2024-07-30 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

سيدات يواجهن خيارا صعبا: إما الأمومة أو التمتع بالحق في العمل

سيدات يواجهن خيارا صعبا: إما الأمومة أو التمتع بالحق في العمل
جو 24 :

سلام الخطيب- إربد - رغم أن جميع النصوص والاتفاقيات الدولية تعطي المرأة الحق الكامل في العمل على قدم المساواة مع الرجل، إلّا أن عمل المرأة في الأردن ما يزال يواجه عادات وتقاليد اجتماعية، تحرم المرأة من حقها في ممارسة أي عمل ترغب به.

وبينما يحصر البعض فرص عمل المرأة في مهن محددة، يذهب آخرون إلى اعتبار أن مكان المرأة بيتها، وأن عليها الاختيار بين ممارسة حقها في العمل، أو التمتع بفطرتها الطبيعية بالأمومة.

إلى ذلك، تلزم اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" الدول الموقعة عليها، ومن بينها الأردن، بفرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وضمان الحماية الفاعلة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد، من أي عمل تمييزي، والامتناع عن مباشرة أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضد المرأة ، وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق وهذا الالتزام.

كما توجب الاتفاقية على الدول الأطراف اتخاذ التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة، واتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير وابطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة.

نساء يعانين حرمانا من حقهن في العمل

"أم يزن" امرأة في الأربعين من عمرها، تعرضت لامتهان في حقها في الحصول على عمل يتلائم مع درجة تعليمها. وتقول إن والدها كان قد سمح لها أن تنهي دراستها وأعطاها الحق في اختيار العمل الذي تريد، ولكنها وبعد أن تزوجت بدأت تتوالى عليها ضروب الحرمان واحدة تلو الأخرى.

وتوضح "ام يزن" أن زوجها كان صرح لها بحقها بالعمل قبل الزواج، ولكن ما زاد الأمر سوءاً أن أقواله تغيرت بعد أن تزوجا، فها هو يحرمها من أبسط الأولويات، حتى أنه يكاد يحرمها من الخروج من المنزل، وحجته في ذلك بأن المرأة "حين تقبض الأموال تبذرها بأساليب خاطئة، لدرجة قد تضر بالأولاد".

"حكمت" حالة أخرى أجبرها زوجها على ترك العمل لتتفرغ لتربية أولادها، نظرا لأن ساعات عملها كانت طويلة حتى باتت تصل متأخرة الى بيتها وأبنائها، فحُرمت من العمل مقابل الاعتناء بهم.

أما "ساجدة" فأكدت على أن تركها لعملها كان من أصعب المواقف التي تعرضت لها في حياتها، حيث كانت تعمل كممرضة في أحد المستشفيات، الأمر الذي كان يلزمها بالدوام المسائي في المستشفى وهو ما كان يُغضِب زوجها، الذي طلب منها في نهاية المطاف ترك عملها.

إلى ذلك، قالت مستشارة النوع والتنمية الاجتماعية رندة نفاع إن المجتمع ما يزال ينظر للمرأة بصورة تقليدية، ويعتبر أن دورها يتمركز في بيتها وتربية أطفالها، وأن دورها في العمل ليس سوى دورا ثانويا.

وبينت أن هناك تغيير قد طرأ على تلك النظرة دون أن يصاحبه تغيير في بيئة العمل، حيث أنه ورغم أن المجتمع أعطى المرأة قليلا من الحرية لمباشرة عملها، إلا أن ظروف بيئة العمل وقفت عائقا أمامها ومنعتها من استكمال متطلبات وظيفتها.

وأشارت إلى أن هناك تباينا بين نسبة التحاق النساء بالتعليم العالي ونسبة انضمامهن لسوق العمل، حيث شكلت النساء ما نسبته 60% في التعليم العالي والباقي من الذكور، في حين تصل نسبة النساء في سوق العمل إلى 23.1 بالمائة من مجموع الأيدي العاملة.

ولذلك تعتبر نفاع أن طاقات النساء المتعلمات "كامنة وغير فعالة، وما يسبب ذلك هو أن بيئة العمل ما تزال غير مؤهلة بالطريقة التي تضمن حقوق المرأة، كما أن القوانين الخاصة بالمرأة غير مفعلة كضمان حقها في الرضاعة والحضانة والأمومة".

