إذا أردت أن تكتشف أسرار النفس البشرية شاهد هذه الأفلام
تتميز الدراما النفسية بنوع من الإثارة أكثر إبداعا وأعمق تأثيرا، يزعج مشاعر المشاهد ويستفز أفكاره ويبقيه في حالة من التوتر تختلف عما يجده في أفلام الرعب التقليدية. فمنذ ظهورها كانت الأفلام السينمائية مادة خصبة لتناول الأمراض النفسية بمختلف أشكالها، في محاولة منها لسبر أغوار النفس البشرية وكشف أسرارها وهي في عز اضطرابها.
لذا "كان الأطباء النفسيون يهتمون بالسينما ليرصدوا مدى تأثيرها في الناس. ولعل هذا يفسر تزامن ظهور علم النفس المعملي، والتحليل النفسي الإكلينيكي مع ظهور السينما أواخر القرن التاسع عشر"، بحسب ما ورد في كتاب "السينما وعلم النفس علاقة لا تنتهي" للمعالج النفسي سكيب داين يونج.
ولولا السينما ما انتشرالوعي بالمرض النفسي وثقافة التعامل معه، والتعرف على أمراض مثل اضطراب الشخصية الانفصامية والاكتئاب والاضطراب الوجداني والوسواس القهري وغيرها. وهذه نماذج من أفضل الأفلام التي تناولت بعض الحالات النفسية التي تعتري الإنسان من زوايا مختلفة.
لسع الكرباج
"لسع الكرباج" (Whiplash) فيلم دراما أميركي إنتاج عام 2014. رغمأنه فيلم موسيقي ترتكز أحداثه الدرامية على الموسيقى، فإن مثالية المعلم ترانس فليتشر (جي كيه سيمونز) الأقرب إلى السلوك السادي المجنون الذي يحطم ويضرب ويضغط على تلامذته حتى يدفعهم للإحباط والبكاء والانتحار أحيانا، حوّلته إلى ما يشبه حفل تعذيب متواصل على إيقاع السياط، لا سيما في مواجهة قارع الطبول الطموح أندرو نيمان (مايلز تيلر).
كما جاءت البروفات الموسيقية في الفيلم بإيقاع عنيف أشبه بمباريات الملاكمة، إذ يدخل المايسترو فليتشر ويخلع سترته فتبرز عضلات ذراعيه، وعندما يرفع قبضته غاضبا لإيقاف العزف، يبدو وكأنه يوجه لتلامذته لكمة قوية، يظهر أثرها في المشاهد المقربة لوجوههم التي تتصبب عرقا، ودماء بعضهم المتساقطة من قسوة التدريبات.
الفيلم من تأليف وإخراج دميان شازيل، بطولة مايلز تيلر وجي كيه سيمونز، وقد رُشح لخمس جوائز أوسكار فاز بثلاث منها إلى جانب عشرات الجوائز والترشيحات الأخرى.
الخيوط الوهمية
"الخيوط الوهمية" (Phantom Thread) فيلم دراما أميركي إنتاج 2017، تشابكت فيه الخيوط الوهمية على إيقاع مقطوعات من موسيقى البريطاني جوني جريينوود، وحرفية العنصر البصري لدى المخرج بول توماس أندرسون. وفي الفليمتتقاطع آمال عارضة الأزياء "ألما" المرأة الشابة الجميلة التي تتطلع لحياة صاخبة ومختلفة لكنها تعيش مأساة عشق من الدرجة الأولى، معصفات زوجها مصمم الأزياء "رينولدز"، أحد أفراد عائلة كوتيور الشهيرة بتصميم وصناعة أزياء وملابس العائلات الملكية في أنحاء أوروبا، ذلك النرجسي المعتل نفسيا، والذي يبدو متكلسا ببروده القاتل، يبتسم بلا روح، ويأكل بلا شهية.
نجح أندرسون مخرج الفيلم ومؤلفه في إلقاء الضوء على طبائع النفس البشرية من خلال اختلاف طباع شخوصه، "ألما" (فيكي كريبس) التي تبحث عن الاعتراف بالحب، و"رينولدز" (دانيال دي لويس) الرافض لتغيير نمط حياته، وشقيقته العزباء "سيريل" (ليزلي مانفيل).
الفيلم حصد ثلاث جوائز أوسكار، إلى جانب جوائز وترشيحات أخرى عديدة.
المتسلل ليلا
"المتسلل ليلا" (Nightcrawler) فيلم دراما وإثارة أميركي إنتاج عام 2014، نرى فيه سارقا وضيعا، "لويس بلوم" (جيك جيلينهال)، كان يسد رمق جوعه بسرقات تافة، يجد ضالته عندما يصادف أحد المصورين يغطي حادث سيارة على الطريق، ويعرف منه أنه يبيع هذه اللقطات لوسائل الإعلام، وتلمع عيناه الواسعتان ببريق الإعجاب بفكرة تصوير ضحايا ينزفون، فيسرق دراجة هوائية غالية الثمن ويشتري كاميرا وجهاز استقبال لإشارات الشرطة ليتابع من خلاله أخبار الحوادث، ويكون أول من يصل إلى مكانها ليتلقط صورا تمثل سبقا صحفيا، لبيعها لبعض المحطات الخاصة.
ويتحول إلى وحش "هيجلي" يعيش حالة سعار دائم للحصول على اللقطة التي تدر عليه مالا أكثر دون هوادة إلى حد التضحية بمساعده الشاب وتركه للموت.
الفيلم بطولة جيك جيلنهال وبيل باكستون ورينيه روسو، تأليف وﺇﺧﺮاﺝ دان جيلروي.
الموهوب السيد ريبلي
"الموهوب السيد ريبلي" (The Talented Mr. Ripley) فيلم جريمة وإثارة أميركي، إنتاج عام 1999، وهو مقتبس من روايات الكاتبة الأميركية باتريشيا هايسميث (1921-1995)، التي اشتهرت بالكتابة في الرعب والإثارة النفسية من خلال سلسلة روايات تدور حول شخصية "توم ريبلي"، هذا الفتى السيئ للغاية رغم وسامته وذكائه،أبدع مات ديمون في تجسيد شخصيته المعقدة، واستطاع أن يصدمنا بالتناقض بين الصورة المكونة عنه في بداية الفيلم وبين ما مرت به شخصيته من تحولات نفسية خطيرة مع توالي الأحداث، حيث يبدو "توم" لطيفا وطبيعيا، ثم يبدأ في التلون شيئا فشيئا إلى حد ممارسة القتل المتسلسل بكل هدوء وثبات. كما استطاع المخرج والمؤلف أنتوني مينغيللا أن يدخلنا إلى عالم هذا الشاب الغامض ويجعلنا نتوغل فيه بذهول.
الفيلم بطولة مات ديمون وغوينيث بالترو وجود لو وكايت بلانشيت وفيليب سيمور هوفمان، وقد ترشح لخمس جوائز أوسكار.