رغم أن مجموعات "الأولتراس" ما زالت صغيرة، إلا أن ما فعله "أولتراس سوبر نوفا" التابع لفريق النجمة و"أولتراس أنصاري" التابع لفريق الأنصار منحهما لقب "شُعلة الثورة اللبنانية".
البداية من المدرجات ومشاركة الشعب
قبل أسابيع من انطلاق الثورة اللبنانية، رفعت جماهير النجمة والأنصار في المدرجات يافطات أمست اليوم من أهم شعارات الثورة. فشعار "الشعب إذا جاع بياكل حكامه" رفعه "أولتراس" النجمة المعروف "بسوبر نوفا" في المدرجات. أما شعار "الفقر سيف حاد، ارحموا جيوب العباد" فرفعه "أولتراس" الأنصار في ملعب طرابلس خلال أولى شرارات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.
وهنا يقول أحد منظمي "أولتراس سوبر نوفا"، رفض ذكر اسمه (غير مخول بالتصريح للإعلام): "اختناق الجماهير بدأ أساساً من المدرجات والناس ملت من الوضع الاقتصادي المتردي، وعندما انطلقت المظاهرات يوم الخميس لم ننتظر يوم الأحد للاستعراض والفولكلور فقط، أردنا النزول فوراً للمشاركة على الأرض للاعتصام".
"في الساحات كنا منظمين نعرف جيداً كيف نعمل على الأرض مندفعين ولدينا أساليبنا وطرقنا الخاصة ضد السلطة والتي عادةً ما نستعملها كجماهير في المدرجات. وبطبيعة الحال هذه الأمور كانت بمثابة الدافع الأساسي لكي نكون في الخطوط الأمامية للمظاهرات وخصوصاً في ساحة رياض الصلح".
كما قال أحد منظمي "أولتراس أنصاري"، الذي رفض ذكر اسمه أيضاً (غير مخول بذكر إسمه للإعلام): "كنا على مدى الأيام الخمسة الأولى من الثورة نتجمع وننطلق سوياً نحو الساحات، وكان هناك أشخاص من (الأولتراس) شاركوا في تظاهرات طرابلس، الجية، الناعمة وصور أيضاً. وكنا نعمل سوياً مع (أولتراس) النجمة، ووقفنا في الصفوف الأمامية جنباً إلى جنب في كل الشوارع والساحات، كما كان هناك تعاون مع (أولتراس بول شارك) لفريق طرابلس".
"الأولتراس" أساس الثورة
إنه ليل الخميس الموافق 17 تشرين الأول/أكتوبر عام 2019. تحركت مجموعات "أولتراس" النجمة والأنصار بالتنسيق مع بعضها البعض وفقاً لمجموعات في كل المناطق خصوصاً في ساحة رياض الصلح. تحرك عناصر "الأولتراس" وكأنهم عناصر جيش منظمة.
شارك الـ"سوبرنوفا" و"أولتراس أنصاري" في إغلاق الطرقات وقطعها. شارك "الأولتراس" في توعية الشعب اللبناني عبر صفحات التواصل الاجتماعي وطلبوا من الجميع الانضمام للثورة. شارك "الأولتراس" في الحشد الشعبي خلال الساعات الأولى من الثورة يومي الخميس والجمعة.
وقف "المشجعون الثوريون" في الخطوط الأمامية للمواجهة مع القوى الأمنية، اليد باليد والصوت عال في وجه العناصر الأمنية. لم يكمن هناك أي خوف، فهذه المجموعات اعتادت على أجواء مماثلة في المدرجات واعتادت على مواجهة قوات مكافحة الشغب.
وهنا يقول أحد منظمي "أولتراس سوبرنوفا": "شاركنا الشعب اللبناني ثورته وعملنا على توعية الناس عبر صفحات التواصل الاجتماعي ودعوتهم للمشاركة في المظاهرات، نحن نزلنا من أجل الناس التي جاعت لا أكثر من ذلك. وعملنا مع (أولتراس) أنصار، وكانت هناك عملية تنسيق في كيفية التحرك بين المتظاهرين، فنحن بعيداً عن المدرجات أصدقاء خارج الملاعب".
ولم يختلف أحد منظمي "أولتراس أنصاري" كثيراً في وصفه، وقال: "نحن مثلنا مثل الشعب، معظمنا شباب تحت الـ30 سنة، موظفون أو بدون عمل أو طلاب جامعات موجوعون ونزلنا إلى الشارع مباشرةً. مثل ما لدينا شغف لكرة القدم لدينا شغف للشارع ودعم الشعب اللبناني، وفي كل دول العالم (الأولتراس) هو صوت الشعوب".
شغب وشعارات
بسبب وجود مجموعات "الأولتراس" في الصفوف الأمامية للثورة خصوصاً في ساحة رياض الصلح، كان المشجعون الخط الأمامي المغذي للثورة وطبعاً خط الدفاع الأول عن المتظاهرين في وجه القوى الأمنية. هذه المجموعات هي التي أطلقت الشُعلات الحمراء والخضراء والمفرقعات النارية في السماء، هي التي تدافعت مع القوى الأمنية واشتبكت معهم وهي التي لعبت دوراً كبيراً في مساعدة الناس ليلة "القنابل المسيلة للدموع".
"يوم إلقاء القنابل كنا موجودين في الخط الأمامي والخط الخلفي بين الناس، حاولنا مساعدة الناس قدر الإمكان وخصوصاً الذين تعرضوا لحالات اختناق. كنا مجهزين بالبصل والحامض والخل وحاولنا التوزيع لكل الناس التي كانت تعيش لحظات صعبة".
ويُتابع أحد منظمي "الأولتراس" (غير مخول بذكر اسمه للإعلام): "حاولنا إبعاد الناس ومساعدتهم قدر الإمكان كوننا معتادين على الضغط ومواجهة القوى الأمنية نتيجة خبرة الملاعب. وبعد ذلك حاولنا رص الصفوف في الخلف ودفع الناس للعودة مجدداً إلى حين مهاجمة القوة الأمنية وتقدمها أكثر".
في المقابل، فإن أبرز الشعارات التي أمست اليوم أساس الثورة اللبنانية مصدرها "الأولتراس"، وهنا تأتي إلى الواجهة مباشرةً أغنية "هيلا هيلا هيلا هو" التي يقول أحد منظمي "الأولتراس" الذي شارك في التظاهرات إنها مشهورة في الملاعب والناس تعرفت عليها في المظاهرات.
"نحنا دمنا حامي"، نحن في الملعب لا نجلس، فكيف سنجلس والساحات مشتعلة. ويجب لفت النظر إلى أن هتافات "هيلا هيلا هيلا هو" التي أمست "تراند" الثورة اليوم أساسها "الأولتراس" في لبنان، وهي هتافات نستعملها في المدرجات دائماً. نحن سمعناها من جمهور الأهلي والزمالك واقتبسناها وبدأنا بتطبيقها في مدرجات ملاعب كرة القدم في لبنان.
في النهاية وفي وقت استعمل البعض الثورة للرقص وحولها إلى مهرجان راقص، كان "أولتراس" الكرة اللبنانية على الخطوط الأمامية يُدافع عن المتظاهرين وكان بمثابة "الثورة الحقيقية".
العربي الجديد