مركز عدالة يسلّط الضوء على التعذيب في الأردن ويطالب بإنصاف الضحايا
جو 24 :
طالب مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان بانضمام الأردن للبروتوكول الإختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب الدوليّة، وبإنشاء صندوق وطني خاص لتعويض ضحايا التعذيب، وسوء المعاملة، لتعويضهم ماليّا وإعادة تأهيلهم.
جاء ذلك في التوصيات التي خلص إليها المركز في تقريره حول حالة ومؤشر التعذيب في الأردن، حيث أوصى أيضا بتبني برامج تدريبية على مستوى عال من المهنية والإحتراف، موجهة للأشخاص المكلفين بتنفيذ القانون، لضمان مراعاة المعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان.
كما أوصى المركز بمراجعة الأنظمة والتعليمات التي تحكم السجون ومراكز التوقيف، للحد من سلطة جهات التحقيق، وكذلك بالسماح بإجراء زيارات دورية لمراكز الإصلاح والتأهيل من قبل مؤسسات المجتمع المدني.
وأكد التقرير، الذي جاء تحت عنوان: غياب المساءلة، أن تحقيق العدالة، يستوجب وضع حداً للتعذيب، ووقف جميع الممارسات غير القانونية التي تضفي الحصانة على من يرتكب هذه الجريمة، مشدّدا في ذات السياق على وجوب أن يلقى الناجون من التعذيب اعترافاً بمعاناتهم، وتمكينهم من الوصول إلى سبل الإنصاف القضائية الفعالة، التي يستحقونها، ليمضوا قدماً في حياتهم بطريقة تحفظ لهم كرامتهم الإنسانية.
مخاوف ضحايا التعذيب وصعوبات تحقيق العدالة
ونوّه بأنّه رغم تكريس بعض هذه الحقوق في القانون، إلا أن الوصول الفعّال للعدالة يواجه العديد من الصعوبات الواقعية والقانونية التي تقف عائقاً دون ذلك، مشيرا إلى أن كثيرا من حالات التعذيب لا يؤتى على ذكرها، "ذلك أن الناجين من التعذيب غالباً لا يتحدثون عن مصابهم، إذ ينتابهم احيانا الشعور بالخزي حيال الطريقة التي تم استجوابهم بها، أو الخوف من الإفصاح عن بعض ممارسات التعذيب التي ارتكبت بحقهم".
وأضاف في إشارته إلى المخاوف التي يواجهها ضحايا التعذيب أن أكبر هذه المخاوف يتعلق بالممارسات غير القانونية التي قد تلحق بهم من موظفي إنفاذ القانون، حيث يشكل هذا العائق الرئيس أمام الإعلان وتقديم الشكاوى عن تعرض الضحايا للتعذيب أثناء احتجازهم في مرحلة التحقيق الأولي، إضافة الى فقدان الثقة بفاعلية الجهات المختصة بتلقي الشكاوى وتحريكها.
وأشار مركز عدالة في تقريره إلى أن التحاليل الاحصائية قد بيّنت وجود فجوة في التشريع الاردني المعني بحماية الحق في السلامة البدنية، وهو ما انعكس حتما على صعيد الممارسات للمعنين بتنفيذ القانون، وخاصة فيما يتعلق بضمانات الاحتجاز والتحقيق في جرائم التعذيب وملاحقة مرتكبيها.
وفي هذا الإطار أوصى المركز بضرورة إجراء الاصلاح القانوني المطلوب وبشكل عاجل لتحقيق تطورات ايجابية لاحقة على صعيد الممارسة العملية في مجال جهود مناهضة التعذيب، حيث ان العقبات التشريعية تعتبر من العقبات البنيوية التي تعترض جهود الحماية.
ممارسات حاضنة للتعذيب ومعيقات لمتابعة القضايا
هذا وأشار التقرير إلى الممارسات الحاضنة للتعذيب وسوء المعاملة على المستوى الوطني، والمتمثلة بزيادة أعداد الموقوفين إداريا، والتوسع في حالات الإعادة للمراكز الأمنية، وشمول جريمة التعذيب بقانون العفو العام، مشيرا في ذات السياق إلى انخفاض الشكاوى المحالة لمحمة الشرطة بتهمة التعذيب.
