jo24_banner
jo24_banner

قمة كولالمبور الاسلامية الخماسية ... هل ستكون البديل عن منظمة التعاون الإسلامي؟...

أحمد عبدالباسط الرجوب
جو 24 :

قمة كولالمبور الاسلامية الخماسية ... هل ستكون البديل عن منظمة التعاون الإسلامي؟... هل لديها عوامل القوة لمواجهة التحديات الأمنية والإسلاموفوبيا؟...


ابدأ من الدوحة حيث شهد مساء الجمعة 14 ديسمبر / كانون أول 2019 احتفال منحت فيه جامعة قطر الدكتوراه الفخرية الى الدكتور مهاتير بن محمد وأصلها بالعربية " محاضر بن محمد " رئيس وزراء ماليزيا ، - واستمعت كغيري من المئات الذين حضروا هذا الاحتفال والذي زخرت فيه قاعة ابن خلدون من المسؤولين والرسميين ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى دولة قطر وأساتذة الجامعة والخبراء والطلاب - الى حديث الاسطورة مهاتير محمد حيث أشاد بالعلاقات الرائعة بين دولة قطر وماليزيا ، وفي معرض حديثة قال دكتور مهاتير: نحن نعيش الآن في عالم متعدد الأقطاب، ولم يعد بالإمكان تأمين الرخاء والأمن من قبل أي دولة تتصرف بمعزل عن غيرها.. مشيرا إلى أن بلاده تبني علاقات صداقة مع الجميع وتقدر الحكومات والأنظمة وتدعو للاحترام المتبادل لسيادة الدول لأن هذه الأمور توفر البيئة السليمة للاستقرار العالمي.

(1) مهاتير محمد وقمة كولالمبور الإسلاميةً

كما قدمت لهذا المقال ،ومن متابعتي للنهوض الاقتصادي التي ارتقت اليها دولة ماليزيا خلال الفترة 1981 – 2003 وهى فترة تولى د. مهاتير محمد رئاسة الوزراء حيث كان رابع رئيس وزراء لماليزيا في تلك الفترة ، وتعد أطول فترة لرئيس وزراء في ماليزيا، وتعتبر من أطول فترات الحكم في آسيا ، وعند تقاعده تم منح مهاتير محمد وسام القائد الكبير لأمر المدافع عن الملك مما سمح له بتبني لقب " تون "... وبعد اعتزاله العمل السياسي أعلن عن خوضه من جديد للانتخابات العامة تلبية لرغبة الشعب الماليزي نظرا لتفشي الفساد في ماليزيا في عهد حكومة نجيب عبد الرزاق ليفوز بأغلبية المقاعد ويعلن عن تشكيل الوزارة ليصبح بذلك سابع رئيس وزراء لماليزيا، وبعمر 92 عاماً يصبح أكبر الحكام أعماراً في العالم...

لقد اسس د مهاتير محمد منتدى كوالالمبور في عام 2014، قبل توليه رئاسة الحكومة مجدداً بسنوات، والذي يمكن اعتباره النواة والفكرة الأساسية التي مهدت للوصول للتوافق حول عقد القمة المرتقبة هذا العام ، حيث كانت فكرة هذا المنتدى تدور حول جمع كوكبة من أهم المفكرين والباحثين والعلماء في العالم الإسلامي، في جهد فكري غير حكومي، للتباحث حول أهم القضايا التي تواجه العالم الإسلامي، خاصة قضايا الديمقراطية والحكم الرشيد ووضعوا أفكاراً وحلولاً للمشاكل التي تواجه المسلمين، ولهذا تأتي مشاركة القادة هذه المرَّة في القمة القادمة، للاتفاق على آلية لتنفيذ الأفكار والحلول التي يتم التوصل إليها.

تشهد العاصمة الماليزية كوالالمبور خلال الايام القادمة في هذا الشهر (19 ديسمبر / كانون الأول 2019)، قمة إسلاميةً عنوانها " دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية "، بحضور خمس دول هي: ماليزيا وقطر وتركيا وباكستان وإندونيسيا. وتعليقا على هذه القمة فقد صرح د مهاتير محمد : بأن هذه الدول الخمس " ستشكل نواة لبداية تعاون إسلامي أوسع يشمل مجالات عدة تواجه العالم الإسلامي، مثل التنمية الاقتصادية والدفاع والحفاظ على السيادة وقيم الثقافة والحرية والعدالة، إضافة إلى مواكبة التكنولوجيا الحديثة ". وقد أعلن مؤخراً عن حضور إيران القمة ممثلة في الرئيس حسن روحاني، فضلاً عن تمثيل رفيع لحركة حماس وجمهوريتي أوزبكستان وتتارستان وآخرين...

