مواقع التواصل الاجتماعي تجرف المراهقين لعلاقات غير سوية
تعرضت رشا، وهو اسم مستعار، لفتاة تبلغ من العمر خمسة عشر عاماً لمضايقات من احد الشباب الذي جمعتها معه علاقة بدأت من خلال موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) وكانت علاقة تعارف لتنتهي بالتقاء الفتاة بالشاب والتواصل عبر الهاتف الخلوي.
الفتاة التي لم تدرك ما أقدمت عليه بدأت تتعرض لاستغلال واضح من قبل الشاب من خلال تهديده لها بنشر صورها على الفيس بوك وإعلام اسرتها بعلاقته معها التي لم تتعدَ حدود الالتقاء به في الاماكن العامة.
حالة الفتاة هذه تتكرر بشكل واضح مع فتيات أخريات بمرحلة المراهقة نتيجة غياب الرقابة الاسرية والمتابعة الحقيقية لهن خلال هذه المرحلة الحرجة من حياتهن فتقع الفتاة فريسة استغلال واضح من قبل الشباب الذين يبدأون علاقاتهم مع الفتيات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ثم يتم استدراجهن خارج هذا الاطار لتقع الفتاة في نهاية الامر تحت التهديد بنشر صورها فتعيش حالة من الضغط النفسي الكبير والخوف مما يجعلها تقدم على حلول تهدد حياتها تتمثل اما بالهرب من منزل اسرتها او محاولة الانتحار.
وتشهد المولات والنوادي مكانا لالتقاء الفتيات والشباب خصوصاً مع اقتراب العطلة الصيفية وهو سلوك يحذر منه الاخصائيون الاجتماعيون كونه يسهم في انتشار العلاقات غير السوية بين الفتيات والشباب في اجواء من الحرية غير المسؤولة واصرار الفتيات على نيل الحرية التي يرينها في خروجهن للمولات والالتقاء باصدقائهن.
محاولات استغلال الفتيات اصبحت ظاهرة منتشرة بالمجتمع لا تقع كامل المسؤولية عليها على الشباب فقط بل على الفتيات واسرهن، فالفتاة التي تنساق وراء علاقات، وهي في عمر مبكر من حياتها، وتعتبر هذا امراً طبيعياً يتماشى مع تغيرات العصر والحداثة لا بد ان تواجه مشاكل كبيرة قد تنتهي بها الى سلوكيات اكثر خطورة.
وقد شهدت دار الوفاق الاسري التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية استقبال حالات لفتيات تتراوح اعمارهن بين عمر الرابعة عشرة الى الثامنة عشرة تغيبن عن منازلهن العام الماضي ووصل عددهن الى 82 حالة، ما يعكس مدى تنامي هذه الظاهرة.
فتغيب الفتاة عن منزلها يعني انها قد تعرضت لضغوطات نفسية كبيرة او انها تعيش حالة من الخوف من اسرتها مما دفعها لانتهاج مثل هذا السلوك.
الاخصائية الاجتماعية سهى النبر اشارت الى خطورة هذه القضية التي تترك اثارا نفسية واجتماعية على الفتيات المراهقات بشكل واضح.
وقالت: ان مفهوم الحرية اصبح يرتبط بمفاهيم غير مسؤولة بدأت تنتشر بين المراهقات؛ فاقامة علاقات والخروج من المنازل وقضاء اوقات طويلة خارجه وارتياد المقاهي والمولات باتت سلوكيات متبعة بين المراهقين والمراهقات دون ان يدركوا حجم خطورتها ان لم تكن في اطارها الصحيح.
ونبهت النبر الى ضرورة ابقاء الحوار والثقة المسؤولة بين الاهل وابنائهم وبناتهم؛ فاعطاء الحرية الكاملة لهم دون مراقبة سلوكياتهم والتعرف على اصدقائهم واسرهم يسهم في انتشار مشاكل كثيرة لا يقف حدودها عند اقامة علاقات بين الشباب والفتيات فحسب بل قد تمتد الى تعاطي المخدرات والادمان على الكحول، مشيرة الى ان البدء بسلوكيات خاطئة والتمادي بها لا بد في نهاية الامر ان يترك آثاراً سلبية على حياة المراهقين والمراهقات.
وفي الوقت الذي يؤكد الاخصائيون الاجتماعيون ان نسبة كبيرة من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت هم من فئة الشباب والمراهقين فانهم يؤكدون ان هذه المواقع اصبحت مصدراً للتعارف بين المراهقين والتي تقود الى اقامة علاقات تخلو من المسؤولية ويكون هدفها التسلية وقضاء وقت الفراغ الى جانب التباهي بين الشباب بمعرفتهم بالفتيات.
وتؤكد النبر أن مفهوم العلاقات بين المراهقين والمراهقات اصبح امراً طبيعياً وهنا تكمن المشكلة فالفتيات اللواتي لا يقمن علاقات مع الشباب اصبحن في نظر زميلاتهن غير سويات ولا يعشن مرحلتهن العمرية الحقيقية، لافتة الى ان هذا التفكير الخاطئ قد يؤثر على الفتاة الواعية فتشعر انها مختلفة عن الاخريات وتحاول ان تزج بنفسها في عالم يخلو من البراءة لتشعر نفسها غير مختلفة.
وتضيف ان المسؤولية الكبرى تقع على الاسر التي عليها ان تتفهم متغيرات المجتمع وتحافظ في الوقت ذاته على مفهوم الحرية الذي لا يتناقض مع التربية والمحافظة على حياة بناتهن وابنائهن فالحرية لا تعني ان يحظى الابناء بكل ما يريدونه من خروج من المنزل في اي وقت يرغبون به ويعودون تبعا لرغبتهم واقامة علاقات غير سوية وقضاء اوقات طويلة في المولات والمقاهي دون رقابة من الاسر.
وتعتبر ان الرقابة الاسرية والوالدية لا تعني حرمان الابناء من اوقات الترفيه واقامة علاقات اجتماعية مع زملائهم على ان تبقى في حدودها الطبيعية فان يشعر الابناء بانهم مراقبون وان ما يفعلونه معلوم لدى اسرهم يحميهم من الوقوع في الخطأ.
وتشير الى ان هناك اسراً تقوم بالسماح لبناتها وابنائها بالخروج الى المولات بمفردهم ثم العودة لاصطحابهم الى المنزل وهي لا تعلم ما يمكن ان يتعرضوا اليه في الفترة التي قضوها بمفردهم
فمرحلة المراهقة في زمن الحرية ومواقع التواصل الاجتماعي والانترنت اصبحت بحاجة الى رقابة حقيقية من قبل الاسر وعدم الاكتفاء بالمعلومات التي يحصلون عليها من ابنائهم فالثقة غير المسؤولة قد تنتهي بضياع مستقبلهم وجرح طفولتهم والزج بهم لعالم ليس عالمهم، لا يخلو من تجارب مؤلمة قد يدفعون ثمنها حياتهم ومستقبلهم.
سهير بشناق _ الراي