وأوضحت أن الفئة العمرية 50 سنة فما فوق تشكل 1% من معدل النساء العاملات فيما تشكل الفئة العمرية 30-40 سنة أقل نسبة نساء في سوق العمل حيث تكون المرأة مؤهلة للزواج في هذه الفترة العمرية وبالتالي تشعر بأن عليها ضغوطات ومسؤوليات متعددة كالاعتناء بزوجها وأطفالها، إضافة إلى الضغوطات التي يفرضها عليها صاحب العمل كحرمانها من إجازة كافية للأمومة والرضاعة والحضانة.

ومن جانبه، قال المحامي في حقوق الإنسان عبد الرحمن العمري إنه ورغم وجود بعض المعارضين لعمل المرأة إلا أنها أصبحت تحمل عبئا لا بأس به عن كاهل الرجل في ظل الظروف الاقتصادية التي جعلت المجتمع يذعن إلى رغبة المرأة في العمل، إضافة إلى أن معظم المقبلين على الزواج أصبحوا يبحثون عن المرأة العاملة كشرط لاختيار شريكة الحياة.

وأكد على أنه ما يزال هناك من هم متمسكون ببعض العادات والتقاليد التي تحرّم عمل المرأة والذين يفضلون وجودها في بيتها لتقوم بأعمالها المنزليه دون الالتفات لرغبتها الشخصيه في القيام بالعمل الخارج.

ولفت إلى أن الشريعة الاسلامية والقوانين الدولية أشارت إلى حق المرأة في امتهان المهنة التي ترغب بها، حيث أن المرأة اثبتت مؤخرا قدرتها على القيام بالأعمال المنزلية، بالاضافة إلى عملها الخارجي أي أنها تفوقت على الرجل في قدرتها على العمل، وبالتالي "لا يجوز لأي شخص أن يمنعها من قيامها بعملها باعتباره ضمن اطار الحريات الشخصية وتحديد المصير كالتعليم أو أي حق آخر".

وبينت دراسة أجرتها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي أن نسبة النساء العاملات في الأردن بلغت (23,1%) من مجموع المشتغلين فيما شكلت نسبة الذكور (76,9%)، مؤكدة أن المرأة العاملة ما تزال تلعب دورا هاما في رفع مستوى نصيب الفرد من الدخل وبنسبة (15,7%) في المتوسط ، برغم ارتفاع معدلات البطالة وتدني نسبة مشاركتها في سوق العمل.

وأشارت إلى أن أعلى نسبة عمالة للنساء تتمركز في قطاع التعليم حيث بلغت (42,7%) تليها الصناعات التحويلية بنسبة (16,2%) ونسبة (12,4%) لنشاط الصحة والعمل الاجتماعي، أما قطاع الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات فبلغت نسبة الإناث العاملات فيه (7,15%) وهذا يؤكد على أن المرأة تتجه للعمل في القطاعات التي تحتاج إلى مهارة ومستويات تعليمية عليا.

رأي الأزواج والأباء بعمل المرأة

وتختلف مواقف الأزواج والآباء من عمل المرأة بين القبول والرفض. يقول "عمر" وهو زوج لإمرأة تعمل كمعلمة في أحد المدارس إن عمل زوجته يجعله يتكبد عناء العودة إلى المنزل والقيام ببعض الأعمال المنزلية من ترتيب وتوضيب لحين قدومها من عملها وهذا يتطلب منه بذل جهد مضاعف إضافة إلى جهده في العمل، ولذلك أُجبر على حرمانها من عملها لكي يستطيع العودة إلى البيت وأخذ قسطا كافيا من الراحة دون بذل أي مجهود إضافي.

"أبو أيسر" رجل في الخمسين من عمره، لديه أربع فتيات، يقول إنه منع بناته من أي عمل، وحجته في ذلك أنهن في المستقبل وحين يتزوجن ستقوم كل واحدة منهن بمجهود كبير من مسؤوليات الزوج والبيت والأطفال، وذلك من وجهة نظره كاف لهن.

قانونيا، يلفت المحامي عبد الرحمن العمري إلى أنه لا يجوز حرمان أي شخص من حقوقه إلا وفق أحكام القانون أو بقرار قضائي، ولا يوجد أي نص يسمح للزوج او العائلة أو أي شخص حرمان المرأة من العمل.

وفي حال حرمت المرأة من عملها بين بأنه لا يوجد أي نص قانوني حول حق المرأة بالرجوع على من حرمها من حقها في العمل بالتعويض، إلا أنه يجوز لها المطالبة بالنفقة الشرعية حسب قانون الأحوال الشخصية الأردني.

