نجم البحر الهش.. كيف يبصر دون عيون؟
في سبق علمي، أظهرت دراسة حديثة نشرت في دورية "كرنت بيولوجي" (Current Biology) بتاريخ 2 يناير/كانون الثاني الجاري، أن نجم البحر الهش يستخدم خدعة متقنة من التغيير اللوني تساعده على تحديد مأوى آمن له وسط الشعاب المرجانية.
الحس اللوني والإبصار
وصف الفريق الدولي -بقيادة باحثين في متحف التاريخ الطبيعي بجامعة أكسفورد- آلية جديدة للرؤية يستخدمها النجم الأحمر الهش "أوفيوكوما ويندي"(Ophiocoma wendtii)، وذلك باستخدام مستشعراته للضوء، وتغيير لونه بين الصباح والمساء، وهومايلعب دورا مهما في تمكينه من الرؤية دون عيون.
وقد خلص الباحثون إلى تصنيف نجم البحر الهش بالحيوان الثاني الذي يقدم نموذجا غريبا لنظام الرؤية دون عيون، كما أنه قادر أيضا على تمييز مناطق التباين اللونية التي تحاكي هياكل مرجانية يمكن أن تشكل مأوى يحميه من الحيوانات المفترسة.
وعلى الرغم من أن خاصية الإبصار عندها ضعيفة نسبيا، لا تضطر نجوم البحر الهشة للتدافع بحثا عن ملجأ بعيد يؤويها في تلك الشعاب المرجانية المزدحمة.
نظام بصري دون عيون
وقد فوجئ الفريق عندما وجد أن الاستجابة التي تم رصدها على مدار اليوم تختلف عن التي اختبرت ليلا، وذلك على الرغم من نشاط الخلايا الحساسة للضوء على مدار الساعة، حيث يتغير لون "أوفيوكوما ويندي" من اللون الأحمر الداكن خلال النهار إلى اللون البيج في الليل.
ثم بدؤوا اختبار العديد من العوامل التي يعتقدون أنها قد تكون سببا في ذلك التحول الكبير في السلوك ما بين الليل والنهار، مثل فقدان الحافز وانخفاض شدة الضوء مما يجعل الرؤية صعبة للغاية.
وقد اختبر الفريق أيضا نوعا آخر من النجم البحري الهش يدعى "أوفيوكوما بوميلا"(Ophiocoma pumila)، وكان مغطى بمستشعرات ضوئية أيضا، لكنه لا يملك خاصية تغير لونه بين الليل والنهار، وكانت النتيجة أنه فشل في اختبار الإبصار.
وباستخدام تقنيات متعددة، أعاد الباحثون بناء النماذج الرقمية للخلايا الفردية المستشعرة للضوء في نوعي نجم البحر الهش، ليتبين أن التصبغ باللون الأحمر الداكن قد ساهم في ضبط وصول الضوء إلى المستشعرات بزاوية حادة تتوافق مع الدقة البصرية المفترضة.
ومن دون وجود الصباغ يصل الضوء إلى المستشعرات من زاوية أوسع بكثير، مما يجعل رؤية نجم البحر الهش مستحيلة أيضا.
تجارب سلوكية
وكان "أوفيوكوما ويندي" قد استحوذ على اهتمام الوسط العلمي لأول مرة منذ أكثر من ثلاثين عاما، وذلك بسبب ذلك التغير الكبير في اللون بين النهار والليل ونفوره الشديد من الضوء.
وقد عملت الباحثة الزميلة في متحف التاريخ الطبيعي بجامعة أكسفورد لورين سومنر روني -والمهتمة بدراسة الأنظمة البصرية الغريبة- لسنوات عديدة على دراسة "أوفيوكوما ويندي"، في معهد سميثسونيان للبحوث المدارية في بنما ومتحف فور ناتوركوند في برلين.
وبالتعاون مع باحثين من متحف فور ناتوركوندي، وجامعة لوند ومعهد جورجيا للتكنولوجيا، تمكنت من إجراء مئات من التجارب السلوكية لاختبار خاصية الإبصار عند نجوم البحر الهشة. والآن تظهر هذه الدراسة أن هذا النوع من نجم البحر الهش مغطى بآلاف الخلايا الحساسة للضوء، وتساهم في كشف السلوكيات الدقيقة التي تتحكم بها.
ويعتبر نجم البحر الهش من الكائنات البحرية اللافقارية وينتمي إلى شعبة شوكيات الجلد، ويعتمد على أذرعه الرقيقة الخمسة في تنقلاته في البحر، وهي هشة سريعة العطب في حال لمسها، ويمتاز بقدرته على فصلها في حال الخطر لتتكون له أذرع جديدة أخرى بديلة.
وقد قدمت هذه الدراسة أول نظام بصري يبنى على أساس تغيير لون الجسم بالكامل، ويهدف العلماء إلى متابعة أبحاثهم للتحقق مما لو كان القنفذ البحري -الذي يعد الحيوان الأول في العالم الذي نجح في اختبار الإبصار دون عيون- يغير لونه هو الآخر كاستجابة لمستويات الضوء، في حيلة مشابهة لأفيوكوما ويندي.