(2) لماذا خمس دول فقط؟

السؤال الذي يتبادر لذهن المراقبين والمتابعين لهذه القمة: لماذا خمس دول فقط؟ ، وهي تركيا وقطر وباكستان وإندونيسيا إلى جانب ماليزيا ،(لم تتاكد انباء عن حضور ايران بعد) ... ووفقا لتصريحات د مهاتير محمد بأن هذه الدول الخمس هى الأكثراستقرارًا والأقوى فى الإمكانات والقدرة والرغبة فى حل مشاكل المسلمين ووقف حروبهم وحقن دمائهم ، فالمسلمون يشكلون أغلبية الضحايا في الحروب والكوارث التى تجري في أنحاء العالم ، وعلى هامش مشاركة الدول الاسلامية الاخرى فقد بين رئيس الوزراء الماليزي بانهم قد وجهوا دعوات للدول الاسلامية وسيحضرون بوفود أقل درجة في التمثيل ... ومن المتوقع ان يشارك في هذه القمة 450 شخصية إسلامية بين قادة سياسيين ومفكرين وعلماء دين، للتناقش وإعطاء آرائهم وأفكارهم حول أنسب الحلول لمواجهة مشكلات المسلمين حول العالم...

على غير نمط القمم الاسلامية السابقة فقد اضحى الهدف من انعقادها هذه المرَّة هو ( النقاش والبحث عن حلول عملية، لمواجهة المشاكل التي تواجه العالم الإسلامي والمسلمين حول العالم) ... لقد جاءت فكرة عقد القمة الإسلامية، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي عقدت مؤخرا في نيويورك شهر سبتمبر/ أيلول 2019 ، في أثناء لقاء رئيس الوزراء مهاتير محمد مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس وزراء باكستان عمران خان ، ثم اتسعت الدائرة بعد ذلك لتشمل إندونيسيا وقطر لتكون القمة المنتظرة خماسية (أو أكبر من ذلك حال انضمام آخرين إليها)...

غير بعيد عن فكر وتطلعات د مهاتير محمد فإننا نقرا تصريحات الرئيس أردوغان في أواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي حيث أطلق مبادرة " لإطلاق عهد التحرك لنشر الإسلام لكل دول العالم "، حيث صرح بأننا " ننهي الآن عهد المنطق القائل: فلنشرح ديننا لمن جاء إلينا، ونبدأ عهد طرق كل الأبواب لتعليم ديننا العظيم " وقال " إن الفراغات التي لم يستطع ملئها العلماء المخلصون، بلا شك سيملؤها تجار الدين "، وبالطبع فإن من أهم الآثار المترتبة على تلك الصورة الذهنية السلبية هو تنامي مشكلة الإسلاموفوبيا حول العالم، وتعرض المسلمين للاستضعاف في كل مكان، وعدم القدرة على مواجهة الجهود المنظمة التي تقود " صناعة الإسلاموفوبيا " التي تدعمها العديد من الجهات المؤثرة حول العالم، والتي تؤدي إلى ارتكاب الكثير من الجرائم المدفوعة بالكراهية والجهل بحقيقة الإسلام. وقد عبر الرئيس أردوغان مؤخراً منذ عدة أيام في حديث مع ممثلي الجاليات التركية والإسلامية في بريطانيا عن اعتراضه الدائم عمن يصفون الأحداث الإرهابية التي قد يرتكبها مسلمون بأنها " إرهاب إسلامي " في حين لا يصفون أحداثاً مماثلة يرتكبها منتسبون لديانات أخرى بأنها إرهاب تابع لهذه الديانات.

