في لقاء يكشف حقيقة الأزمة الأخلاقيّة.. وزير الإعلام يعجز عن التبرير
وزير الإعلام د. محمد المومني عجز عن تبرير إجراء الحكومة العرفي المتعلّق بحجب 290 موقعا اخباريّا، حيث حاول المومني الترويج لما اعتبره "ديمقراطيّة" قانون المطبوعات العرفي وإقناع الرأي العام بأن هذا القانون يجعل القضاء هو الفيصل الوحيد في أي نزاع بين السلطة والصحف الالكترونية، ولكن لدى سؤاله عن الإجراء الذي أقدمت عليه الحكومة مؤخرا، ودون اللجوء إلى القضاء، ما كان منه إلا أن تنصّل من الإجابة متشبّثاً بقوله إن "الحكومة لا تستطيع الحجب إلا بقرار قضائي" دون أن يتمكّن من تفسير ما حدث.
جاء هذا خلال حلقة بثتها قناة "الجزيرة مباشر" مساء أمس الاثنين، لتسليط الضوء على مجزرة الإعلام التي أقدمت حكومة د. عبدالله النسور على اقترافها، رغم تعهّداتها السابقة بعدم تفعيل قانون المطبوعات والنشر وبإجراء تعديلات جوهريّة عليه، حيث استضافت "الجزيرة" كلا من وزير الإعلام، د. محمد المومني، وناشر صحيفة jo24 الالكترونيّة، الزميل باسل العكور، ورئيس الاتّحاد الدولي للإعلام الالكتروني، الزميل فتحي ناطور، للحديث حول هذه القضيّة.
ولدى سؤال المومني عن تفسير منطقي لامتناع 290 موقعاً الكترونيّا عن الترخيص رفضاً لقانون المطبوعات العرفي، ومواجهته بأنّ غالبيّة المواقع الالكرتونيّة مسجّلة كشركات وغير مجهولة الهويّة، وبأن عدد كبير من ناشري هذه المواقع هم اعضاء في نقابة الصحفيين، لم يجد أمامه سوى الالتفاف على الإجابة بعد أن كان يحاول تبرير إجراء الحجب بقضية "التنظيم"، والتذرّع بأن المواقع التي قامت بالترخيص -والتي لم يتجاوز عددها ال 94 موقعا- مارست ضغوطات على الحكومة من أجل حجب المواقع ال 290 الأخرى.
المومني أضاف خلال تلك الحلقة بأن الحكومة مستعدّة للدخول بحوار مع ناشري المواقع الالكترونيّة حول ملاحظاتهم على قانون المطبوعات والنشر المعدّل، وهو ما يدعو للاستغراب، حيث تناسى وزير الإعلام أن حكومته لجأت إلى الحجب، ومضت في تفعيل ما أقرّته حكومة فايز الطراونة من تعديلات على هذا القانون دون الحوار مع أحد، بل ضربت عرض الحائط بكلّ المطالب المتعلّقة بإيجاد صيغة تنظيميّة عصريّة لا تمسّ بحريّة الإعلام، كما تجاهل المومني حقيقة أن المجلس النيابي استمع إلى مقترحات الأسرة الصحفيّة دون أخذها بعين الاعتبار، بل قام -وبسرعة قياسيّة- بإقرار القانون كما ورده من الحكومة، ولا ندري ماهيّة الاستعداد للحوار التي يتحدّث حوله الوزير !!
الزميل باسل العكور اوضح في لقاء "الجزيرة" أن ناشري الصحف الالكترونيّة لا يسعون إلى الفوضى، بل هم الأحرص على التنظيم لحماية المهنة، بمقدار حرصهم على الحقيقة وحقّ الناس في معرفتها، منوهاً في ذات السياق إلى أنّ الحكومة تجاهلت الصيغة العصريّة التي قدّمتها الأسرة الصحفيّة لتنظيم عمل المواقع الالكترونيّة دون المساس بحريّة الإعلام والإساءة لسمعة الأردن.
وأضاف العكور: "رفضنا للترخيص مرتبط بمناهضتنا لهذا التشريع العرفي الذي أعادنا سنوات إلى الخلف.. والقبول به يعني خيانة المهنة". وتابع: "إنّ النصوص التي يتضمّنها قانون المطبوعات تتيح للحكومة اقتحام مكاتب الصحافيين في أيّة لحظة، وملاحقة كلّ من الناشر ورئيس التحرير ومدير التحرير والمحرر الذي صاغ الخبر وكاتب التعليق والفنّي الذي نشر التعليق، وتحويلهم جميعا إلى المحكمة.. إنّنا نرفض هذا القانون بكليّته، ولن نقبل بالتعاطي معه بما يحقّق غايات الحكومة على حساب حريّة الرأي والتعبير وحريّة الصحافة".
وزاد: "لقد غامرنا باستثماراتنا من أجل الحريّة، وحق الناس في معرفة الحقيقة، والتعبير عن آرائهم، ونحن مستعدّون لتحمّل الكلفة، ومستمرّون في مناهضتنا لهذا التشريع العرفي، الذي لا يهدف إلى تنظيم المهنة لا من قريب ولا من بعيد، وعلى الحكومة أن تفهم أنّها لن تستطيع فرضه علينا".
وأكد العكور أن "الحريّة تعني ان من حقّ أيّ صحافي ان يفتح نافذته على العالم، وللمواطن أن يختار من أين يحصل على المعلومة، فلا يحقّ للحكومة أن تفرض على الناس صوتها فقط"، محذرا في ذات السياق من التوقيت الذي جاء قرار الحجب ليثير حوله العديد من علامات الاستفهام.
أمّا الزميل فتحي ناطور، رئيس الاتّحاد الدولي للإعلام الالكتروني، فأكد أن حجب المواقع والصحف الالكترونيّة يعكس وجود خلل أخلاقيّ، كما يكشف العقليّة الأمنيّة لدى السلطة التي أقدمت على هذه الخطوة غير المبرّرة في ظلّ ما يشهده العالم من تقدّم تكنولوجي.
وأضاف: "هناك مواقع ووكالات أنباء محترمة ولها استثماراتها، وهي ملتزمة بأخلاقيّات المهنة، ومسجّلة كشركات تجاريّة، وناشروها صحافيون معروفون، ولا ندري ما هو سبب كلّ هذه التعقيدات التي تعكس أزمة أخلاقيّة !!".
