هيومن رايتس تطالب بالافراج عن معتقلي الرأي في الأردن: سجن النشطاء لن ينهي مخاوف مشروعة!
جو 24 :
قالت "هيومن رايتس ووتش"، الخميس، إن السلطات الأردنية تسعى إلى الحد من مظاهرات عام 2019 التي خرجت احتجاجا على السياسات الاقتصادية، وذلك عبر استهداف قادة المظاهرات والمشاركين وغيرهم من المنتقدين بالمضايقة والاعتقال، مشيرة إلى اعتقال سبعة نشطاء على الأقل منذ سبتمبر/أيلول الماضي.
وأضافت المنظمة الحقوقية في بيان صحفي إن معظم المحتجزين يواجهون اتهامات تتعلق بمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، أو تهم "إطالة اللسان"، في حين تتهم آخرين بـ "التحريض على تقويض نظام الحكم"، وهي جريمة تصنف على أنها إرهابية وتخضع لاختصاص "محكمة أمن الدولة".
وقالت هيومن رايتس إنه ينبغي للسلطات الأردنية وقف استخدام أحكام جزائية غامضة للحد من حرية التعبير، والإفراج عن أي محتجز بسبب التعبير السلمي عن آرائه.
وقال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يواجه الأردن مشاكل اقتصادية وسياسية كبيرة تزيد من غضب المواطنين، لكن سجن النشطاء وانتهاك حقوق المتظاهرين لن يؤدي سوى إلى إخفاء السخط الشعبي. من الضروري السماح بحرية التعبير ليثق المواطنون بأن مخاوفهم مسموعة وتؤخذ بعين الاعتبار".
ولفت إلى أن السلطات احتجزت في 13 أكتوبر/تشرين الأول، الحقوقي مؤيد المجالي (47 عاما)، وهو موظف في وزارة العدل وباحث مستقل، وقدم طلب حق الحصول على المعلومات إلى مكتب رئيس الوزراء، والذي رفض الطلب.
ونقلت المنظمة عن أحد أفراد أسرة المجالي قوله إن عناصر أمن "بحث جنائي"، قاموا في 13 أكتوبر/تشرين الأول بتفتيش منزله، وصادروا أجهزته الإلكترونية، واعتقلوه. حيث نقلته السلطات في اليوم التالي إلى المدعي العام، الذي اتهمه بـ "إطالة اللسان، والافتراء على الملك، وإثارة النعرات والحض على النزاع" وذلك بسبب مقال نُشر على موقع إخباري محلي.
وأشارت المنظمة إلى أن محامي المجالي قدموا عشر طلبات كفالة، لكنها رُفضت. كما أن وزارة العدل أوقفته عن العمل في 15 أكتوبر/تشرين الأول، وهو محتجز حاليا قيد المحاكمة في سجن ماركا في عمان.
وتابعت المنظمة في اطار رصد حالات الاعتقال، فقالت إنه مجموعة من الأردنيين العاطلين عن العمل في مدينة الكرك جنوب المملكة بدأوا اعتصاما مفتوحا أمام مبنى المحافظة في 31 أكتوبر/تشرين الأول. وفي 15 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتقلت السلطات مشاركا في الاعتصام، خالد الصرايرة (23 عاما)، وناشطين آخرين، لعدم حملهم بطاقات الهوية.
ونقلت "هيومن رايتس ووتش" عن أحد أفراد العائلة قوله إن أفرادا من عائلة الصرايرة ذهبوا إلى مركز الشرطة المحلي لتقديم هويته، لكن الشرطة رفضت إطلاق سراحه. قال أفراد من العائلة إن المدعي العام أمر باحتجازه لأسبوع للاشتباه في انتقاده الملك، ثم أُطلق سراحه في 21 نوفمبر/تشرين الثاني.
وتابعت المنظمة، إنه وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول، اعتقل عناصر من "الأمن الوقائي" ناشطا آخر، علاء ملكاوي (34 عاما)، بينما كان متوجها إلى مظاهرة مقررة في الدوار الرابع في عمان، بجانب مبنى رئاسة الوزراء. حيث جرى نقله إلى "وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية" التابعة للشرطة، واتهمته السلطات بإطالة اللسان على الملك والمشاركة في تجمهر غير مشروع.
وأضافت هيومن رايتس إن السلطات مددت احتجازه إداريا في 25 نوفمبر/تشرين الثاني. حيث أبلغ محاميه هيومن رايتس ووتش بأن الاتهام مبني على مقطع فيديو نُشر على الإنترنت في 2018 يظهر فيه في مظاهرة يسأل فيها السلطات الأردنية، "ماذا فعلتِ في آخر 20 عاما؟".
كما احتجزت السلطات أربعة نشطاء ينتمون إلى حراك بني حسن، وهو تحالف نظمه ناشطون ينتمون إلى إحدى أكبر العشائر في البلاد مطالبة بإصلاحات سياسية. في الأشهر الأخيرة، نظم حراك بني حسن مظاهرات في محافظات مختلفة، لكنه انضم أيضا إلى المظاهرات الأسبوعية أمام مكتب رئيس الوزراء في عمان.
