الاردن بحاجة الى ثورة تصحيحية بقيادة ملكية لبناء الاردن الجديد
أحمد عبدالباسط الرجوب
جو 24 :
عمليات الإصلاح والانفتاح والنجاح للدول تبدأ بالصدمات الإيجابية في مكافحة الفساد والافساد ، فعندما لم يعد تطبيق القانون حكرا على الفقير والصغير، بل تصل موس العدالة الى لحية صاحب النفوذ والغني والوزير … أي وطن رائع يمكن أن يكون هذا الوطن، لو صدق العزم وطابت النفوس وقل الكلام وزاد العمل…
الأردن القوي الأمين بشعبه وقيادته قبضة يد لا تنفك اصابعها ليوم الدين، وهذا كله مفهوم … فالإرهاب هو الخطر الأصغر، بينما الفساد الاداري والمالي هو الخطر الأعظم على الأردنيين شعبا ودولة … لقد جرى شن غارات متقطعة على الفساد، وبجهود هيئة النزاهة ومكافحة الفساد والأجهزة المساندة في الدولة، لكنها لا تؤدي الغرض المطلوب ، فقد تجرح الفساد لكنها لا تقتله، بل تجعله كالذئب الجريح اشد شراسة، وما دام الفساد لم يُكْنَسْ (ضم الياء وتسكين الكاف وفتح النون وتسكين السين)، فإن بعث الامل في نفوس الناس يصبح محالا أو افتعالا …
في مقالي هذا اجد من الصعوبة بمكان تجاوز الحالتين اللبنانية والعراقية ... فتلك هى ثورات شعبية عارمة انطلقت في بلدان الجوار العربي ، ها هو لبنان انتفض على السلطة وهو في يومة الخامس عشر ، والعراق ايضا انتفض على الفساد والمحاصصة كما هو لبنان وهنا نقول في الحالتين العراقية واللبنانية ... هلّ الربيع العربي... وجل الأنظمة القمعية الحاكمة فيه باتت هرمة؟ عضت على كراسي حكمها ببقايا أسنانها المتآكلة وقد نخر الفساد جنباتها وأركانها ، فغدت وكأنها خشب مسندة تحاول منع أعاصير الاحتجاجات الشعبية...
تصارع كيد المؤامرات من أحزاب أو كتل أو تنظيمات او التحكم الخارجي لدول اقليمية في تلك الدول وهي تظن (اي تلك الدول) أنها مدركة بذلك طريق البقاء والنجاة... مثلا الحالة اللبنانية ، فمن المذهل واللافت للانتباه تصريحات المسؤلين في هذا البلد من رئيس الجمهورية الماروني والذي هو من محاصصة دستور 1946 (مارونية راس الدولة وهو ما اكد عليه دستور الطائف 1985)، ثم يتقاطر رئيس الحكومة (سني) ثم اخيرا اطل رئيس حزب الله (شيعي) وجُلْ الناس في ساحة رشيد الصلح او ساحة الشهداء او طرابلس او النبطية لا يعرفون الى اين نهاية المخاض امام مطالب (كُلُنْ يعني كُلُنْ) .. ومن أخطر وأعقد (وأصدق) المصطلحات التي أفرزتها الثورات الشعبية في هذه الدول، هو مصطلح (الدولة العميقة) وهو مصطلح يعبر عن جدار عال يصطدم فيه التغيير إذا ما نجح في إسقاط رأس النظام حيث التركة الثقيلة والآثار المحفورة على كل جدار في مؤسسات الدولة وأروقتها ، حتى تبين للثوار حقيقة الصراع وخطورته ومن أن تغيير انظمة المحاصصة الطائفية أهون من إزالة آثارها..
اردنياً ... لما قدمت وفي ظل هذا المشهد المعقد والمتشابك وما هو ماثل للعيان ولا يحتاج الى مواربة الوضع الاقتصادي الداخلي الصعب الذي اكتوت منه الاسر الأردنية وكان مشهد انطلاقة الحراكات الشعبية مؤخرا تطالب الحكومة بإعادة النظر في الارتفاع الجنوني لأسعار السلع الاستهلاكية نتيجة لفرض المزيد من الضرائب وعلى هدي استشارات ووصفات بنك النكد الدولي ، وهو ما أصاب رغيف الخبز الذي تعتاش عليه معظم الاسر الأردنية ذات الدخل المحدود والذي لا يتجاوز دخلها الشهري 400 دينار اردني (560 دولار امريكي) في احسن حالاته وكما قلت ذات يوم في مقال نشر عبر هذا الموقع الزاهر موجه الى رئيس حكومتنا العتيد ” الوضع جلل وهناك خلل ” الامر الذي يوجب فرض عين للتدخل للتصحيح وان كان الكي هو آخر الحلول المتاحة…
جلالة الملك لم يتوانى دوما على تصحيح مسارات الحكومات الاردنية، والحكومات الاردنية المتعاقبة والت للاسف انها لم تلتقط الاشارات الملكية ولم تقرأ التوجهات الملكية والتي بينتها كتب التكليف السامي والتي افردت مطالب ملكية لكسر ظهر الفساد وعدم التعامل باسلوب الواسطة او المحاصصة في التعينات وفرص الوظائف القيادية … لكني على يقين ومن تسارع الاحداث من حولنا ووضعنا الاقتصادي الصعب والتحالفات التي تعمل ضد المصلحة الأردنية فإننا الان في هذه الايام احوج ما نكون الى ثورة تصحيحية بقيادة ملكية لبناء الاردن الجديد ، ثورة اصلاح شاملة يقودها جلالة الملك ليعاد تشكيل الاردن الجديد ويكون مختلفا عن الاردن التى عرفناه سابقاً، وتنمية شاملة تتناول كل مناحي الحياة والتهيئة لها بتعبئة عامة من الجميع شأنها شأن الحرب لوضع حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية وفقا لما تقتضية مصلحة الاردن الجديد وتحويله إلى مثال يحتذى إقليمياً ، ولتكن مبادرة شاملة من خلال خارطة طريق للخروج من الازمة الاقتصادية والادارية والاستثمارية تعكس نوايا مصممة على أن تكون مثالاً يحتذى على صعيد المنطقة من خلال تنفيذ حزمة اصلاحات يقوم على تنفيذها شخصيات وطنية موفوصوفة بالقدرة الادارية والنزاهة وعدم تلطخ اياديها بالمال العام وتوظيف مناصبها للمصلحة الشخصية والاسرية وتنفيذ هذه الخارطة بنجاح وتأثيرها المحتمل على الاردن ومستقبلة لرفاه المواطنين وللاجيال القادمة…
الجميع يعرف ولا يحتاج الى اشارة بأن الاقتصاد الاردني يعاني بشكل واضح وجلي من تداعيات الأزمات التي تحدث دوليًّا وإقليميًّا ومحليًّا؛ وبالتالي فهو محاط بالعديد من التداعيات والأزمات التي تؤثِّر فيه بشكل كبير من حيث انه اقتصاد غير مُنْتِج وارتفاع عجز الموازنة العامة (المتكرر سنويا منذ عشرة سنوات ويزيد) وارتفاع الدين العام الداخلي والخارجي (تجاوز 40 مليار دولار) وارتفاع معدلات البطالة (19%) وارتفاع معدلات الضرائب … كل هذه عوامل ارهاصات اخذت منحى سلبي في التأثير على حياة الناس في بلادنا ، وهنا وامام هذا المشهد يلزم تورة اصلاح شاملة على كافة مرافق الادارة والمال في الدولة …
اضع بعضا من الحلول العاجلة التي يمكن من خلالها تلبية مطالب المواطنين وتهدئة الوضع من خلال ما يلي:
1. تشكيل حكومة وطنية فنية (رشيقة في الحركة والنفقات) من خلال تقليصها الى (16) وزارة " اما بالالغاء او الدمج المتشابه بالاختصاص فيما بينها " بحيث تركز على موضوع الاستثمار والانفتاح على الدول الخارجية...
2. هذه الحكومة تكون متخصصة في ادارة الازمات لكي تقوم بسرعة إجراء إصلاحات هيكلية ومراجعة الخطط الحكومية الموضوعة لتحسين بيئة الأعمال في البلاد وتسهيل الإجراءات اللازمة لإقامة المشاريع الجديدة التي توفر فرص عمل للشباب وتساهم في زيادة الإنتاج وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي …
3. العمل على إصلاح مؤسسات الدولة والقضاء علي الفساد فيها وتيسير إجراءات الحصول علي التراخيص والتمويل اللازم لإقامة المشاريع الاستثمارية هو السبيل لحل مشكلة البطالة وتحقيق التنمية…
4. يتم الطلب من الذين يتم اختيارهم لرئاسة هذه الحكومة (المترشحين والذين لم يسبق ان تولوا هذا المنصب سابقا) إلي ضرورة تقديم خطة عمل لإصلاح الجهاز الحكومي وما يتصل الى إصلاح بيئة الاستثمار (2020-2025) … وان يبادر الرئيس الجديد الذي وقع عليه الاختيار باتخاذ إجراءات عاجلة بتنفيذ خطته وبخاصة تحسين مناخ الاستثمار لجذب رؤوس اموال الاردنيين والعرب والاجانب المترقبة لعودة حالة الاستقرار إلي البلاد...
5. تقوم هذه الحكومة على وضع مؤشرات قياس لأداء تنفيذها لتقييم عمل الجهات المنفذة، من خلال اعتماد نماذج إلكترونية موحدة وتوزيعها على مجموعات العمل المختصة بمراقبة ومتابعة أداء التنفيذ لتقييم هذا الأداء بشكل دورى وغير بعيد عن ذلك مؤشر اداء مجالس المحافظات (اللامركزية)، ورفع هذه التقارير لمجلس الوزراء...
صفوة الكلام … نقول الى العقلاء في بلادنا لنقرأ سفر الغيب فيما تؤل اليه قادم الأيام …التعبير عن سوء القرارات الحكومية مشروع وتبني منظومة الإصلاح والتطوير، وتعزيز قيم النزاهة ومكافحة الفساد في الجهات والمؤسسات الحكومية لا اختلاف عليه … لكن مقدرات الوطن التي بنيت على مدار مائة عام والى اليوم هي ملك لنا وللأجيال القادمة …
الأمن من أهم المكتسبات العظيمة التي من الله بها علينا، حيث يمثل الركيزة الأساسية في بناء المجتمعات وازدهارها وتنميتها، فبدون الأمن والأمان لن يتحقق للبشرية الخير والصلاح الذي تنشده وتتطلع إليه… نحن الان احوج ما نكون لرص الصفوف لنتجاوز هذه الغمامة باقتدار الصابرين فالاردن احوج ما يكون الى ثورة إصلاح يقودها جلالة الملك.. ليعاد تشكيل الاردن الجديد ويكون مختلفا عن الاردن الذي عرفناه سابقاً… والتنمية بحاجة إلى تعبئة عامة من الجميع شأنها شأن الحرب!
حمى الله بلادنا وادام الله عليها نعمة الامن والامان في ظل القيادة الهاشمية المظفرة…