وأكد على أنه في حال عدم موافقة الزوج على عمل المرأة يترتب عليها اسقاط حقها في المطالبة بالنفقة حسب نص المادة (61) من قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 36 لعام 2010 حيث ورد فيه: تستحق الزوجه التي تعمل خارج البيت النفقة بشرطين أولهما أن يكون العمل مشروعا، وثانيهما أن يوافق الزوج على العمل صراحة أو دلالة، كما أنه لا يجوز للزوج الرجوع عن موافقته على عمل المرأة إلا بسبب مشروع ودون أن يلحق بها ضررا.

وأشار إلى أن قانون العمل الأردني قد تولى آلية تنظيم عمل المرأة والمحافظة على حقوقها دون تمييز أو اعتبارها أدنى مستوى من الرجل.
الى ذلك، ووفقا للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية ، تتعهد الدول بضمان مساواة الذكور والإناث بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتنص المادة (6) من هذا العهد على "تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بالحق في العمل، الذي يشمل ما لكل شخص من حق في أن تتاح له امكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، وتقوم باتخاذ تدابير مناسبة لصون هذا الحق".

كما يعطي العهد المرأة، في البند الثاني من المادة (10) منه، الحق في أن يتوفر لها حماية خاصة للأمهات خلال فترة معقولة قبل الوضع وبعده، وينبغي منح الأمهات العاملات أثناء الفترة المذكورة اجازة مأجورة أو اجازة مصحوبة باستحقاقات ضمان اجتماعي كافية.

دور صاحب العمل في حرمان المرأة من العمل

بعض النساء كانت تشتكي من ضروب عديدة يفرضها عليهن أصحاب العمل وتلك الضروب كانت تؤدي إلى تخلي السيدات عن عملهن مقابل تنازلات معينة.

"سهام" واحدة من السيدات اللواتي عانين من ضغوط صاحب العمل. وتقول إنها حين أنجبت طفلها لم يعطيها صاحب العمل الحق الكافي لحضانة طفلها والاستمتاع بالأمومة، الأمر الذي أجبرها على الابتعاد عنه طيلة اليوم.

ورغم أن القوانين والتشريعات الدولية أعطتها الحق الكامل بحضانة طفلها إلا أن تلك القوانين ما تزال غير مفعلة وغير معمول بها ما أدى إلى تنازل سيدات عن عملهن مقابل إعطاء طفلها حقه الكامل من الرعاية.

"فداء" كانت تجبر على قطع مسافات طويلة للوصول إلى الحضانة التي تضع بها طفلها للإطمئنان عليه، الأمر الذي أدى بها في نهاية المطاف إلى ترك عملها.
من جهتها، نفاع إلى أن المادة (72) من قانون العمل تحمي حق المرأة كما تمنحها حق الحضانة لطفلها من صاحب العمل، حيث أن توفيرالحضانة لها يضعها بموقف عادل يشعرها بالاستقرار الوظيفي والعائلي ويفسح المجال أمامها للاستمتاع بالأمومة وبالتالي لن تجبر على ترك عملها.

وأشارت إلى أن توفير تلك الحقوق للمرأة يزيد من إنتاجيتها وثقتها بنفسها، إضافة إلى أن ذلك يخفف مصاريف ذهابها وإيابها لمكان حضانة طفلها حيث تذهب لتشاهده كما يختصر عليها الوقت والجهد الزائد.

وفي ذلك، أكد المحامي العمري على أن "جميع التشريعات الدولية والدستور الأردني قد كفلت حقوق متعددة ومنصفة لعمل المرأة يجب تطبيقها والعمل بها وإلا فإن ذلك يعتبر تعدٍ على حقوقها وتجاوز واختراق للأنظمة والقوانين".

ومن منظور حقوقي ووفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تتعهد الدول بكفالة تساوي جميع المواطنين بالحقوق والحريات الواردة فيه دون تمييز بينهم لجنس أو لغة أو عرق أو دين أو رأي سياسي أو غيرها. وتنص المادة (23) في البند الأول من الإعلان على أن "لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره بشروط عادلة مرضية، كما أن له حق الحماية من البطالة".

عمل المرأة وعلاقته بالتنمية والتطور

وتقول المستشارة نفاع إن عمل المرأة يؤدي إلى زيادة دخل الأسرة، وبالتالي يؤدي إلى تحسين الوضع الاقتصادي. وأشارت إلى أن نسبة النساء المشاركات في المناحي الاقتصادية بلغت 14,7% من مجموع النساء العاملات وفقا لدائرة الاحصاءات العامة، ما يشكل أقل نسبة مشاركة اقتصادية على المستوى الاقليمي.

أعدّ لبرنامج الاعلام و حقوق الانسان
مركز حماية و حرية الصحفيين

تابعو الأردن 24 على google news