وقال شاهد لـ هيومن رايتس ووتش إن أحد أعضاء الحراك، هشام السراحين (50 عاما)، اعتُقل في 25 أكتوبر/تشرين الأول عندما أغلق حوالي 50 شرطيا بالزي الرسمي وعناصر بملابس مدنية الطريق لإيقاف السيارة التي كان يستقلها. وأخذت الشرطة السراحين إلى الأمن الوقائي في عمان لاستجوابه ثم نقلته إلى النيابة العامة لأمن الدولة.
وقال محاميه لـ هيومن رايتس ووتش إن المدعي العام أمر باحتجازه بتهمة "التحريض على تقويض نظام الحكم" استنادا إلى مقطع فيديو نُشر على الإنترنت لمظاهرة كان يهتف فيها.
قال ناشط وأحد أفراد أسرته لـ هيومن رايتس ووتش إن مجموعة من حوالي 25 رجلا ملثما اعتقلوا عضوا آخر في الحراك، عبد الله الخلايلة (42 عاما)، في 27 أكتوبر/تشرين الأول في صالة رياضية بينما كان يتمرن. قال محاميه إنه متهم بـ "التحريض على تقويض نظام الحكم" وإطالة اللسان استنادا إلى مقاطع فيديو منشورة على حسابه في فيسبوك. يوجد حاليا في سجن ماركا.
وأدت اعتقالات السراحين والخلايلة إلى مظاهرات عنيفة في الشارع من قبل سكان حي عوجان في الزرقاء، حيث يُقيم كلا الناشطين.
وقال ناشط لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات اعتقلت عضوا آخر في الحراك، خالد الخلايلة (53 عاما)، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني بعد تنظيمه مظاهرة سلمية أمام مبنى محافظة الزرقاء للمطالبة بالإفراج عن الرجلين. أمر المدعي العام باحتجازه لأسبوعين بتهمة "إطالة اللسان"، وما زال محتجزا قيد التحقيق.
وقال أحد أفراد عائلة عضو رابع في الحراك، عبد الرحمن الشديفات (30 عاما)، لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات اعتقلته في 10 نوفمبر/تشرين الثاني بعد انتهائه من مقابلة عمل في المفرق. وقد ظل مكان الشديفات مجهولا حتى 15 نوفمبر/تشرين الثاني، عندما تمكنت عائلته من زيارته في سجن "باب الهوى" في إربد.
وقال أحد أفراد العائلة الذي تحدث إلى شديفات إن سبعة رجال ملثمين على الأقل أحاطوا به لدى مغادرته المقابلة واعتقلوه دون تقديم مذكرة توقيف. حيث أخذوه إلى قسم الأمن الوقائي في عمان، واستُجوب لأربع ساعات حول نشاطه. وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني، نقلته السلطات إلى مدعي عام أمن الدولة، الذي أمر باحتجازه بتهمة التحريض على تقويض نظام الحكم، وإطالة اللسان، وإثارة الفتنة التي من شأنها الإخلال بالشأن العام.
عبد الكريم الشريدة (52 عاما)، محام ورئيس منظمة غير حكومية محلية، يخضع حاليا للمحاكمة بسبب إطالة اللسان على الملك. قال لـ هيومن رايتس ووتش إن وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية التابعة للشرطة الأردنية استدعته في 2 سبتمبر/أيلول واحتجزته. وقد أُطلق سراحه بعد أسبوعين في انتظار المحاكمة. الدليل ضد الشريدة هو مقطع فيديو نشره على صفحته على فيسبوك عن مستويات الفقر المرتفعة في البلاد والفساد الظاهر.
منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، بدأ الأردنيون بتغريد وسم #بكفي_اعتقالات #stop_arrestjo للفت الانتباه إلى الاعتقالات وللضغط على السلطات للإفراج عن جميع المحتجزين بتهم تتعلق بتصريحاتهم السلمية وانتقاداتهم للسلطات.
حرية التعبير مكفولة بموجب المادة 15 من "الدستور الأردني". يحمي "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، والأردن دولة طرف فيه، حق كل إنسان في حرية التعبير، بما في ذلك "حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها" (المادة 19).
لا يسمح القانون الدولي سوى بقيود ضيقة التعريف على هذه الحقوق، تكون متسقة مع القانون وضرورية في مجتمع ديمقراطي لحماية الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. نادرا ما تحد هذه القيود من النقد العلني والسلمي لقادة الدولة ومؤسساتها.
قال بَيج: "تخيير الناشطين الأردنيين بين غلق أفواههم والعودة إلى بيوتهم أو التعرض للاعتقال لن ينهي المخاوف المشروعة بشأن الوضع الاقتصادي أو ما يعتُبر أنه فساد حكومي".