لبنان "بروفة" عربية.. وعلينا أن نصحو
علي السنيد
جو 24 :
عندما تتخذ الحكومات المتعاقبة السياسات التي لا تراعي حق العيش الكريم للمواطن، وتتوحش في قرارتها واجراءتها المالية، وتقسو ملامح السلطة، وتتخلى عن دورها في تقدم ورفعة شعبها، وتأكل الضرائب والاسعار دخول الناس البسطاء، ولا تعود الرواتب قادرة على تغطية الحاجات الاساسية للاسر الاردنية، ولا تكفي عدة ايام في الشهر، ويستمر الضغط الحكومي المتواصل على العصب الحساس للمواطن المتمثل برفع اسعار الغذاء، والماء، والكهرباء، والضوء والدفء، والوقود وكافة متطلبات الحياة.
وعندما تظلّ الحكومات تمضي على خطى صندوق النقد الدولي في مطاردة الفقير على لقمة خبزه، وتدعي ان الضريبة واجب وطني في حين نجا في العرف الشعبي الفاسدون والحيتان من العقاب، وبقي ملف الفساد عالقا وفاز الفاسدون باثرائهم غير المشروع، وتظل قصورهم ومزارعهم وعقاراتهم، وسياراتهم الفارهة شاهدة على الجريمة.
وعندما يظهر نوع من التحالف بين الحكومات وممثلي الشعب عماده تقاسم المكتسبات، وتحقيق المصالح الخاصة على حساب الصالح العام، وفقدان مشروعية التمثيل فتتقوض اهمية المؤسسات الدستورية في اعين العامة.
وعندما تتوسع رقعة الفقر والبطالة وتستفحل في ثنايا المجتمع، وتتحول القرى والمحافظات اليائسة الى مستودع للفقر والحرمان، وذلك لانعدام البرنامج التنموي لدى الحكومات، ولاعتماد عملية الحكم على الجباية والاستيلاء على القليل الذي في جيب المواطن.
وعندما تنعدم امكانية التشغيل في وجوه الشباب المعطلين عن العمل لاستيلاء نحو مليون عامل وافد على سوق العمل الاردني، ناهيك عن المهجرين السوريين، ولا تجد وزير عمل يدرك حقيقة ما احدثه هذا الخلل من عطب في الاقتصاد الاردني.
وعندما تحاصر الاردنيين اعباء التعليم الجامعي المذل، وتفتقر القرى الى شبكة أمان اجتماعية حقيقية، ويضيع الفقير في دوامة معاناته اليومية. وعندما تنكسر احلام الفقراء، وتتحول الاجيال الاردنية الى الضياع، وانعدام الامل.
وعندما تفقد عملية الحكم كفاءتها لاعتمادها على ذات الوجوه والصور، ولا تحقق غاياتها في التنمية المنشودة، وتطوير الخدمات العامة، وزيادة منسوب الاداء الوطني للمؤسسات الدستورية. وعندما تصبح الواسطة هي وسيلة الحصول على الحقوق، وتغلق المكاتب في وجوه الاردنيين ، ويتم تولية المسؤوليات العامة على قاعدة التوريث والمحاصصة و بعيدا عن معيار الكفاءة والاقتدار.
وعندما ينفرد ابناء الطبقة المخملية بالمكتسبات امام شعب محبط، وتنفضح عمليات احتكار المقدمة والمواقع القيادية لصالح الذوات وابنائهم واحفادهم. وعندما تنعدم الالية السياسية التي تعطي الامل بامكانية التغيير، ووقف المعاناة الشعبية على خلفية سوء السياسات، وعدم كفاءة المؤسسات الدستورية.
وعندما يتخلى الاغنياء والاثرياء واصحاب الشركات والمصانع عن واجبهم الوطني والديني – الا ما ندر منهم- ولا ينزلون للمناطق الفقيرة بزكاة اموالهم، وتبرعاتهم، ولا يساهمون في التخفيف من حدة الفقر والحرمان وخاصة في المناطق التي تشكل خاصرة الدولة الرخوة فعندها ماذا ننتظر، ونحن نرى كيف يلتهب الاقليم العربي، وعلى ذات الاسباب القائمة، و لبنان "بروفة" عربية.
ولذا أنا أدعو إلى المسارعة باحداث توافق وطني للتغيير في الاردن يقوم على ايجاد التقارب المطلوب بين المسرب العقلاني في الخط الرسمي، والجهات المعتدلة في المعارضة لوضع الية مشتركة لانقاذ الوضع الاردني، واحداث انفراجة حقيقية وفق رضى وغايات الشعب الاردني الطيب، وذلك قبل فوات الاوان.