غرفة تجارة عمان والانحياز الطبقي الأعمى
جو 24 :
محرر الشؤون المحلية - غرفة تجارة عمان تأبّطت خبراءها ومختصّيها للدفاع عن التجّار الذين تضرروا من أعمال البنية التحتية والتحويلات المرورية، المتعلقة بالباص السريع.
رئيس الغرفة خليل الحاج توفيق، أشهر التفويض الذي منحه إياه التجار للدفاع عن مصالحهم، معبّرا عن غضبة مضريّة، في سعيه لتسجيل قضايا لدى قاضي الأمور المستعجلة، بهدف تعويض أصحاب "البزنس".
صحيح أن التأخير غير المبرّر لمشروع الباص السريع، وما يتعلق به من إجراءات ارتجاليّة، تسبّبت بكثير من الأذى، ولكن هذه الأزمة هي أزمة وطن ومواطن، فكيف يتمّ اختزالها في مصالح أصحاب رؤوس الأموال، أو صغار الكسبة، وكأنهم مركز الكون الذي يدور حوله كلّ شيء؟!
هذه الورقة المحروقة التي تلعب بها غرفة تجارة عمان، لتلميع صورتها أمام ناخبيها من التجّار، تعكس بشكل سافر الانحياز الطبقي لهذه الفئة، التي لا علاقة لها بالشأن العام من قريب أو من بعيد، إلاّ عندما يتمّ المساس بمصالحها الخاصّة.. التجّار يطالبون بالتعويض، فماذا عن المواطن؟
ترى ماذا لو فعلا تمكنت غرفة تجارة عمان من انتزاع حكم قضائي لتعويض جماعتها من التجار، من الذي سيتحمّل الكلفة الماليّة لهذا التعويض؟ أليس هو ذاته المواطن الرازح تحت وطأة ضريبة الدخل؟
مجدّدا، لا يغفل أحد عن الأذى الذي ألحقه مشروع الباص السريع وملحقاته، ولكن الأذى نال شعبا بأكمله، أمّا اختزال الصورة بهذه الطريقة، وتجاهل المشهد العام، فسيجعل المواطن، المتضرّر الأول من هذا المشروع، هو من يتحمّل تبعات تعويض جلاوزة البزنس.
لننظر إلى الصورة العامّة بأدقّ تفاصيلها.. الجزء الأكبر من إيرادات الدولة المحليّة تأتي عبر ضريبة المبيعات تحديدا، وهنا تكمن معضلة غياب معايير العدالة الإجتماعيّة، التي لو تمّت مراعاتها لتحمّل هؤلاء التجّار العبء الأساسي، من خلال زيادة ضريبة الدخل، والجمارك، مقابل تخفيض ضريبة المبيعات.
ولكن رغم الدلال الذي يتمتّع به التجّار إثر سياسة ضريبية منحازة بالمطلق لمصالحهم، فها هم اليوم يفوّضون غرفة تجارة عمان، لمطاردة جيوب دافعي ضريبة المبيعات، من أجل تعويضهم على خسائر تسبّب بها مشروع الباص السريع، الذي تضرّر منه كلّ الأردنيين، وليس فقط هذه الفئة، التي لا همّ لها إلا مصالحها الخاصّة.
إذا كانت غرفة التجارة تبحث فعلا عن العدالة، فعليها تحمّل العبء الأكبر لتأمين إيرادات الدولة الضريبية، قبل مطالبة ذوي الدخل المحدود بدفع هذه التعويضات عبر ما تجنيه الدولة من ضرائب مبيعات.