ولفت إلى استمرار ظاهرة الإفلات من العقاب وغياب سبل الإنصاف الفعالة لضحايا التعذيب، وكذلك غياب الشفافية والمعلومات، ناهيك بضعف التحقيقات التي تجريها النيابة والادعاء العام الشرطي.
وفي سياق الملاحظات التي أوردها المركز حول إحصاءات الشكاوى المتعلقة التعذيب، نوّه بعدم إمكانية متابعة القضايا لدى الادعاء العام الشرطي للحصول على معلومات فيما إذا تم فتح تحقيق لملاحقة أي من موظفي إنفاذ القانون بتهمة التعذيب. وذكر أنه ل"غاية إعداد هذا التقرير لم يصدر أي قرار إدانة بحق مرتكبي جرائم التعذيب بحدود المادة 208 من قانون العقوبات، وإن جميع أحكام الإدانة التي صدرت يتم فيها تغيير الوصف الجرمي للفعل".
كما تضمن التقرير مقترحات بشأن تطوير السياسات و الممارسات لموظفي إنفاذ القانون ، انسجاما مع معايير حقوق الإنسان الدولية و الممارسات الفضلى في مجال منع التعذيب، وخلق بيئات احتجاز خالية من التعذيب.
ضمانات بروتوكولية غائبة وإجراءات وقائية غير كافية
وحول الضمانات الأساسية للأشخاص المحتجزين، والتي طالب بكفالتها أثناء عمليات التحقيق الأولي، شدّد المركز على الحق بالاستعانة بمحام، والحق بالتزام الصمت، وتسجيل ضبط الإفادة، وتوفير الفحوص الطبية حالما يدخل المحتجز مرفق الاحتجاز، أو التحقيق، وعند كل عملية نقل، بحيث تكون الفحوصات مهنية ومحايدة.
كما طالب بإطلاع الأشخاص المحتجزين على الحقوق المكفولة لهم، بحيث يشمل ذلك التبليغ دون تأخير بالأسباب، و/أو الأساس الوقائعي والقانوني، الذي يبرر الاعتقال، أو الاحتجاز، والحق في رفع دعوى أمام المحكمة والوصول إلى سُبل الانصاف الملائمة.
وفي استنتاجاته العامّة أورد التقرير استمرار ظاهرة الإفلات من العقاب، حيث أسهم قانون العفو العام في إفلات مرتكبي التعذيب من الملاحقة، واستمرار استخدام القوة المفرطة في عمليات إلقاء القبض، وفي فض الاعتصامات السلمية كما جرى في اعتصام المعلمين، ناهيك بالمعاملة المهينة للأشخاص واحتجازهم لفترات زمنية دون توجيه اي تهم لهم.
وأشار إلى استمرار التوسع في حالات التوقيف الإداري واستخدام أوامر الإعادة دون وجود أيّ ضوابط قانونية أو تشريعية، وإخضاع ذلك بشكل لافت لمزاجية أفراد الأمن العام.
ولفت أيضا إلى استمرار توقيف الاشخاص المشتبه بارتكابهم جرائم المخدرات البسيطة كالتعاطي، والحيازة بقصد التعاطي لفترات طويلة.
ونوه التقرير بعدم كفاية السياسات والتشريعات والإجراءات المطبقة على المستوى الوطني للوقاية من التعذيب، وبغياب الضمانات الإجرائية والوقائية التي تكفل حق الاشخاص المحتجزين المحرومون من حريتهم ، في إبلاغ ذويهم عن مكان وسبب احتجازهم، أو الاتصال بمحام وطبيب فور القبض عليهم.
وأكد غياب التحقيقات الفاعلة، مطالبا بكفالة إخضاع كبار المسؤولين للمساءلة شخصيّا في حالة تقصير مرؤوسيهم في منع التعذيب أو سوء المعاملة، لافتا إلى عدم فعالية التدريب الموجه لموظفي إنفاذ القانون.