إثر استهداف الصحافة الاسرائيلية للنظام الاردني.. هل يقرأ الرسميون إسرائيل بدقة؟
جو 24 :
كتب د. حسن البراري -
عجت الصحف الإسرائيلية في الفترة الاخيرة بمقالات تكشف حقيقة ما يعتمل في عقول اليمين الإسرائيلي المهيمن إزاء النظام الهاشمي الأردني، واللافت أن القاسم المشترك بين كل ما يكتب في هذه الأيام هو تلك الفكرة الاستشراقية التي تفيد بأن بقاء (survival) النظام الهاشمي في الأردن مرهون بموقف إسرائيل ورضاها عن النظام.
فيكفي أن نلقي نظرة على عينة ما تكتبه كارولين غليك من صحيفة إسرائيل اليوم المقربة من نتنياهو و موتي كاربيل من صحيفة مكور ريشون اليمينة وأريه ألداد وما يكتبه في صحيفة معاريف لإماطة اللثام عن الوجه الحقيقي لليمين الصهيوني والموقف الصادم لدى من يسيطر على مفاصل صنع القرار في الكيان الصهيوني.
لليمين الإسرائيلي هدفان أحدهما تكتيكي يقضي بالتأسيس لدينامية تفضي إلى انهاء معاهدة السلام مع الأردن – وأعتقد أن الأمريجري الآن على قدم وساق – في حين أن الهدف الاستراتيجي يتمثل بالتخلص من النظام الأردني حتى يتسنى تحويل الأردن إلى دولة فلسطينية. وعليه فإن كل التصريحات السابقة لقادة اليمين الإسرائيلي بخصوص مركزية العلاقة مع الأردن ما هي إلا سحابة دخان تخفي خلفها استراتيجية واضحة تستند إلى خلق الوقائع على الارض لدفع النظام الأردني للقبول بالمخططات الصهيونية أو لمواجه مصيره. وتشكف كتابات المحسوبين على نتنياهو – وحتى خليفته المحتمل جدعون سعر الذي ينتمي لنفس الهدف – بأنهم يأملون بربيع أردني تمتلأ به المدن الأردنية بالمتظاهرين من أردنيين من أصول فلسطينية حتى يجري التغيير المنشود إسرائيليا.
امام كل هذا السيل الجارف من المقالات نرى بأن استجابة الأردن ضعيفة ومترددة، وهذا يطرح تساؤل في غاية الأهمية: هل يقرأ الرسميون إسرائيل بدقة؟ وإذا كان الجواب بالايجاب عندها نسأل نحن عن مبرر اندلاق الأردن في علاقة مع كيان يستهدفها؟ لماذا تصر الحكومة على اتفاقية غاز ستفاقم من اعتمادية الأردن على إسرائيل؟ إلا يكفي التهديدات بوقف تزويد الأردن بالمياه؟ بتقديري أن التقارب مع إسرائيل يعني من جملة ما يعني تزويد إسرائيل بذخيرة اضافية لدفع النظام على الامتثال لما تريده في نهاية الأمر.
كتبت غير مرة عن وجود نخب أردنية تم اعدادها لتسيد المشهد السياسي والاقتصادي بهدف افقار الأردن توطئة لدفع الشارع الأردني إلى القبول بما تريده إسرائيل بما يضمن يهودية وديمقراطية اكبر مساحة ممكنة من الضفة الغربية بما فيها غور الأردن، أو مواجهة صعوبات اقتصادية اضافية يعتقد الإسرائيليون بأنها ستقصم ظهر الأردنيين.
شخصيا لا اشتري ما يقوله الرسميون، فقد اكتوينا بنيران تسخيف الرسميين بما يقوله الآخر في وقت يزداد الوضع فيه حرجا، فاصرار بعض نخب وادي عربة على أن الأردن لا يلتفت لفزاعات اليمين الإسرائيلي تخفي أيضا نوعا من التواطؤ مع مثل هذه المشاريع، وكأنهم على اطلاع بما سيجري في قادم الأيام أو لعل هذه هي وظيفتهم الأساسية.
ويبقى ان نسأل هنا: ما الذي تغير؟ لماذا يظن الصهاينة اليوم انهم قادرون بكل هذه العنجهية والغطرسة على لي ذراعنا و سلب ارادتنا والعبث بحاضرنا ومستقبل ابنائنا ؟ الم نناصب الكيان الصهيوني العداء قبل توقيع اتفاقية السلام ، وعندها لم نكن نخشى شيئا على الاطلاق ولم نكن نسأل انفسنا هذه الاسئلة الوجودية الحرجة ؟ ما الذي تغير اذا ؟ اين هم رجالات الدولة القادرون اليوم وقبل فوات الاوان على اعادة خيوط اللعبة الى ايدينا ،بدل حالة الارتهان والانبطاح والاذعان لعدونا المرتبص والمتأهب للانقضاض على النظام والدولة ..