وفي استعراضنا لعوامل القوة التي تمتلكها الدول المشاركة في هذه القمة فقد تبدو بالفعل الإمكانيات المتوفرة لدى الدول الخمسة والتي ستشارك بالقمة والمتمثلة بالتعداد السكاني الذي يفوق خمسمائة مليون نسمة، بالاضافة الى القوة العسكرية التي تمتلكها دول مثل الباكستان عددا وتسليحا نوعيا متمثلا امتلاكها للقوة النووية وكما يضاف الى ذلك تركيا وحيازتها على قوة عسكرية كبيرة، وتشكل تركيا مع ماليزيا قوة اقتصادية وصناعية وتكنولوجية متميزة، وتوفر قطر قوة اقتصادية كبيرة، كما تتميز الدول الأربع الأكبر في المجموعة بعدم اعتماد اقتصاداتها على مواردها الطبيعية فقط، بل تعتمد بالأساس على إنتاجها ومواردها البشرية المتطورة مما يجعل من هذه الدول مجتمعة رادعا لاي تهديد قد تتعرض له ومن اي طرف...

(3) اهمية هذه القمة

1. خطوة اولية لمساعدة المسلمين على استعادة أمجادهم الماضية، أو على الأقل على تجنُّب الإذلال والاضطهاد الذي نشهده حول العالم بحق المسلمين هذه الأيام مثل ما يتعرض له مسلمو الروهينغا في ميانمار، ومعاملة الهند للمسلمين بكشمير، وطرد المسلمين من أوطانهم وهو ما عبر عنه موقف د.مهاتير محمد من الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. والذي يشكل هاجسا مستداماً على امتداد العالم الإسلامي، ولم تستطع منظمة التعاون الإسلامي، التي نشأت بالأساس في العام 1969 لأسباب متعلقة بهذه القضية، أن تقدم لها شيئاً يذكر ولا وضع حد للاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الشعب الفلسطيني.

2. التعاون مع الدول الإسلامية الأخرى لمواجهة الإسلاموفوبيا، التي تشهد ازدياداً في أنحاء العالم نتيجة ربط الإرهاب أحياناً كثيرة بالدين الإسلامي وتصنيف الإسلام كدين إرهاب

3. الاخذ بيد بعض الدول الاسلامية والنهوض بها ، حيث ان غالبية الدول الإسلامية ليست دولاً متطورة، وأن بعضها أصبحت " دولاً فاشلة " ، ولجعلها تواكب الركب العالمي في صروح المعرفة والتطور العلمي والتكنولوجي.

4. إطلاق عهد التحرك لنشر الإسلام لكل دول العالم وفقا لتصريحات الرئيس اردوغان كما اسلفت.

في قرأتنا لتاريخ القمم الاسلامية والمبادرات التي انطلقت بشأن العمل الاسلامي الجماعي الهادف لجمع كلمة الامة الاسلامية ، علينا ان نتذكر مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية ( مصر، ونيجيريا وباكستان، وإيران، وإندونيسيا، وماليزيا، وتركيا، وبنغلاديش) وكانت تهدف المنظمة إلى تدعيم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين الدول المنظمة وقد تأسست في تركيا عام 1997م بمبادرة دعا إليها رئيس الوزراء التركي الراحل نجم الدين أربكان، والتي لم تنجح في القيام بأدوار مؤثرة على الساحة الإسلامية والدولية لعدة أسباب يتعلق أولها بالخلافات الرئيسية الكبيرة في التوجهات السياسية بين عدد من الدول المكونة لمجموعة الثمانية، بما لا يتواجد بنفس القدر بين مجموعة الدول المدعوة لكوالالمبور!... إذن كيف يجب أن تتجنب قمة كوالالمبور نفس المصير؟...

اخيرا وليس اخرا تبرز عدة استفسارات عن أسباب غياب دول الثقل العربي في هذا التكتل، الذي يمثل في أغلبه التجمع المسلم غير العربي الأكبر على امتداد العالم الإسلامي، وغياب دول كبيرة مثل السعودية ومصر ، ... وفي موازاة ذلك يبرز تساؤل حول التواجد الايراني وما يمكن أن تضيفه لهذه القمة من إمكانيات وقيمة مضافة، وذلك برغم الاختلاف في عدد من التوجهات الأساسية، حيث أن الفكرة السائدة في العالم السني هي أن إيران تتحرك وفقاً لمشروع شيعي يصطدم بثوابت سنية، رغم نفي إيران هذا الأمر بشكل دائم، ... في المجمل علينا ان ننتظر ظهور الدخان الابيض في سماء كولالمبور ايذانا بالمعلن من قرارات هذه القمة والايام حبلى بالمفاجأت...

باحث ومخطط استراتيجي

arajoub21@yahoo.com
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير